بات يمثل استمرار تواجد القواعد العسكرية الأجنبية في سوريا، شكلاً من أشكال تثبيت نفوذ هذه القوى حتى أمد طويل في سوريا، في الوقت الذي قاربت فيه الأعمال العسكرية على الانتهاء وانحصارها في مواجهة تنظيم "داعش" وباقي الجماعات المصنفة على لوائح الإرهاب.
و مع استمرار الضربات الإسرائيلية للقواعد والنقاط العسكرية التي يعمل من خلالها النفوذ الإيراني في سوريا على زيادة تغوله في البلاد، برزت في الآونة الأخيرة عدة تقارير أشارت إلى تأسيس قواعد عسكرية جديدة للقوات الأجنبية المتواجدة على الأرض السورية، كان آخرها الأمريكية التي أسست لها قاعدة في بلدة الباغوز بمحافظة دير الزور، لتصبح القاعدة الرابعة في هذه المحافظة والتاسعة في الشمال السوري.
القواعد الأمريكية
تعمد الولايات المتحدة إلى دعم وجودها في سوريا وتكثيفه في منطقة الشمال الشرقي، وتعتبر قاعدة رميلان في محافظة الحسكة؛ أهم القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا، تليها قاعدة المالكية بريف الحسكة الشمالي الشرقي، بالإضافة إلى قاعدة تل بيدر.
فيما تقع قاعدة قسرك شرقي بلدة تل تمر، وفي ريف حلب الشمالي، توجد قاعدة عين العرب/ كوباني قرب الحدود التركية-السورية.

ثم تأتي قاعدة الرويشد، وهي قاعدة إمداد برية في منطقة مثلث البادية، وتربط محافظات دير الزور والحسكة والرقة. كذلك هناك قاعدة التنف، وتقع على المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي.
التمركز العسكري التركي
يتمثل الوجود العسكري التركي في سوريا بعدة مستويات، بين نقاط المراقبة والمعسكرات المتواجدة في مناطق نفوذ أنقرة في الشمال، فضلاً عن بعض القواعد العسكرية في المناطق الرئيسية.

القواعد الروسية
بدأت روسيا تنشر قواعدها على امتداد الأراضي السورية، انطلاقاً من قاعدتين رئيسيتين وقواعد ثانوية عديدة، في مسعى واضح منها لتثبيت تواجدها وتكريسه في المنطقة عموماً ابتداء من سوريا.

تعتبر هذه القواعد والنقاط العسكرية بؤر توتر دائمة بسبب الاستهداف المتكرر لها، سواء الثابت منها أو الذي ينشئه الحرس الثوري بشكل مؤقت أو حديث لا سيما في الشرق السوري بمحافظة دير الزور ضمن مناطق سيطرة النظام السوري، إلى جانب الاعتماد على قاعدتهم الرئيسية في ريف محافظة درعا وكذلك في ريف دمشق الغربي.

الكاتب والباحث السياسي السوري، صدام الجاسر، اعتبر في حديث خاص لـ "روزنة" حول إشكالية وجود القواعد العسكرية في سوريا، بأن هذه القواعد سيكون لها تأثير كبير في شكل الحل القادم على سوريا.
ورأى بأن دولاً مثل تركيا و روسيا، على وجه الخصوص بحكم تأثير تفاهماتهم على تطور الأوضاع، لن تتنازل عن القواعد دون مقابل، لافتاً إلى إمكانية تعقد الأمور بسبب القواعد؛ ووضعيتها القانونية.
وتابع بالقول أن "الحل السوري سيصطدم بوجود هذه القواعد، وسيكون الجميع مجبراً على الدخول في حلول جزئية بسبب تداخل مناطق السيطرة بين الدول في سوريا… برأيي الشخصي أرى أن شكل الحل لن يكون مرضياً للشعب السوري أو حتى للنظام السوري، غير أنه سيكون أفضل الموجود و الممكن للدول المتداخلة في الملف السوري".
قد يهمك: عام صعب للروس في سوريا بعد 5 سنوات من التدخل!
وبناء على ما سبق رأى الجاسر أن شكل الحل في البلاد سيكون نابعاً من توافقات الدول التي ستتفاوض على كل شيء في سوريا، وتقوم باقتسامه بحسب نسب سيطرتها، والأوراق التي تمتلكها والتي يمكن اللعب بها في سوريا أو حتى خارجها.
وأضاف بأنه بات "من المسلم به أن سوريا أصبحت أرضاً مستباحة، ولذلك نرى الدول المنخرطة فعليا في الأزمة السورية تتسابق فيما بينها لتثبيت نقاط سيطرتها، وتحت ذرائع عديدة منها محاربة الإرهاب، ومنها عدم السماح بحدوث حالات نزوح كبيرة، ومنها حماية الطرق الدولية ومنها حماية الحلفاء".
كما أشار الباحث السياسي إلى أن القواعد الجديدة التي يتم إنشاؤها أو تلك التي تم إنشاؤها سابقاً هي تعبير واضح من كل دولة للقول أنها أصبحت تسيطر على المنطقة التي تنتشر فيها قواعدها.
وختم بالقول أن "القواعد ستكون أوراق ضغط تمتلكها الدول وتفاوض عليها؛ من أجل مكاسب في مناطق أخرى أو ملفات أخرى قد تكون خارج سوريا... بذلك يمكننا القول أن هذه القواعد لها أكثر من هدف فهي من جهة تعبير صريح عن مناطق النفوذ، ومن جهة أخرى هي أوراق ضغط لتحقيق المكاسب، وقد نرى انسحاب بعض القواعد مقابل مكاسب واتفاقات تتم بين الدول".
الكلمات المفتاحية