هل تُوقف الولايات المتحدة مواجهة خلايا داعش؟

هل تُوقف الولايات المتحدة مواجهة خلايا داعش؟
أخبار | 13 فبراير 2020
يبدو أن التحذيرات المتكررة والصادرة عبر عدة تقارير غربية خلال الشهور الماضية، فيما يتعلق بتمكين تنظيم "داعش" من معاودة أنشطته الإرهابية في سوريا؛ باتت في طريقها للتحقق في الفترة القريبة المقبلة. 

التحذيرات الغربية والتي كان يعتبرها متابعون بأنها صادرة بالأساس عن أجهزة استخباراتية ليس غرضها تحذيري بقدر ما كانت تهدف إلى أن ترسل إشارات غير مباشرة إلى إفساح مجال للانتعاش الإرهابي في المنطقة المشتعلة. 

وقررت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إعادة تخفيض المبالغ المالية المقدمة لوزارة الدفاع والتي يتم صرفها في حملة مكافحة تنظيم "داعش" ودعم استقرار المناطق التي دحر منها التنظيم الإرهابي. 

هذا و سيؤثر القرار على تمويل قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، بحيث سيتم خفض الأموال المقدمة لهذه القوات إلى الثلث مقارنة مع ميزانية العام الماضي، وليصل إلى 200 مليون دولار. 

اقرأ أيضاً: داعش إلى الواجهة من جديد... هل يستطيع إعادة بناء نفسه؟

ومن المفترض أن يتم صرف المبالغ المالية "للمساعدة في توفير الأمن، في مناطق واسعة تم تحريرها، والتصدي للتهديد المستمر (لتنظيم داعش)، ومنعه من الظهور مرة أخرى، والمساهمة في تهيئة العوامل التي تحقق الاستقرار على المدى الطويل".

ويقول "البنتاغون"، إن الميزانية الجديدة "ستعزز القدرات الأمنية لشركاء الولايات المتحدة الذين يواجهون داعش لتأمين الأراضي المحررة ولمواجهة التهديدات المستقبلية من خلال تدريب وتجهيز القوات الشريكة".

هل ستتأثر "قسد"؟

الكاتب والمحلل السياسي، حسين عمر، قال خلال حديثه لـ "روزنة" أن القرار لن يؤثر على "قسد" كقوة في مواجهة خلايا الإرهاب النائمة، مشيراً إلى وجود مخصصات مالية ضمن ميزانية الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، تصرف لاحتياجات "قسد"، سواء أكانت لشراء الأسلحة والمعدات العسكرية أو رواتب عناصرها. 

إلا أنه أشار إلى أن تبعات القرار الأميركي قد تعني التأثير على المشاركة الفعالة للقوات الأميركية في دعم ومساعدة ومساندة "قسد" في معركتها ضد الإرهاب في المنطقة. 

وتابع "قسد ستستمر في معركتها دون أن يؤثر عليها القرار الأميركي ودون أن تتباطأ أو تخف زخم حملاتها ضد تلك الخلايا".

وكان تقرير لهيئة أميركيّة مستقلة، أشار إلى الأسبوع الفائت، أن تنظيم "داعش" الإرهابي، حافظ على قدراته في سوريا، رغم مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي على يد القوات الأميركيّة. 

وجاء في تقرير مكتب المفتش العام في البنتاغون (وهو هيئة مستقلة مكلفة تحقيقات داخلية)، أن مقتل البغدادي أواخر السنة الماضية في عملية للقوات الخاصة الأميركية في سوريا، لم يؤثر على قدرات التنظيم الإرهابي.

قد يهمك: خليفة البغدادي يوجّه أول رسائله إلى واشنطن… والأخيرة ترد

وقُتل البغدادي في عملية للقوات الخاصة الأميركية في محافظة إدلب في 27 تشرين الأول الماضي، وأعلن التنظيم تعيين أبو إبراهيم الهاشمي القرشي خلفًا له.

وقال التقرير نقلًا عن القيادة الأميركية الوسطى المسؤولة عن القوات الأميركية في الشرق الأوسط، إن تنظيم داعش "حافظ على لحمته، مع هيكلية قيادة بقيت على حالها وشبكات سرية في مدن وتواجد في غالبية المناطق الريفية في سوريا".

عمر رجّح خلال حديثه إلى وجود جهات خارجية لها أيادي خفية في تحريك بقايا داعش من الأفراد والخلايا النائمة، مشيراً إلى أن " الجهات التي تعادي قسد ولا تريد الأمن والاستقرار وبالتالي السلام لسوريا؛ هي من ستبقى تعمل على تحريك الإرهاب ودعمه". 

وختم بالقول "قسد قوة عسكرية لها مناطق انتشار وتوزيع وحركة؛ كما أن لها مخططاتها العسكرية تعتمد على موارد المنطقة؛ لا على مخصصات الولايات المتحدة؛ التي هي بالأساس رمزية لقسد واستعراضية أكثر مما تكون حقيقة... هناك خلط بين مخصصات القوات الأميركية في شمال شرق سوريا ومخصصات قسد، وهو ما يعطي الانطباع بأن قسد ستتأثر في حال تقليل أو ايقاف الدعم المالي الأمريكي".
 
من يحرّك داعش ويموله؟

بينما قال عضو هيئة العلاقات الخارجية في حزب الإتحاد الديمقراطي في أوروبا؛ دارا مصطفى، خلال حديث لـ "روزنة" أنه وبعد سقوط عاصمة خلافة داعش و دحر التنظيم في آخر معاقله في مدينة الباغوز و قتل خليفة داعش أبو بكر البغدادي، فمن الطبيعي أن يتغير أسلوب الحرب من الحرب المفتوحة و المواجهة المباشرة؛ إلى الحرب الأمنية و ملاحقة الخلايا التي تحاول إعادة تنظيم و رص صفوفها لإعادة إحياء التنظيم الإرهابي، بحسب رأيه.

واعتبر أن التغير في طبيعة الحرب؛ من الحرب المفتوحة ذات التكاليف الكبيرة نتيجة تحريك آلاف العربات و آلاف الغارات الجوية و انتشار عشرات آلاف المقاتلين على جبهات واسعة؛ سيدفع حقيقة إلى انخفاض التكلفة المالية، غير أنه لفت إلى عدم إمكانية تقييم حجم التخفيض المالي. 

كما لفت إلى أن التنظيم مازال يملك القاعدة الشعبية المتأثرة بالخطاب الإسلامي لـ "داعش"، وتابع بالقول: "ما زالت القوى الخارجية الداعمة لداعش كتركيا؛ وهو ما يهدد بعودة التنظيم إلى الحياة خلال أيام فقط من أي انسحاب دولي من هذه الحرب، لذا أعتقد أنه رغم تحديد مبلغ الحرب على التنظيم في ميزانية وزارة الدفاع الأميركية؛ إلا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تدهور الأوضاع و اللجوء إلى الحرب المباشرة هو أمر وارد في ظل التدخلات الإقليمية الداعمة لداعش".
من جانبه، قال الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، عمرو فاروق، أن تنظيم داعش لديه مصادر تمويل عدة، ومن بينها العملة الرقمية "البيتكوين" والذهب الخام،  قد تمكنه من استعادة قوته خلال الفترة المقبلة. 

اقرأ أيضاً:  التحالف الدولي يستهدف عناصر يتبعون داعش و حراس الدين 

 و كشف الباحث المتخصص خلال حديث خاص لـ "روزنة" عن عدد من العوامل التي تساعد في بقاء تنظيم داعش، رغم الضربات المتلاحقة التي تعرضها لها من قبل قوات التحالف الدولي، وسقوط مشروع "دولته" وخسارته الفادحة للجغرافية السياسية المتمركز فيها داخل سوريا والعراق.

وأشار فاروق، إلى أنه وفي مقدمة تلك العوامل، يأتي الدعم المالي، حيث يعتمد تنظيم داعش على مصادر تمويل متعددة تمكنه من الاستمرار في المواجهة، وإعادة ترتيب هيكله التنظيمي، حتى لو سقط مشروع دولته على أرض الواقع، وفق تقديره. 

وأوضح بأن داعش يجيد الاتجار بالعملة الرقمية "البيتكوين"، كما أن التنظيم كان استحوذ على كميات كبيرة من الذهب الخام التي استولى عليها من المناجم السورية والعراقية، فضلاً عن تمكنه من الاحتفاظ بكميات من الأموال التي حصل عليها نتيجة الاتجار في المواد النفطية، وقام بتحويل عائدها لبعض دول أوروبا، عبر وسطاء، وذلك بعيدا عن التجميد والمصادرة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق