تستمر الأزمات المعيشية التي يعانيها المواطنون في مناطق سيطرة النظام السوري، ففي الوقت الذي ما تزال فيه تراوح أزمة البنزين في محلها، أضيفت عليها مؤخرًا أزمة تأمين مادة الخبز و كذلك مواجهة ارتفاع الأسعار، في ظل ارتفاع جديد لسعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة السورية.
لم تستطع حكومة النظام تبديد أي من الأزمات الاقتصادية التي تواجهها، وهي التي تذرعت مؤخرًا بأن تضاعف أزماتها تسببت به عقوبات "قانون قيصر"، لا سيما أزمة البنزين التي قال عنها الشهر الفائت وزير النفط بحكومة دمشق، بسام طعمة، والذي برر ما يعيشه الناس من مآس لا توصف؛ بالقول إن بلاده تعاني نقصا حادا في البنزين نتيجة العقوبات الأميركية المشددة ضمن إطار "قيصر".
وحول ذلك أشار الخبير الاقتصادي، يونس الكريم خلال حديث لـ "روزنة" أن استمرار أزمة البنزين في مناطق سيطرة النظام السوري تعود لأسباب عديدة، يبرز أهمها من خلال سعي النظام السوري لتعويم سعر مادة البنزين وجعل أمراء الحرب يتحكمون به.
قد يهمك: استعصاء أزمة البنزين... هل من حلول قريبة؟
وأضاف أن من الأسباب الأخرى المتصلة، هو تردي سعر صرف الليرة السورية، ما دفع الكثير من أمراء الحرب الذين يُهربّون البنزين المكرر من مناطق شمال شرق سوريا أو شمال غربها؛ عبر المعابر غير الشرعية، دفعهم إلى تخزين البنزين ومن ثم بيعه بأسعار مضاعفة.
وتابع بالقول "أمراء الحرب يحاولون رفع أسعار البنزين في السوق السوداء من أجل الحصول على العملة السورية ليتم التدخل بها بأسواق سعر الصرف في شمال سوريا، وبالتالي محاولة الحصول على الدولار من تلك المناطق؛ و سحب الفائض من الكتلة النقدية لدى المواطنين و بالتالي تخفيف التضخم".
ارتفاع أسعار و أزمة غاز!
لعل أحدث الأزمات التي بات يرزح تحتها المواطن السوري هي ارتفاع الأسعار الجنوني بالتوازي مع تدهور جديد لقيمة الليرة السورية، حيث سجلت أسعار المواد الأساسية في مناطق سيطرة النظام، ارتفاعًا بنسبة 10 بالمئة، في ظل انتشار شائعات عن زيادة قريبة في رواتب الموظفين في "مؤسسات الدولة".
وكذلك أيضًا تصاعدت حدة أزمة الغاز هناك، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الأسطوانات في "السوق السوداء"، يقودها تجار وموزعو غاز، كما تبع ذلك ارتفاع فاحش في أسعار مأكولات المطاعم، بحجة ارتفاع أسعار الغاز.
ووصل سعر تبديل اسطوانة الغاز الصناعي الخاصة بالمطاعم، في السوق السوداء، إلى 35 ألف ليرة، فيما لا يزيد سعرها المحدد عن 6 آلاف، بحسب صحيفة "الوطن" المحلية.
و ذكر الخبير الاقتصادي من دمشق، عمار يوسف، في تصريح للصحيفة إن "شراء الغاز بأسعار مرتفعة يتم تحميله على المواد المباعة كالشاورما، والفلافل، ومختلف أسعار السندويش".
اقرأ أيضاً: موجة جوع تضرب السوريين… ما علاقة انتخابات مجلس الشعب؟
بينما واصل سعر صرف الليرة السورية تراجعه أمام الدوﻻر اﻷمريكي، في افتتاح تعاملات اليوم الجمعة، وبلغ سعر صرف الليرة بدمشق، أمام الدولار الواحد، 2260 ل.س شراء، 2290 ل.س مبيع، وفي إدلب، بلغ سعر الصرف، 2270 ل.س شراء، و2300 ل.س مبيع.
واعتبر الباحث الاقتصادي، أدهم قضيماتي، خلال حديث لـ "روزنة" أن النظام السوري يحاول إجراء تقليص الفجوة الكبيرة بين سعر صرف المركزي وسعر صرف السوق السوداء، بعد نداءات من كل الطبقات السورية من أجل معالجة الانهيار المتلاحق لليرة السورية، والذي تسبب بارتفاع غير مسبوق في الأسعار و أدخل البلاد في حالة تضخم اقتصادي خانق.
و أشار إلى أن الأسباب التي أدت إلى أن تكون قيمة الليرة السورية أقل بكثير من سعر السوق السوداء، ما هو إلا نتيجة لما تعرض له الاقتصاد السوري من دمار وإرهاق خلال الـ 10 سنوات الماضية.
فيما رأى الباحث الاقتصادي، د.فراس شعبو، أن الليرة السورية في طريقها إلى التهاوي بشكل مستمر، سواء مع تطبيق عقوبات "قانون قيصر" أو بدونها.
قد يهمك: هل تدفع أزمة الليرة السوريين إلى المقايضة بدلا من الشراء؟
و لفت خلال حديثه لـ "روزنة"، إلى أن الأيام المقبلة على سوريا ستكون "أياماً سوداء" على النظام أو على الاقتصاد السوري.
وتابع "إذا تم فرض جزء من عقوبات قانون قيصر على البنك المركزي و المؤسسات المالية العامة في سوريا فإن ذلك سيكون كارثية، فجميع العقوبات السابقة كانت تفرض على أشخاص أو على مؤسسات خاصة التي كانت تدعم النظام، وعندما تطال العقوبات مؤسسات الدولة وبشكل أساسي البنك المركزي فهذا مؤشر خطير جدا، فالمصارف عصب الاقتصاد فإذا ضرب هذا العصب شُلّ الاقتصاد تماماً".
هذا و ارتفعت خسائر الاقتصاد السوري خلال عامين بنحو 150 مليار دولار، إذ قدّر "المركز السوري لبحوث السياسات" إجمالي الخسائر خلال تسع سنوات من الحرب، بنحو 530 مليار دولار، منها أكثر من 65 ملياراً جراء تضرر 40 في المائة من البنية التحتية.
ورفع التقرير الذي أصدره المركز السوري، من نسبة الفقر في البلاد التي حددتها مؤسسة "World by map" خلال دراستها السنوية حول الفقر في دول العالم، من 82 بالمئة إلى 86 بالمئة، مقدّراً عدد النازحين واللاجئين بنحو 13 مليوناً من أصل عدد السكان البالغ 22 مليوناً.
الكلمات المفتاحية