مؤتمر بروكسل الرابع لدعم سوريا… هل تصل المنح المالية لمستحقيها؟

مؤتمر بروكسل الرابع لدعم سوريا… هل تصل المنح المالية لمستحقيها؟
أخبار | 08 يوليو 2020 | مالك الحافظ

مثّل تزامن انعقاد مؤتمر بروكسل الرابع "دعم مستقبل سوريا والمنطقة" افتراضياً عبر شبكة الانترنت، مع دخول عقوبات قانون "قيصر" حيز التنفيذ ضد النظام السوري والمتعاملين معه، مثّل نقطة مداولات محورية فندها المسؤولون الغربيون ومنهم الجانب الأميركي الذي حضر فعاليات المؤتمر. 


المؤتمر الذي اختتم أعماله في الثلاثين من شهر حزيران الفائت (انطلق في 22 حزيران) وتعهد فيه ممثلو الدول المانحة بتقديم 6.9 مليار يورو للسوريين، وهو الرقم الذي اعتبرته مصادر خاصة لـ "روزنة" لا يتوازى وحاجات السوريين وذلك بعدما تزايدت معاناتهم في ظل الأزمة العالمية لفيروس "كورونا المستجد"، فضلاً عن مشكلتين رئيستين يعاني منها اللاجئون أولهما أن التعهدات المالية التي تم تقديمها خلال السنوات الماضية لم يتم الالتزام بأكثر من نصفها، فضلا عن أن أكثر من ثلثي الأموال الواصلة إلى المجتمعات المستضيفة لا تذهب لمصلحة اللاجئين السوريين. 

خلال الجلسة الختامية لمؤتمر بروكسل، الذي ترأسه الاتحاد الأوروبي بمشاركة الأمم المتحدة، التي حثت المانحين الدوليين في بداية المؤتمر على جمع نحو 10 مليارات دولار.

وأشار مفوض إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي، جانز ليناريتش، إلى أن الحاجة للمساعدات الإنسانية حول العالم ازدادت بسبب جائحة "كورونا"، معرباً عن امتنانه للمانحين لتعهدهم بدفع 6.9 مليارات يورو لدعم اللاجئين السوريين، ما يعادل 7.7 مليارات دولار.

وأوضح بأن قيمة التعهدات للعام الحالي بلغت 4.9 مليارات يورو، فضلا عن 2 مليار يورو للعامين المقبلين، علاوة على تعهد مؤسسات التمويل الدولية بتقديم قرض بقيمة 6 مليارات يورو من أجل التنمية.

ما الذي ميّز المؤتمر الرابع عن النسخ السابقة؟ 

الأكاديمية السورية، د.ناهد غزول عضو غرفة دعم المجتمع المدني عن الأردن (شاركت في فعاليات مؤتمر بروكسل الرابع) قالت لـ "روزنة" أن أجواء اجتماعات المؤتمر كانت "جيدة و ناجحة"، على اعتبار أن هذا الاجتماع أفسح المجال ولأول مرة ضمن أروقة بروكسل لأن يحصل لقاء سوري افتراضي جمع السوريين من كافة الجغرافيات، من داخل سوريا، ومن دول الجوار (الأردن، أربيل، لبنان، تركيا)، "الحضور من داخل سوريا كان أكثر من خارجها".

وأوضحت بأن "اللقاءات التحضيرية رعتها رابطة الشبكات السورية، واستطاعت أن تقدم حلقات عمل عبر واتساب ولقاءات افتراضية عبر تطبيقات متعددة وخرجنا من خلالها بأوراق عمل مشتركة". 

قد يهمك: المجتمع المدني السوري.. ولادة من رحم السياسة!

وأردفت "ما يميز بروكسل 4 عما سبقه أنه تزامن مع فرض عقوبات قيصر إضافة إلى أزمة كورونا و الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها دول الجوار التي تستضيف اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي في سوريا وافتقار المواطنين لأدنى مقومات الحياة… هناك فقدان لمئات آلاف فرص العمل بالنسبة للسوريين في بلاد اللجوء لذلك، وهذا ما زاد الحاجة لأي دعم مالي يمكن أن يقدم من أجل السوريين". 

وتابعت "نسخة هذا المؤتمر لأول مرة يطرح فيها محاور مثل محور العدالة والذي لم يتم طرحه سابقا… ضمن اللقاءات الافتراضية كان هناك لقاء مع مسؤول العقوبات الأوروبية وتحدث بشكل مستفيض… دائما كان هناك ضمن الطروحات أن عقوبات قيصر لم تسقط نظاما، و لماذا تفرض وهي لن تؤثر على هيكلية الحكم، و إنما ستؤثر على الشعب السوري من الناحية الغذائية والدوائية، كان الجواب يأتي بأن كل من يخبركم بأن هذه العقوبات تمس الغذاء الدواء فهو كاذب ومراوغ". 

وأشارت غزول خلال حديثها إلى أن الدعم المالي هذه السنة كان أقل من السنوات السابقة، متسائلة حول كيفية توزيع هذه الموارد، موضحة بأن هذا الأمر "غير واضح، و تبقى سياسات دول… أيضاً هل تلتزم هذه الدول بالتعهدات المالية التي أقرت بتقديمها، ففي فترات سابقة يتم التعهد بتقديم منح مالية سخية جدا و لكن بالنهاية لا يصل أكثر من نصف هذه المنح، فهل سيكون الداعمين جادين ويحترمون كلماتهم ويقدموا المنح المالية المتعهد بها، هذا الشيء الذي يجب أن نعرفه في فترة لاحقة". 

أمور غير مرضية 

وبيّنت غزول أن أكثر النقاط المزعجة بحق الوجود السوري في المؤتمر، هو الحضور الهزيل للسوريين في الجلسة الختامية (30 حزيران) أمام الوزراء، "لقد أرسلوا رسائل متلفزة لكن وجود حي مباشر لم يكن حاصلاً". 

وكذلك نوهت إلى عدم وجود أي من الندوات والنقاشات بين السوريين المشاركين في مؤتمر بروكسل الرابع وبين الحكومات التي يتواجد على أراضي بلادها اللاجئين السوريين، وتابعت "هذا أتاح بالنسبة لممثلي حكومات تلك الدول أن يتحدثوا عن أمور غير موجودة على أرض الواقع على الإطلاق، و بالمقابل لم يتم إتاحة مجال لأي رد من السوريين". 

وأردفت بالقول "لقد تم تصوير أن السوريين في لبنان يُقدّم لهم أفضل أنواع التعليم والخدمات الصحية، للحظة اعتقدت بأن المواطن اللبناني بات يحلم أن يكون لاجئ سوري… المبالغ التي طُلبت مبالغ خيالية جدا من أجل دعم بقاء اللاجئ السوري على أراضي دول الجوار، وهنا يبرز التساؤل لما لم يتم السماح لنا كحضور سوري عن المجتمع المدني بأن نرد على ما يقوله ممثلو حكومات تلك الدول". 

وتساءلت غزول حول أسباب عدم وجود آليات رقابة على طرق صرف الأموال، "من هو الذي يراجع وراء الدولة المستضيفة للاجئ السوري، فيما إذا كان قد تم صرف هذه المنح المالية على اللاجئين السوريين أم أنها كانت جائزة ترضية أعطيت من أجل أن تسكت هذه الدول عن بقاء اللاجئين على أراضيها، و تمنع وصولهم إلى أوروبا". 

قد يهمك: غرفة المجتمع المدني السوري تطالب الأمم المتحدة بـ"دور رقابي" في العملية السياسية

وشددت على ضرورة وجود سياسات مراجعة ومحاسبة تعتمد على فرق استقصائية تابعة للدول المانحة تقوم بالتقصي الميداني، من أجل معرفة مصير المنح المالية؛ فيما إذا كانت هذه الأموال تعمل على تحسين مستوى اللاجئين في دول الجوار، وتحول دون عمالة الأطفال وتزيد من التعليم النوعي وخدمات الطبابة تكون بشكل مقبول. 

وأضافت في سياق متصل "لا دواء يُغطّى للاجئين في أغلب الحالات، و لا حتى عمليات مستعجلة، أو إعانات غذائية أو إعانات في أجور السكن حتى للعائلات الأشد حاجة أو يتم إجراء إعادة تقييم لمن يتم تقديم الدعم لهم، حتى تصل الحاجة فعلا إلى محتاجها. وتساءلتُ في دولة مثل الأردن لايسمح بترخيص منظمات سورية كيف سيتم تقديم دعم المنحة المخصص للاجئين وماهي الآليات؟ هذه أسئلة لم يجب عليها أحد من القائمين على مؤتمر بروكسل، وهنا نتساءل أين دور المفوضية وكم من المال تم تخصيصه للمفوضية؛ هذا الشيء لا نعرفه… المعروف أن جزء كبير من المال الذي يُخصص يذهب كرواتب وهذه الرواتب ربما تفوق نسبة 60 بالمئة… يبقى جزء يضيع بين الهدر و الفساد، ويبقى أخيراً حوالي 10 بالمئة يعطى للمجتمع المضيف لتمكين الطبقة الهشة، والجزء الأخير من النسبة الأقل يذهب للاجئين السوريين". 

وختمت د.ناهد غزول حديثها بأن الحل الواجب تطبيقه من أجل إنهاء المعاناة للاجئين السوريين ويخفف من تأثيرات الأزمة الاقتصادية الخانقة هو تطبيق الحل السياسي في سوريا، مشيرة إلى أنه "هو الحل الوحيد الذي يريح الجميع، سواء كان لدول الجوار أو للمعاناة في الداخل، حتى من ناحية تقديم الدعم فهناك فرق بين دعم مستدام ودعم مستمر... حينما يتم تقديم دعم مستمر يذهب إلى حيث لا نعلم، أما حينما يكون الدعم مستدام فيتم تقديم الدعم للسوري في بلده فكل مشروع يتم تمويله قابل للتطوير والتوسعة وقابل للعمل و البناء عليه، وهذا الأمر غير متحقق بظل غياب العملية السياسية أو أي تقدم في الجهود الدبلوماسية". 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق