من فندق صح النوم، أطلت النجمة السورية الراحلة نجاح حفيظ على العالم، كسيدة برجوازية، اختارت أن تكوي بنار حبها غوار الطوشة، وتكتوي هي أخيراً بحب حسني بوراظان.
"فطوم حيص بيص" قدّمت الفن على شكل دراما وسينما أكثر من 50 عاماً، وختمت مسيرتها في عام 2013، قبل أن تقول لجريدة الأنباء الكويتية "لا أمتلك شيئاً أعطيه غير فني" ثم توفيت في عام 2017، تاركة مسيرة حب للناس كلها وليس فقط للبوراظان.
لصاحبته "فطوم حيص بيص"
لنجاح حفيظ، ولادتان، الأولى في عام 1941، بحي الصالحية وسط دمشق، والثانية في عام 1974، عندما اختارها المخرج السوري خلدون المالح لأهم دور في حياتها الفنية، أمام شخصيتين كبيرتين هما "دريد لحام ونهاد قلعي".
"صح النوم" لم يكن مسلسلاً عادياً، كانت نجاح حفيظ صاحبة الفندق الذي سمي باسم المسلسل، ووقعت فيه مقالب غوار الطوشة، وسافر فيه حسني بوراظان إلى عالم الشهرة بألحانه.

لحقها اسم "فطوم" عشرات الأعوام بعدها، حتى قالت في أحد اللقاءات بأنها لا تدخل مطعماً أو مكاناً عاماً إلا ويبدأ الناس بغناء "فطوم فطوم فطومة"، تلك الأغنية التي قدمها ساخراً وشاكياً ومولهاً غوار الطوشة لها.
اقرأ أيضاً: زكرتي الشام.. محطات من حياة الراحل رفيق سبيعي
عالم السينما أولاً
قبلها كانت نجاح حفيظ أمام أعمال سينمائية عديدة منذ عام 1960، عندما شاركت في فيلم "الليالي الملتهبة" برفقة الممثلة السورية نهاد علاء الدين المعروفة باسم "إغراء" ثم فيلم لعبة الشيطان عام 1966. قبل عام واحد من انضمامها إلى نقابة الفنانين السوريين.
وأفلام أخرى في الستينيات والسبيعينيات من القرن الفائت كـ"خياط للسيدات، اللص الظريف، الثعلب ،امرأة تسكن وحدها، زواج بالإكراه، ملح وسكر، غراميات خاصة، غوار جيمس بوند، النصابين الخمسة، العندليب، أموت مرتين وأحبك ، زواج على الطريقة المحلية".
هي فترة كان فيها نشاط السينما في سوريا ملحوظاً وخاصة في مجال القطاع الخاص الذي أنتج جميع الأفلام التي شاركت فيها نجاح حفيظ، كما صرّحت سابقاً لجريدة البيان الإماراتية.

إلى التلفزيون بعد غياب
غابت نجاح حفيظ بشكل واضح في ثمانينيات القرن الفائت، في وقت بدأت الأعمال السينمائية تقل على حساب زيادة الأعمال التلفزيونية، وهو ما جعل حفيظ تعود إلى التلفزيون بقائمة من المسلسلات في تسعينيات القرن الفائت.
من مسلسلاتها "هجرة القلوب إلى القلوب، الزاحفون، درب التبان، نهاية رجل شجاع.."
الأم التي لم تلد
تحوّلت السيدة العاشقة في "صح النوم" إلى أم بارعة في مسلسلات عديدة، يبدو أبرزها مسلسل البقعة السوداء عام 2010، وهو الأقرب إلى قلبها حيث إنها كان أماً لشابين، زفت الأول شهيداً في ليلة عرسه، والثاني كان يريد السفر للخارج من أجل بناء حياته، الحدث الذي جعل حفيظ تفقد وعيها لمدة ربع ساعة بعد أن رأت ابنها يزف شهيداً، كما قالت حفيظ في مقابلةٍ أجرتها مع جريدة الأنباء الكويتية.
لكنها أيضاً السيدة التي أتقنت أدواراً أخرى لعل من أحدها تلك الاجتماعية الكوميدية، كما في مسلسلات " أبو جانتي، أبو المفهومية، مرزوق على جميع الجبهات، كل شي ماشي".
وأيضاً أدوار البيئة الشامية، كما في "الخوالي – الدبور 2"، وغيرها الكثير من الأدوار في ما يزيد عن 50 مسلسلات شكّلت مسيرة حياتها.
اقرأ أيضاً: خالد تاجا… أنطوني كوين العرب
الغائبة بأمر "أحد ما"
تنتهي المسيرة الفنية لنجاح حفيظ عند عام 2013، لكن قبل ذلك بـ 5 أعوام كانت معظم الأدوار التي تحصل عليها مجرد أدوار ثانوية، وهو ما تقول عنه في مقابلتها الأخيرة مع صحيفة الأنباء عام 2015 "منذ ما يقارب 8 أعوام لم أقدم دوراً مهما من خلال مسلسل أو حتى إذاعة، وهكذا سنة بعد سنة أجد «نجاح حفيظ» وحيدة بين الجدران الباردة، علما أنني أرى أعمال درامية سورية ناجحة وتناسبني وكأنها كتبت خصيصاً لي ولأمثالي من الفنانات القديرات".
فوجئت حفيظ، كما تقول، بأن هنالك من كان يروّج عنها بأنها خرجت من سوريا، دون أن تدري السبب.
هكذا حتى خرجت هي من سوريا، نحو السماء عام 2017، من دون حتى جنازة تليق بها، عندما حضر أقل من 10 فنانين تشييعها، وغاب رفيق الدرب دريد لحام، ونقيب الفنانين زهير رمضان، واكتفى النقيب بالرد حين مواجهته بالتقصير "هي (نقابة الفنانين) من رتبت أمور طبابتها ودفعت تكاليف علاجها".

الكلمات المفتاحية