مالك الحافظ - روزنة|| قد تتجاوز المسؤولية المباشرة للضابط في المخابرات العامة السورية أنور رسلان، مقتل ما لايقل عن 58 معتقلاً، وتعذيب أكثر من 4 آلاف معتقل، احتجزتهم جدران الفرع 251 أو ما يعرف بـ "فرع الخطيب" بمدينة دمشق، غير أن إجراءات محاكمة رسلان في مدينة كوبلنس الألمانية قد يترقبها آلاف من السوريين الذين ذاقوا مرارة تلك التجربة؛ بنظرة تختلف عن باقي السوريين المنتظرين لتجريم رسلان كواحد من أدوات النظام التي ارتكبت جرائماً ضد الإنسانية بحق المعتقلين السوريين.
محاكمة رسلان التي يعقد عليها الكثير من السوريين الآمال بأن تكون خطوة أولى لتطبيق العدالة بحق مرتكبي الجرائم والانتهاكات في سوريا، يُنظر إليها من زاوية أخرى بعض ممن واجه مآسي الاعتقال من تعنيف جسدي ونفسي بشيء من الغبن؛ بسبب شكل المحاكمة التي يلقاها رسلان وهو الذي كان في سوريا خلال عامي 2011-2012 يتسلم أحد أقسى الفروع الأمنية التي تتولى تعنيف المعتقلين وتوجه لهم التهديد بالتصفية وكثير منهم ممن لم تكن عائلته تملك المال يلقى أغلظ الأيمان بأن يمضي بقية عمره في المعتقل بمقابل اختفاء مصيره بشكل تام عن ذويه.
لونا وطفة، وهي صحفية سورية تقيم حالياً في ألمانيا، بقيت في المعتقل لمدة عام في فترة ترأس أنور رسلان؛ قسم التحقيقات في "فرع الخطيب"، تروي لـ "روزنة" معاناتها في فترة اعتقالها بدمشق، وتؤكد بأن محاكمة رسلان لا يمكن مقارنتها ولا حتى لواحد بالمئة بما مرّت به في معتقلات النظام.
تتساءل وطفة وهي ترى المسؤول عن تعذيبها في المعتقل يحاكم اليوم، هل العدالة تكون أن يمر رسلان بما مررنا به إن كنا أنفسنا ضده؟، لتجيب "لا أعتقد ذلك، من الطبيعي الشعور بالغضب أو التخوف من حكم مخفف لكن علينا جميعاً أن ندرك أننا حين نتعامل مع أعدائنا من المهم بمكان ألا نتحول لأشخاص تشبههم".
كما توجهت خلال شهادتها إلى من تشارك معها معتقل "فرع الخطيب" بالقول "إلى الذين يشعرون بالغبن أقول أن الثورة بدأت بالحقوق الأساسية، الحرية والكرامة، ولا يمكن أن تنتهي بانتقام العين بالعين".
زنزانة رسلان في ألمانيا بمثابة فندق لمعتقلي سوريا
بينما تقول الصحفية رنا الزين، وهي الأخرى معتقلة سابقة في "فرع الخطيب"، بأن أنور رسلان محظوظ، على اعتبار أنه قد تم طلبه إلى المحكمة بموجب أوراق رسمية، بينما كاد مصيرها أن يكون مجهولاً قبل خروجها من سوريا؛ حينما لجأ عناصر الفرع إلى خطفها من أحد الشوارع بمدينة دمشق من خلال كمين نصبوها لها.
وتضيف الزين "كنت في زنزانة لم تتجاوز المتر بمترين، كان عليّ طرق الباب في أوقات دوام السجان لاذهب واقضي حاجتي، لكنهم نسيوا أن يعطوني ساعة لأعرف الوقت فالسجن تحت الأرض لا يدخله الضوء".
اقرأ أيضاً: مخابرات الأسد في المحكمة الألمانية
تصف حجم معاناة الاعتقال خلال ساعات الليل الطويلة فتقول "زنزانتي كانت رطبة وباردة؛ وعندما طالبت بغطاء ثاني ثار غضب السجان وزميله واعطوني بطانية تفوح منها رائحة بولهم الوسخ… في أول جلسة تحقيق هددني الضابط وقال لي؛ أنتِ فتاة اعترفي ولا تجبرينا على استخدام أساليب اخرى و فهمك كفاية".
وتتابع "رسلان اليوم يمتلك حق حضور المحامي في جلسات التحقيق، موجود في زنزانة تكفل حقه كإنسان بالاكل و الشرب و الاستحمام… زنزانته هي فندق أمام ماعشناه في سوريا، أنا كان يمكن أن أموت ولا يدري عني أحد… بقدر ما هو مهم تحقيق العدالة لكن الحياة منحته عدالة أفضل".
فيما تقول وطفة "لم يكن المحقق الذي عذبني في فرع الخطيب هو أنور رسلان، لكن مجرد استذكار المكان وسماع نفس أساليب التعذيب هناك ورؤية وجهه الذي يشبههم جميعاً قد أثار في نفسي الكثير من المشاعر المتناقضة".
خطوة جيدة لتأسيس العدالة؟
المحامي غزوان قرنفل، اعتبر بأن مسار المحاكمات الجارية في أوروبا لرموز القمع في سوريا ما هي إلا خطوة مهمة وبالاتجاه الصحيح، كي لا تتكرس ثقافة الإفلات من العقاب، وكذلك من أجل إبقاء ملف المحاسبة والمساءلة حي دائماً.
وأشار إلى أن في هذه الخطوة تحد للجهود التي حاولت تعزيزها روسيا وكذلك حتى المبعوث الأممي السابق إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، حيث كانت توجهاتهم تدعو إلى عدم وضع ملف المساءلة ضمن أي سياق لأنه وبحسب زعمهم سيفشل العملية السلمية في سوريا.
قرنفل أضاف خلال حديثه لـ "روزنة" بأنه وبدون "محاسبة ومساءلة في سوريا لن تستقيم الأمور ولن يبنى سلام مستدام… نحن نثني على الجهود التي تبذلها منظمات حقوقية سورية في أوروبا بالتعاون مع مراكز ومؤسسات حقوقية أوروبية؛ للاستفادة من بعض القوانين في بعض الدول الأوروبية التي تنص على ولاية عالمية لمؤسساتها القضائية، من أجل المحاسبة عن الجرائم المصنفة كجرائم حرب أو جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية".
قد يهمك: فنجان قهوة عند العقيد أنور رسلان
بينما اعتبرت لونا وطفة، من جانبها بأن محاكمة رسلان هي خطوة "بسيطة جداً" مقابل تاريخ الانتهاكات في سوريا، وزادت بالقول "لا يمكن الوصول إلى كل مرتكبي الجرائم في سوريا بالوقت والظروف الحالية، ولازال الأفق ضبابياً بشأن احتمالية وجودها في سوريا، بل وتحقيق العدالة بأيدي سوريّة".
قرائن إدانة
طوال 18 عاما، عمل أنور رسلان في المخابرات السورية، وفق ما أفاد محقق من الشرطة الجنائية الألمانية، ولم يخف المتهم ماضيه منذ لجوئه إلى ألمانيا، وإنما أعلم رجال الأمن في مركز شرطة ببرلين بماضيه، وذلك عند تقدمه بطلب حماية في شباط 2015، عقب حوالي خمسة أشهر من وصوله إلى البلاد.
في ذلك الوقت؛ شعر رسلان أنه "مهدد من طرف عناصر مخابرات سوريّين" بسبب التحاقه بالمعارضة في المنفى بعد انشقاقه في كانون الأول، وفق ما أفاد المحقّق الألماني. و انكبّ المحققون على بحث مسار هذا الرجل الذي له شارب ويحمل شامة مميّزة تحت عينه اليسرى، وخلال تحقيق الشرطة الجنائية معه لمرتين، قدم "معلومات واسعة ومتنوعة" حول أنشطته السابقة.
شرح رسلان عمليات الفرع "251" الذي نال في صفوفه "ترقية في كانون الثاني 2011 إلى أعلى رتبة"، وخاصة تنفيذ عناصر منه عمليات "إيقاف تعسفيّة".
أكد الضابط السوري السابق أنه تمت "ممارسة العنف أيضا خلال التحقيقات"، وفق المحقق الألماني الذي شرح في شهادته مختلف أساليب التعذيب في ذلك السجن، لكن، غيّر رسلان ولاءه، وفرّ من سوريا مع عائلته لينضم إلى المعارضة، حتى أنه شارك في مفاوضات السلام بجنيف عام 2014، وحصل على تأشيرة لألمانيا من سفارتها في عمّان.
محاكمة رسلان التي يعقد عليها الكثير من السوريين الآمال بأن تكون خطوة أولى لتطبيق العدالة بحق مرتكبي الجرائم والانتهاكات في سوريا، يُنظر إليها من زاوية أخرى بعض ممن واجه مآسي الاعتقال من تعنيف جسدي ونفسي بشيء من الغبن؛ بسبب شكل المحاكمة التي يلقاها رسلان وهو الذي كان في سوريا خلال عامي 2011-2012 يتسلم أحد أقسى الفروع الأمنية التي تتولى تعنيف المعتقلين وتوجه لهم التهديد بالتصفية وكثير منهم ممن لم تكن عائلته تملك المال يلقى أغلظ الأيمان بأن يمضي بقية عمره في المعتقل بمقابل اختفاء مصيره بشكل تام عن ذويه.
لونا وطفة، وهي صحفية سورية تقيم حالياً في ألمانيا، بقيت في المعتقل لمدة عام في فترة ترأس أنور رسلان؛ قسم التحقيقات في "فرع الخطيب"، تروي لـ "روزنة" معاناتها في فترة اعتقالها بدمشق، وتؤكد بأن محاكمة رسلان لا يمكن مقارنتها ولا حتى لواحد بالمئة بما مرّت به في معتقلات النظام.
تتساءل وطفة وهي ترى المسؤول عن تعذيبها في المعتقل يحاكم اليوم، هل العدالة تكون أن يمر رسلان بما مررنا به إن كنا أنفسنا ضده؟، لتجيب "لا أعتقد ذلك، من الطبيعي الشعور بالغضب أو التخوف من حكم مخفف لكن علينا جميعاً أن ندرك أننا حين نتعامل مع أعدائنا من المهم بمكان ألا نتحول لأشخاص تشبههم".
كما توجهت خلال شهادتها إلى من تشارك معها معتقل "فرع الخطيب" بالقول "إلى الذين يشعرون بالغبن أقول أن الثورة بدأت بالحقوق الأساسية، الحرية والكرامة، ولا يمكن أن تنتهي بانتقام العين بالعين".
زنزانة رسلان في ألمانيا بمثابة فندق لمعتقلي سوريا
بينما تقول الصحفية رنا الزين، وهي الأخرى معتقلة سابقة في "فرع الخطيب"، بأن أنور رسلان محظوظ، على اعتبار أنه قد تم طلبه إلى المحكمة بموجب أوراق رسمية، بينما كاد مصيرها أن يكون مجهولاً قبل خروجها من سوريا؛ حينما لجأ عناصر الفرع إلى خطفها من أحد الشوارع بمدينة دمشق من خلال كمين نصبوها لها.
وتضيف الزين "كنت في زنزانة لم تتجاوز المتر بمترين، كان عليّ طرق الباب في أوقات دوام السجان لاذهب واقضي حاجتي، لكنهم نسيوا أن يعطوني ساعة لأعرف الوقت فالسجن تحت الأرض لا يدخله الضوء".
اقرأ أيضاً: مخابرات الأسد في المحكمة الألمانية
تصف حجم معاناة الاعتقال خلال ساعات الليل الطويلة فتقول "زنزانتي كانت رطبة وباردة؛ وعندما طالبت بغطاء ثاني ثار غضب السجان وزميله واعطوني بطانية تفوح منها رائحة بولهم الوسخ… في أول جلسة تحقيق هددني الضابط وقال لي؛ أنتِ فتاة اعترفي ولا تجبرينا على استخدام أساليب اخرى و فهمك كفاية".
وتتابع "رسلان اليوم يمتلك حق حضور المحامي في جلسات التحقيق، موجود في زنزانة تكفل حقه كإنسان بالاكل و الشرب و الاستحمام… زنزانته هي فندق أمام ماعشناه في سوريا، أنا كان يمكن أن أموت ولا يدري عني أحد… بقدر ما هو مهم تحقيق العدالة لكن الحياة منحته عدالة أفضل".
فيما تقول وطفة "لم يكن المحقق الذي عذبني في فرع الخطيب هو أنور رسلان، لكن مجرد استذكار المكان وسماع نفس أساليب التعذيب هناك ورؤية وجهه الذي يشبههم جميعاً قد أثار في نفسي الكثير من المشاعر المتناقضة".
خطوة جيدة لتأسيس العدالة؟
المحامي غزوان قرنفل، اعتبر بأن مسار المحاكمات الجارية في أوروبا لرموز القمع في سوريا ما هي إلا خطوة مهمة وبالاتجاه الصحيح، كي لا تتكرس ثقافة الإفلات من العقاب، وكذلك من أجل إبقاء ملف المحاسبة والمساءلة حي دائماً.
وأشار إلى أن في هذه الخطوة تحد للجهود التي حاولت تعزيزها روسيا وكذلك حتى المبعوث الأممي السابق إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، حيث كانت توجهاتهم تدعو إلى عدم وضع ملف المساءلة ضمن أي سياق لأنه وبحسب زعمهم سيفشل العملية السلمية في سوريا.
قرنفل أضاف خلال حديثه لـ "روزنة" بأنه وبدون "محاسبة ومساءلة في سوريا لن تستقيم الأمور ولن يبنى سلام مستدام… نحن نثني على الجهود التي تبذلها منظمات حقوقية سورية في أوروبا بالتعاون مع مراكز ومؤسسات حقوقية أوروبية؛ للاستفادة من بعض القوانين في بعض الدول الأوروبية التي تنص على ولاية عالمية لمؤسساتها القضائية، من أجل المحاسبة عن الجرائم المصنفة كجرائم حرب أو جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية".
قد يهمك: فنجان قهوة عند العقيد أنور رسلان
بينما اعتبرت لونا وطفة، من جانبها بأن محاكمة رسلان هي خطوة "بسيطة جداً" مقابل تاريخ الانتهاكات في سوريا، وزادت بالقول "لا يمكن الوصول إلى كل مرتكبي الجرائم في سوريا بالوقت والظروف الحالية، ولازال الأفق ضبابياً بشأن احتمالية وجودها في سوريا، بل وتحقيق العدالة بأيدي سوريّة".
قرائن إدانة
طوال 18 عاما، عمل أنور رسلان في المخابرات السورية، وفق ما أفاد محقق من الشرطة الجنائية الألمانية، ولم يخف المتهم ماضيه منذ لجوئه إلى ألمانيا، وإنما أعلم رجال الأمن في مركز شرطة ببرلين بماضيه، وذلك عند تقدمه بطلب حماية في شباط 2015، عقب حوالي خمسة أشهر من وصوله إلى البلاد.
في ذلك الوقت؛ شعر رسلان أنه "مهدد من طرف عناصر مخابرات سوريّين" بسبب التحاقه بالمعارضة في المنفى بعد انشقاقه في كانون الأول، وفق ما أفاد المحقّق الألماني. و انكبّ المحققون على بحث مسار هذا الرجل الذي له شارب ويحمل شامة مميّزة تحت عينه اليسرى، وخلال تحقيق الشرطة الجنائية معه لمرتين، قدم "معلومات واسعة ومتنوعة" حول أنشطته السابقة.
شرح رسلان عمليات الفرع "251" الذي نال في صفوفه "ترقية في كانون الثاني 2011 إلى أعلى رتبة"، وخاصة تنفيذ عناصر منه عمليات "إيقاف تعسفيّة".
أكد الضابط السوري السابق أنه تمت "ممارسة العنف أيضا خلال التحقيقات"، وفق المحقق الألماني الذي شرح في شهادته مختلف أساليب التعذيب في ذلك السجن، لكن، غيّر رسلان ولاءه، وفرّ من سوريا مع عائلته لينضم إلى المعارضة، حتى أنه شارك في مفاوضات السلام بجنيف عام 2014، وحصل على تأشيرة لألمانيا من سفارتها في عمّان.
الكلمات المفتاحية