قالت مصادر محلية لـ "روزنة" في الريف الشمالي لإدلب، أن الحملة الأمنية التي شنتها مؤخرًا "هيئة تحرير الشام" لاعتقال قيادات تتبع تنظيم "حراس الدين" في بلدة تلعادة، أدت إلى توترات عديدة في البلدة.
وذكرت المصادر أنّ "هيئة تحرير الشام" اعتقلت عددًا من النساء، في البلدة، بعد أن شتمن عناصر تابعين لـ "تحرير الشام" خلال قيامهم بالحملة الأمنية مطلع الأسبوع الجاري، وهو الأمر الذي زاد في حالة الاحتقان الشعبي ضد التنظيم المدرج على قائمة الإرهاب الدولية في البلدة.
وجاء الاعتقال بعد يوم من اعتقال نساء وبنات مختار القرية لرفضهن اعتقال والدهم من قبل دورية أمنية تابعة للهيئة، حيث فجّر عناصر الدورية عدداً من المنازل، بينهم منزل متزعم مجموعة من تنظيم "حراس الدين" و الذي قتل خلال الاشتباكات التي اندلعت في القرية على إثر العمليات الأمنية التي نفذتها الهيئة مؤخرًا.
"حراس الدين" الذي كان يتزعم غرفة عمليات "فاثبتوا" يحاول من خلالها إلى جانب باقي الجماعات الجهادية هناك، الظهور كمنافس "لهيئة تحرير الشام" التي تتخالف معها في مسائل عديدة "لا تنتهي".
ومهما كانت الظروف التي تشكّلت فيها هذه الغرفة (الشهر الفائت) فإنها ستكون بمثابة المحطة الأخيرة للجهاديين فيما يتعلق بمسألة تواجدهم بالمنطقة، وقد تُعجّل هذه الخطوة الجهود التركية في إنهاء نفوذ الجهاديين في محيط الطريق الدولي "M4"، بخاصة وأن هذا الأمر كان مسعى روسي دائم.
ويبرز في هذا المقام التساؤل حول تأثير استمرار وجود هذه التنظيمات الجهادية؛ على المناطق التي تسيطر عليها ويقطنها مئات آلاف المدنيين، وكيفية التعامل مع هذه التنظيمات خلال الفترة المقبلة في ظل إصرار روسي على استمرار الحملة في ظل وجودهم؛ مقابل رغبة تركية بعقد اتفاقات نهائية حول إدلب تسحب فتيل الصدام المباشر بينهما.
عدا عن أن العقبة الكبرى في ملف القيادات المُهاجرة للتنظيمات الجهادية في سوريا؛ تكمن في الآلية التي يمكن أن ينبني عليها حل معضلة الجماعات المهاجرة وتجنيب المدنيين السوريين أية تبعات سلبية من عمليات تفكيك تلك الجماعات.
الباحث في مركز جسور للدراسات، عرابي عرابي، أوضح في حديث لـ "روزنة" السيناريوهات المتوقعة للمنطقة في ظل تواجد التنظيمات الجهادية، معتبراً أن المآلات المقبلة على المنطقة محكومة بالخيارات العسكرية والسياسيّة لكل من الروس والأتراك.
و لفت إلى أنه وفي حال حدوث اتفاق سياسي كامل على امتداد المنطقة بين الضامنين الروسي والتركي، فإن حلّ هذه التنظيمات سيكون على عاتق الأتراك مرة أخرى، وهنا ستجد هذه التنظيمات الجهاديّة بعمومها قد باتت أمام خيارين، إما المقاومة أو التفكيك، وسينبني على هذين الخيارين تبعات كثيرة.
عرابي اعتبر أن "خيار المقاومة سيزيد من كلفة تفكيكها سواء على المدنيين الذين يعانون من التهجير والنزوح المستمر بطبيعة الحال، أو على هذه الفصائل التي ستخسر عناصرها في معارك أمام الجيش الوطني أو الجيش التركي أو قوات النظام وحلفائه".
و أما في خيار التفكيك فإن عناصر التنظميات الجهاديّة المحليّة قد تتقبّله بحسب العرض الذي سُيقدّم لهم من الجيش التركي أو الوطني، وأكمل حديثه حول معضلات التفكيك للتنظيمات الجهادية، مشيراً إلى أهم المعضلات تظهر في الفصائل والشخصيات المهاجرة، حيث أن "هذه الشخصيات المهاجرة بات لها صلات قرابة وزواج مع كثير من السوريين، كما أنّ أغلب عناصرها سيخضعون للمحاكمة في حال أعيدوا لبلادهم، مما يجعلهم أمام خيار المقاومة أو الاستسلام"، ولا يعتقد عرابي أنهم سيختارون الاستسلام.
و يبدو أن الخناق على تنظيم "حراس الدين" الإرهابي، بات يضيق أكثر على عناصره وقياداته، وذلك في ظل استمرار سياسة استهداف المنتمين إليه بمختلف مستوياتهم، حيث كانت الولايات المتحدة استهدفت خلال الفترة الماضية قيادات "حراس الدين"، وسط ترجيحات أن يكون عناصر تابعين لـ "هيئة تحرير الشام" قد عملوا على تقديم معلومات تتعلق بالمناطق التي يتواجد بها عناصر وقيادات "حراس الدين".
الكلمات المفتاحية