الفقر يصل إلى مستويات مخيفة في سوريا... ما علاقته بالدولار؟

الفقر يصل إلى مستويات مخيفة في سوريا... ما علاقته بالدولار؟
أخبار | 05 سبتمبر 2019

في ظل الانهيار التاريخي لسعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، أصدرت مجلة "الإيكونوميست" تقريراً تذّيلت فيه دمشق قائمة مدن العالم الملائمة للعيش لعام 2019، لتكون بذلك أسوأ مدينة في العالم  للعيش فيها، تزامناً مع حالات انتحار نتيجة الفقر في سوريا.

 
 وبحسب تقرير "الإيكونوميست" أمس الأربعاء، فإن دمشق تذيلت القائمة، حيث بقيت العاصمة السورية في أدنى مستويات التصنيف خلال الـ 7 سنوات الأخيرة، تليها لاغوس في نيجيريا، ومن ثم دكا في بنغلادش، بينما تصدرت العاصمة النمساوية فيينا للعام الثاني على التوالي قائمة أكثر المدن الصالحة للعيش في العالم.
 
وتعتمد المجلة البريطانية في تصنيفها على عوامل عدة مثل مستويات المعيشة ومدى انتشار الجريمة والبنية التحتية والنقل، إضافة إلى عوامل أخرى كحصول السكان على التعليم والرعاية الصحية والاستقرار السياسي والاقتصادي.

وقال الدكتور أسامة قاضي رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا لـ"روزنة": إن "الشعب السوري في مناطق نفوذ النظام يعيش كارثة اقتصادية مثل أيام الحرب العالمية الأولى (السفر برلك)، إذ سحقت الطبقة الوسطى حتى كادت تنعدم".

وأضاف أنه "لو أخذنا في الاعتبار أن الحد الأدنى لدخل الأسرة السورية  يجب أن يكون  ١٠٠ ألف ليرة، فيما  متوسط مداخيل الأسر يحوم حالياً يحوم حول مبلغ 50 ألف ليرة سورية، نجد أن أكثر من ٩٠ في المائة من الشعب السوري تحت خط الفقر".

وأشار قاضي إلى أن الأرقام الرسمية بناء على تقديرات غير واقعية للحد الأدنى لمستوى الأمن الغذائي بأن ٣٤ في المئة فقط من السوريين فقط "آمنين غذائياً" ما يعني أن ثلثي السوريين في منطقة نفوذ النظام غير آمنين غذائياً. 

وانخفضت قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي منذ يومين بشكل حاد لتصل إلى أدنى مستوياتها في السوق السوداء، بحسب نشرة "سيريا ريبورت" الاقتصادية، حيث بلغ سعر صرف الدولار الثلاثاء 650 ليرة سورية، ليعود اليوم إلى 514 ليرة مقابل كل دولار.

وأوضح قاضي أن واقع التضخم جامح، إذ وصل سعر صرف الليرة السورية الى 650  ليرة سورية، بمعنى أن متوسط دخل الأسرة البالغ 50 ألف بات يعادل 76 دولاراً شهرياً، بينما كان متوسط دخل الأسرة بين  250-300 دولار شهرياً، الأمر الذي يأخذ العمال والموظفين والمهنيين والمعلمين والطبقة الوسطى عموماً إلى قعر الطبقات المعوزة والأشد فقراً، ويجعل من سوريا بلداً غير ملائم للعيش وطارد للحياة مهما بالغ إعلام النظام في بث روح الإيجابية و "النهوض الاقتصادي" من خلال رافعة سخيفة، على حد وصفه، مثل "معرض دمشق الدولي" الذي وقعت سوريا خلاله اتفاقيات "مهمة" مع القرم وروسيا البيضاء وأوسيتيا الجنوبية !
 
 
اقرأ أيضاً: أب يبيع ابنه في حلب "ماعندي قدرة أطعمي ابني"
 
وتبلغ نسبة السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر 83 في المئة، كما تبلغ نسبة السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا 33 في المئة بحسب تقرير أصدرته الأمم المتحدة في شهر آذار الفائت عن الاحتياجات الإنسانية في سوريا لعام 2019.
 
وقدّر التقرير الأممي أن 11.7 مليون سوري بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية المختلفة كالغذاء والمياه والمأوى والصحة والتعليم، حيث أوضحت البيانات أن العدد الأكبر من المحتاجين إلى المساعدات يعيشون في حلب تليها دمشق ومن ثم إدلب، بينما عدد المحتاجين إلى المساعدة في أماكن يصعب الوصول إليها يبلغ أكثر من مليون سوري.
 
الارتفاع الكارثي في الأسعار نتيجة انخفاض قيمة الليرة السورية دفع أحد الآباء منذ أيام في مدينة حلب إلى عرض ابنه البالغ من العمر تقريباً 7 سنوات، للبيع في أحد أسواق المدينة.
 
وذكرت صفحة "شبكة أخبار حي الزهراء في حلب"، أن رجلاً في سوق باب جنين وسط المدينة صرخ بأعلى صوته عارضاً ابنه للبيع قائلاً: "ياناس كرمال الله أنا مابقى أقدر أطعمي ولادي، يلي بيقدر وبدو ياخد ابني، المهم يطعميه ويأمن له أكله وحياته، .. ابني نشيط وبساعدكم بكل شي".

 قد يهمك: تردي الأوضاع المعيشية يدفع السوريين إلى "الانتحار" (فيديو) 

كما دفع الفقر والحاجة إلى لقمة العيش إحدى الفتيات، تبلغ من العمر  12 سنة،  إلى الانتحار من على جسر الرئيس في العاصمة دمشق إلى الأرض، بحسب ما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي.
 
بينما قال رئيس الهيئة العامة للطب الشرعي زاهر حجو لموقع "هاشتاغ سوريا" إن "فتاة سقطت من أعلى جسر الرئيس، موضحاً أن سبب الوفاة هو السقوط الذي أدى إلى إصابة دماغية، بينما لم يُعرف إذا كان السقوط عن طريق الخطأ أو عمداً.
 
واشتكى المذيع في التلفزيون السوري حسين السلمان من تردي الأوضاع المعيشية في منشور على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، قائلاً: "أنا لا أخرج من بيتي لضعف حيلتي المالية، فراتبي لا يكفي لمعيشتي مع عائلتي 3 أيام، وضعف حيلتي المعنوية بسبب مسؤول بليد متسلط جائر فاشل يحكمني في عملي، ولضعف إيماني بتغير الحال"
 
وسجلت الهيئة العامة للطب الشرعي في سوريا 59 حالة انتحار، بينها 27 امرأة و11 قاصراً، خلال العام الحالي، في سوريا ماعدا دير الزور والرقة والحسكة وإدلب، لأسباب مختلفة، وفق تقرير نشرته صحيفة الوطن مطلع تموز الفائت
 
وأوضح  زاهر حجو المدير العام لهيئة الطب الشرعي في سوريا، إن دمشق سجلت 14 حالة انتحار، و في حمص 9 حالات، وفي حلب 8 حالات، وفي كل من طرطوس والسويداء 5 حالات، وفي اللاذقية 4 حالات.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق