مسعود حامد || استعادت فرنسا الطفلة تيميا البالغة من العمر 7 سنوات، قبل بضعة أيام من مخيم الهول في شمال شرقي سوريا.
لم تكن لهذه الفتاة التي ولِدَت في موطنها الأصلي فرنسا الحظ كمثيلاتها من الأطفال، فمرض القلب لازمها منذ الصغر وإجرائها لعمليتان في قلبها جعلها فريسة سهلة للحياة، فضلاً عن إقامتها في مخيم يقبع فيه ما يقارب 65 ألف شخص معظمهم من عائلات مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" داعش.
تقول والدة تيميا، الفرنسية الجنسية، والبالغة من العمر 34 عاماً، عن ابنتها الصغيرة:"في بداية هجرتنا لم تشعر تيميا بشيء، كانت طبيعية، ولكن بعد مرور أقل من عام بدأت حالتها تسوء كثيراً، بعد الرعب الذي عشناه والهروب من منطقة إلى أخرى والخوف والقلق خاصة بعد فقدان التنظيم لمعاقله الأخيرة هجين، وهنا ساءت حالة ابنتي جداً، ولم أكن أعرف حينها ماذا أفعل نظراً للظروف التي كانت تحيطني والتي افتقدت للأمان"
عاشت تيميا طفولة مأساوية، تارة بين المرض وتارة بين الخوف الذي لاحقها، وفي الـ 27 من شهر شباط 2019 ، أي قبل شهر تقريباً من نهاية تنظيم داعش جغرافياً، انتقلت تيميا ووالدتها إلى مسكنهم الجديد، في مخيم الهول، 45 كم شمال شرق سوريا بضواحي محافظة الحسكة، المخيم الذي كان يفتقر للكثير من المقومات، وخاصة الصحية منها، نتيجة إهماله من قبل المنظمات الدولية، مما جعل من قاطنيه فريسة سهلة للجوع والمرض وفي أغلب الأحيان الموت.
وعن فترة مكوثها في المخيم تقول والدة تيميا: "في المخيم فقدت ابنتي الكثير من قواها، كانت تضعف يوماً بعد يوم أمام عيني، كانت ُمُزَّرَقَة دائماً، لم تعد قادرة حتى على اللعب مع الأطفال أكثر من خمسة دقائق دون التعب، كانت تنهار صحياً يوماً بعد يوم، الأمر الذي لاحظه كل من يراها".
أخذت قصة الطفلة الفرنسية تيميا حيّزاً في الصحافة الفرنسية والعربية، وتضامنت معها منظماتٌ دولية لكي يتم استعادتها لوطنها الأم فرنسا ومعالجتها نظراً لوضعها الصحي الحرج، ومن تلك المنظمات منظمة العفو الدولية، ومحامون بلا حدود. الأمر الذي أكدته من جهتها وزارة الخارجية الفرنسية والتي أشارت أيضاً إلى أن استعادتها لم يكن بالأمر السهل في ظل إجراءات العزل بسبب جائحة كورونا.
ويعيش القاطنون في مخيم الهول من السوريين، وعائلات مقاتلي تنظيم داعش حياةً صعبة جداً، حيث الخيم تُغمر بالماء في فصل الشتاء مما يعرّض الأطفال للإصابة بالعديد من الأمراض، الأمر الذي يحدث أيضاً في فصل الصيف حيث الحرارة العالية، وعدم وجود ما يقيهم منها فيما تبقى الأمهاتٌ عاجزاتٌ عن إرضاع أطفالهن لعدم حصولهن على ما يكفي من الغذاء.
ومن جهته يقول ممثل اليونيسف في سوريا فران إكيثا، حول زيارة قام بها لمخيم مخيم الهول عام2019 "لم يحظ آلاف الأولاد والبنات في مخيم الهول بفرصة أن يكونوا بكل بساطة أطفال، إنهم أطفال قبل كل شيء، من حقهم الحصول على كامل الرعاية والحماية والاهتمام والخدمات، الأطفال غير مرغوب بهم، مجتمعاتهم تعيرهم، وحكوماتهم تتجنبهم".
ويعيش أكثر من 65 ألف شخص في مخيم الهول، معظمهم من الأطفال والنساء، ويعتقد الكثيرون من المتطّلعين على وضع هذا المخيم، أنه كارثةٌ إنسانية بالإضافة إلى أنه أشبه بتنظيم مصغّر للدولة الإسلامية داعش، نظراً لتعاليم وأفكار داعش التي تدرّس في المخيم، ذلك التنظيم الذي انتهى جغرافيا إلا أنه لا يزال متواجداً فكرياً وعلى وجه الخصوص في مخيم الهول كقنبلة موقوتة الانفجار.
الكلمات المفتاحية