حسابات روسيّة جديدة في مواجهة إيران بسوريا؟

حسابات روسيّة جديدة في مواجهة إيران بسوريا؟
تحليل سياسي | 04 يونيو 2020
مالك الحافظ - روزنة|| في تطور يشي بأن مرحلة روسية جديدة طرأت على الملف السوري وسط تزاحماً للتطورات والأحداث التي تُعدّها موسكو، نقلت وسائل إعلام روسية يوم أمس، تقارير أشارت إلى بروز مؤشرات توتر جديد مع دمشق بسبب تغاضي الأخيرة عن عودة قوات تابعة لإيران إلى مناطق حيوية كان قد تم الاتفاق سابقا بين موسكو ودمشق على تقييد وصول هذه القوات إليها.

ووفقاً للمعطيات؛ فإن موسكو كانت طلبت من الجانب السوري وضع قيود على الوجود الإيراني في هذه المنطقة، خصوصاً بعد تعرض مطار دمشق لضربات جوية عدة من جانب إسرائيل. 

وتوحي المؤشرات أن موسكو تكون قد انتقلت لمواجهة بمستوى أعلى مع النفوذ الإيراني بعد تعيين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمبعوث خاص له في دمشق، الكسندر يفيموف. 

في الأثناء تجددت التوترات الروسية-الأميركية في مناطق شمال شرق سوريا مساء أمس، حيث أخلت القوات الروسية صباح اليوم الخميس، مدرسة قرية "قصر ديب" في منطقة المالكية، واتجهت إلى القامشلي، بعد توتر مع القوات الأمريكية يوم أمس الأربعاء. بعدما كان الروس يسعون لإقامة قاعدة لهم في المنطقة هناك.

الربح والخسارة!

ولقراءة الحسابات الروسية خلال الفترة المقبلة في سوريا سواء في النظر إلى التواجد الإيراني وكذلك ملف شرقي الفرات، يشير الكاتب المتخصص في الشؤون الروسية، طه عبد الواحد، خلال حديث لـ "روزنة" بأن الخلاف بين موسكو و دائرة حكم النظام حول الوجود الإيراني في سوريا؛ هو استياء روسي من عدم التزام النظام السوري للجانب الروسي الصالة الزجاجية في مطار دمشق الدولي. 

ويتابع في حديثه مشيراً إلى عدم إمكانية "التجاهل بأن مطار دمشق الدولي هو عقدة نقل ومواصلات رئيسية سواء في المعنى الاقتصادي أو غيره وحتى السياحي... هناك تقارير تتحدث عن مشاريع روسية بعيدة المدى لاستثمار مطار دمشق والاستفادة سياحيا من سوريا، وربما تكون هناك مشاريع لبناء استثمارات سياحية". 

اقرأ أيضاً: روسيا تمرر مشروع "الفيدرالية السورية"... هل تنجح في ذلك؟

فيما يلفت بخصوص التحكم الروسي بالنفوذ الإيراني في سوريا، بأن موسكو تريد التأكيد لواشنطن و تل أبيب فيما يتعلق بتعهداتها لضمان أمن إسرائيل و عدم السماح للإيرانيين بالتوسع في سوريا، متابعاً بالقول "هذا يخدم في الوقت ذاته المصلحة الروسية في أن تكون لها اليد العليا في سوريا، و إن كان هناك دور للإيرانيين فأن يكون تحت المظلة الروسية".

و أما عن مناطق شمال شرق سوريا، واحتدام التوتر هناك وكيفية تجاوز الروس للعقبات في المنطقة خلال الفترة المقبلة، يرى عبد الواحد أن الوضع "سيكون ساخناً، ولكن لا استبعد في النهاية أن يجد الروس و الأمريكان حلولاً مشتركة وتقاسم مصالح و ما إلى ذلك، و إلا فإن الملف السوري سيكون أمام مواجهة عقبة جديدة وهي التنافس على شمال شرق سوريا بين الأمريكان و الروس".

الروس يسعون لحماية مصالحهم؟

من جانبه ينظر الكاتب و المحلل السياسي، درويش خليفة، بأن المشهد الذي كانت تسيطر عليه روسيا قد انقلب بعد 5 سنوات من القتال الروسي لدعم وحماية النظام السوري. 

ويردف خلال حديثه لـ "روزنة": "باتت موسكو تميل لتسوية و انهاء الصراع ولكن بالمقابل دائماً ما يتعارض طرحها مع تواجد النفوذ الإيراني، وهذا ما يعيق وصول المنح والمساعدات المالية المتعلقة بإعادة الإعمار والتي تنتظرها موسكو، ولكنها لن تأتي في حال بقيت عناصر ذلك النفوذ على الأراضي السورية".

كما يُنوه بأن الروس لا يرون مستقبل لاستثماراتهم وما استطاعوا تحصيله من حكومة دمشق ليسدوا فاتورة الحرب التي كلفتهم الكثير خلال السنوات الماضية، لافتاً إلى أنهم لن يستطيعوا تحقيق مكاسبهم في ظل التواجد الإيراني.

ويختم بالقول أن "على الأسرة الدولية أن تضغط على النظام لجره إلى المفاوضات والعمل على تطبيق القرار الدولي 2254 ".

قد يهمك: كرة لهب يقذفها الاتحاد الأوروبي تجاه روسيا في الملف السوري

يذكر أن الرئيس الروسي كان وقّع في الـ 25 من شهر أيار الفائت، على مرسوم تعيين ألكسندر يفيموف، مبعوثاً خاصاً له لتطوير العلاقات مع سوريا، إلى جانب مهامه كسفير لبلاده بدمشق. 

وجاء في نص المرسوم، أن "تعيين السفير المفوض فوق العادة لروسيا الاتحادية لدى الجمهورية العربية السورية، ألكسندر يفيموف، مبعوثاً خاصاً لرئيس روسيا الاتحادية، لتطوير العلاقات مع الجمهورية العربية السورية، على أن يدخل المرسوم حيز التنفيذ من تاريخ توقيعه". وكان يفيموف قد تم تكليفه سفيراً لروسيا بدمشق منذ تشرين الأول عام 2018.

تعيين يفيموف يجعله ثالث مبعوث لموسكو في الشؤون المتصلة بالوضع السوري، حيث سبقه إلى ذلك كل من ميخائيل بوغدانوف (المبعوث الخاص لبوتين إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا)، و الكسندر لافرينتيف (المبعوث الخاص لبوتين إلى سوريا)، ولعل بعض التقديرات قد تذهب للتحليل الأقرب للدقة حينما نقول أن يفيموف يأتي كذراع سياسية قوية لبوتين بشكل مباشر، بعد تنحية الملف السوري خلال الفترة المقبلة عن كل من وزارتي الخارجية أولاً (لافروف وزميله بوغدانوف) والدفاع ثانياً (شويغو ورجل الاستخبارات لافرنتيف). 

ولعل يفيموف (المختص في الشؤون الاقتصادية) قد يكون مسؤولاً عن الملف الاقتصادي في مرحلة إعادة الإعمار والتي يمكن أن تدخل خلال الفترة المقبلة، فضلاً عن رعاية الاستثمارات الروسية في سوريا التي توسعت كثيراً وشملت مختلف القطاعات الاقتصادية في سوريا.وهذا بالضبط لا يلغي دور يفيموف من التجهيز للمرحلة السياسية المقبلة ما قبل وبعد الانتخابات الرئاسية المقبلة 2021. ولكن دوره بالتأكيد لن يكون كما أشاعت بعض القراءات المستعجلة حول أن مسألة تعيينه لا تفسر إلا أنها "محاولة انتداب"، قد تُمهد لمرحلة جديدة في سوريا عبر تعيين "مندوب سامي". 

وكانت صحيفة "دوار" التركية كشفت أن لروسيا حساباتها الخاصة في سوريا، مضيفة أن فكرة تغيير رئيس النظام السوري بشار الأسد ما زالت بعيدة، وأشارت الصحيفة إلى أن التدخل العسكري الروسي في سوريا، قادها إلى التدخل في العديد من المجالات داخل سلطة النظام السوري.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق