في رسالة سياسية قد ترسم لمتغيرات عدة في علاقات النظام السوري مع روسيا خلال الفترة المقبلة، أكد بشار الأسد أن الأموال الروسية باتت تثقل كاهل نظامه في الوقت الذي يعاني منه الاقتصاد السوري من أزمة مالية خانقة.
رئيس النظام السوري قال في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، نشرتها اليوم الخميس، أن نظامه ناقش مع روسيا قضية القروض الجديدة لكنه "ليس مستعداً بعد لأخذ قروض دون القدرة على الوفاء بالالتزامات".
وأضاف "نحن نفكر في القروض، ناقشنا ذلك مع زملائنا الروس، لكن علينا الاستعداد لمثل هذه الخطوة قبل التحدث عنها بجدية وعلى المستوى العملي".
ويمكن اعتبار تصريحات الأسد التي جاءت بعد زيارة وفد روسي رفيع المستوى مطلع الشهر الفائت، أنها تشي بسيناريو شبيه لما قام به الأسد مؤخرًا، عندما منح الروس أرضًا ومساحة بحرية في محافظة اللاذقية لصالح "قاعدة حميميم" الروسية، في إشارة إلى رغبة دمشق بمنح مزيد من الامتيازات والاستثمارات.
قد يهمك: روسيا تعلن إيقاف الدوريات المشتركة في إدلب لهذه الأسباب
وبحسب الوثيقة التي نشرتها البوابة الرسمية للمعلومات القانونية الروسية، في شهر آب الماضي، فإن الأسد وافق على نقل قطعة أرض ومساحة مائية باللاذقية إلى روسيا، بحيث تكون قطعة الأرض من أجل إنشاء مركز طبي للصحة والتأهيل لفرق الطيران الروسي.
رسالة مبطنة إلى روسيا
من ناحيته اعتبر الكاتب و المحلل السياسي، حسن النيفي، خلال حديث لـ "روزنة" أن تصريحات الأسد الأخيرة تحمل في ثناياها رسالة مبطنة إلى روسيا، يريد أن يشير من خلالها إلى أن الأسد بدأ يتململ من الابتزاز الروسي لاقتصاده المتهالك.
وتابع مردفًا "الأسد يعلم أن الروس يأخذون بالحسبان هكذا تململ، ويفهمونه على أنه تهديد غير مباشر من الأسد للذهاب كلياً إلى الحضن الإيراني… فضلاً عن ذلك يبدو أن الأسد يعلم جيدًا أن مصيره مرتبط بالتوافق الروسي الأميركي، و أن روسيا يمكن أن تقايض به بمصالحها في أي وقت، لذلك يريد أن يوحي إلى الروس بأنه ما يزال يملك أوراق قوة بيديه".
و رأى النيفي بأن بشار الأسد "يعلم قبل غيره أنه لا الروس ولا سواهم يمكن أن يقدّموا له شيئاً بوازعٍ آخر سوى وازع المصلحة، وقد رضخ بشار الأسد طيلة الفترة الماضية لابتزازات الروس التي أجهزت على الكثير من الاقتصاد السوري، وقد كان هذا الخضوع الأسدي مقابل الحفظ الروسي على نظامه، واعني التدخل الروسي المباشر منذ ايلول 2015".
قد يهمك: ما سر المباحثات الماراثونية بين تركيا وروسيا حول إدلب؟
فيما قال المستشار القانوني، المحامي علي رشيد الحسن، قال خلال حديث لـ "روزنة" حول قانونية نقل الأراضي السورية إلى روسيا، بأن هذه الاتفاقيات والتنازلات التي يوقع عليها النظام وما سبقها من اتفاقيات هي باطلة حكمًا لفقدانها شرطًا أساسيًا من شروط الصحّة وهو شرط "أهليّة التعاقد"، وذلك عملًا بمعاهدة فيينا؛ والتي تتطلب أن تكون الدولة الموقعة متمتعة بتمام الأهليّة الدوليّة، أي أن تكون الدولة تامّة السيادة على أراضيها كي تستطيع إبرام تلك الاتفاقيات أيًّا كان موضوعها.
وتابع "حيث إنّ الأسد فاقد للشرعيّة ولأهليّة التعاقد باسم الدولة السورية وكذلك هي حكومته الحالية، فهناك أكثر من 40 بالمئة من مساحة سوريا خارج نطاق سيطرتها، ولا يمكن التذرع بعضوية النظام السوري في الأمم المتحدة كونه فقد شرعيته بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011، حيث عادت الشرعيّة للشعب السوري عقب مطالبته بحق تقرير المصير".
وكان رئيس النظام السوري، أعلن مطلع الشهر الجاري، عن دعمه استمرار التواجد العسكري الروسي على الأرض السورية، معتبرًا أن هذا التواجد يضمن الأمن والاستقرار في سوريا، ويقوم أيضًا بمحاربة الإرهاب العالمي.
وخلال مقابلة تلفزيونية مع قناة "زييفردا" أشاد الأسد بالجيش الروسي، ووصفه بأنه "مجهز تقنيًا ومحترف بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، و قال الأسد أن الحكومة الروسية ستلعب دورًا آخر على الصعيد الدولي "بعد القضاء على الإرهاب"، من خلال حث المجتمع الدولي على تطبيق القانون الدولي، وفق تعبيره.
الكلمات المفتاحية