جاءت عملية اغتيال القيادي السابق في المعارضة المسلحة بمحافظة درعا، أدهم الكراد، كأول عملية اغتيال علنية يتم تنفيذها من قبل النظام بعد عملية التسوية/المصالحة التي شهدتها مناطق الجنوب السوري في تموز عام 2018.
وعبر الأشهر الماضية لم يعترف النظام السوري بأي صلة لأجهزته الأمنية في عمليات الاغتيال التي استهدفت قيادات وعناصر في المعارضة المسلحة رفضوا مغادرة محافظتهم إلى الشمال السوري، في الوقت الذي كانت تتوجه فيه الاتهامات إلى تنظيم داعش أو قوى مسلحة مجهولة.
و لقي القيادي السابق في فصائل المعارضة أدهم الكراد برفقة أربعة آخرين مصرعهم، يوم أمس الأربعاء، جراء اغتيالهم من قبل مجهولين في ريف درعا الشمالي.
و ذكر "تجمع أحرار حوران" أنّ الكراد القيادي السابق فيما كان يعرف بـ "كتيبة الهندسة والصواريخ"، قُتل جراء إطلاق نار مباشر استهدف السيارة، التي كان يستقلها قرب بلدة موثبين شمالي درعا.
اقرأأيضاً: بعد اجتماع مع روسيا… استهداف قياديَيْن في "الفيلق الخامس" بدرعا
كما قُتل خلال العملية القيادي السابق في فصيل "أحفاد الرسول"، أحمد فيصل المحاميد، وراتب أحمد الكراد، ومحمد الدغيم، وعدنان محمود المسالمة.
وأشار التجمع إلى أن سيارة من نوع "فان" مغلقة طاردت الكراد ومن معه، وعند توقفهم في إحدى محطات الوقود، أطلقت المجموعة النار على سيارة الكراد، ما أسفر عن احتراقها، ومقتل جميع ركابها.
من الجهة المتسببة وأهدافها؟
الكاتب والصحفي، عاصم الزعبي (من محافظة درعا)، قال خلال حديث لـ "روزنة" أن اغتيال الكراد جاء بعد خلافات مستمرة بينه وبين فرع الأمن العسكري في درعا؛ ورئيسه العميد لؤي العلي بشكل خاص، وذلك على خلفية الوقفات التي كان الكراد ينظمها في درعا البلد، والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين واتهام النظام وقادته الأمنيين في درعا وعلى رأسهم اللواء حسام لوقا رئيس اللجنة الأمنية والعميد لؤي العلي بالوقوف خلفها؛ مطالبًا بضرورة إيقافها.
كما أشار الزعبي إلى الانتقاد الدائم الذي كان يوجهه الكراد إلى الطرف الروسي بصفته ضامن لعملية التسوية، واتهامه الروس بدعم النظام بشكل فاضح، فضلًا عن وقوفه في وجه التمدد الإيراني وميليشياته في الجنوب بشكل عام، بحسب تعبيره.
وتابع بأن "كل المعلومات حتى الآن تؤكد أن منفذي عملية اغتيال الكراد هم مجموعة تابعة لقسم الأمن العسكري في مدينة الصنمين؛ أي بالقرب من مكان عملية الاغتيال قرب مفترق طريق بلدة تبنة على أتستراد دمشق – درعا، وحسب المعلومات فإن الحافلة الذي طارد سيارة الكراد ورفاقه ما أدى لخروجها عن مسارها تابع للأمن العسكري، فالجهة المنفذة معروفة"، وفق حديثه.
واعتبر الكاتب السوري أن المصلحة الرئيسية في عملية اغتيال الكراد هي لكل من فرع الأمن العسكري في درعا و اللجنة الأمنية فيها، فهم الذين يشعرون أن وجود القيادي المعارض بات "عبئا ثقيلا" على مخططاتهم في المحافظة.
قد يهمك: مظاهرة في بصرى الشام بحضور الشرطة الروسية
وأما عن احتمالات وقوف عناصر النفوذ الإيراني وراء الاغتيال، رأى الزعبي أن المصلحة للأخيرة موجودة والتي تتمثل بتصفية كل قيادات المعارضة الفاعلين؛ وبخاصة المعارضين لوجودهم، بصرف النظر عن الجهة المنفذة للاغتيال.
وعن التصعيد المحتمل في المحافظة، رجّح حدوثه خلال المرحلة القريبة المقبلة، متوقعًا وقوع عمليات اغتيال أخرى تتبع اغتيال الكراد ستطال قيادات وناشطين، وأردف بالقول أنه "عادة ما يقوم النظام بمثل هذه العمليات قبل تنفيذ مخططات على الأرض".
اغتيالات لقياديين بارزين
خلال الأشهر الماضية، تم تنفيذ 3 عمليات اغتيال لشخصيات مهمة في محافظة درعا، وإن كانت ليست بالطريقة العلنية التي تم فيها اغتيال أدهم الكراد، حيث تم اغتيال ياسر الدنيفات "أبو بكر الحسن" في مدينة جاسم، القيادي فيما كان يعرف بـ "جيش الثورة" بتاريخ 13 تموز الماضي.
و كان يُعتبر الدنيفات من الشخصيات الجدلية في درعا؛ خصوصاً بعد مشاركته في لجنة التفاوض مع النظام السوري وروسيا، بعد سيطرتهم على المنطقة، و ليصبح لاحقًا أحد أعضاء ما يعرف بـ "اللجنة المركزية" المنتدبة عن أهالي منطقة الجيدور شمالي درعا.
والدنيفات من مواليد مدينة جاسم عام 1984، ومع انطلاقة المظاهرات أصبح قائداً لما عرف حينها بـ "لواء الحسن بن علي" في مدينة جاسم (ريف درعا الشمالي)، ومن ثمَ انضم إلى "جيش الثورة" مطلع عام 2016، إلى أن أصبح المتحدث الرسمي باسم "جيش الثورة".
وكان قد تعرض لمحاولة اغتيال في أواخر شهر تشرين ثاني من العام الماضي، حيث فجَّر مجهولين أيضًاعبوة ناسفة استهدفت سيارته أثناء مروره على طريق جاسم – عين التينة، إلاّ أنه نجا منها قبل أن يلقى حتفه قبل 3 أشهر.
قد يهمك: سلسلة من الاغتيالات في درعا… صراع نفوذ يُفجّر المنطقة؟
وبتاريخ 1 أيلول الماضي، اُغتيل القيادي السابق في "فرقة الحرية" بمدينة الحراك (ريف درعا الشرقي)، عبد السلام المصري الملقب بـ "الصحن".
ووفق مصادر محلية فإن المصري كان قياديًا سابقا في فصيل "شباب السنة"، وعمل مؤخراً لصالح فروع أمن النظام في المنطقة، ولديه خلافات واتهامات بالضلوع بعمليات سرقة وخطف وتعاون مع قوات النظام لاعتقال مقاتلين في المعارضة رغم حصولهم على وثيقة تسوية، بحسب موقع "تجمع أحرار حوران".
وأما بتاريخ 10 أيلول، فقد تم اغتيال القاضي في محكمة دار العدل في حوران، ورئيس محكمة الجنايات فيها محمد جمال الجلم " أبو البراء"، وفي هذه العملية كانت تشير الأدلة تشير إلى ضلوع الأمن العسكري في اغتياله. رغم أنه كان من الذين أجرَوا تسوية لوضعهم الأمني.
وأشار موقع "تجمع أحرار حوران" في تقرير نشره شهر تموز الماضي، إلى أنه ومنذ تموز 2018 ازدادت عمليات الاغتيال في درعا، وسط تكهنات عمّن يقف وراءها، لاسيّما أنّ بعض عمليات الاغتيال طالت أشخاصًا كانوا يعملون قبل إجراء التسوية في المعارضة المسلحة أو الهيئات الثورية، ورفضوا الانخراط في تشكيلات قوات النظام المنتشرة في الجنوب كالفرقة الرابعة وشعبتي المخابرات العسكرية والجوية.
وبلغت محاولات الاغتيال في محافظة درعا خلال النصف الأول من العام الحالي 214 حالة، بحسب إحصائيات "مكتب توثيق الشهداء بدرعا".
وكانت قوات النظام السوري سيطرت على محافظة درعا في شهر تموز عام 2018، بعد أن أبرمت اتفاقاً مع فصائل المعارضة برعاية روسية، نص على تسليم السلاح ووقف إطلاق النار، وخروج الرافضين للتسوية نحو الشمال السوري، أما الراغبين في البقاء قدمت ضماناً بعدم التعرض لهم.
الكلمات المفتاحية