الأخطاء الطبية في سوريا... حالات تتكرر في غياب القانون

الأخطاء الطبية في سوريا... حالات تتكرر في غياب القانون
أخبار | 27 مايو 2019

في كافة مجالات الحياة تقع هنالك نسبة للخطأ مهما حاولنا تداركه، يكون الخطأ في أحيان قابلا للتدارك وفي أوقات أخرى يكون مميتاً.

المجال الطبي مثله مثل بقية المجالات المهنية؛ تحدث الأخطاء فيها لأسباب عدة؛ سواء كانت بسبب إهمال طبي أو يكون الإهمال بسبب المريض نفسه، و أحياناً يكون نتيجة للممارسة بحد ذاتها؛ فيطلق عليها العامة خطأً طبياً ملقين اللوم على الكادر الطبي.

ما هي الأخطاء الطبية؟

يُعرّف الخطأ الطبي علمياً بأنه الخطأ الذي يتم ارتكابه نتيجة عدم دراية أو نقص الكفاءة لدى الكادر الطبي، ويكون أحياناً نتيجة لتطبيق وسائل علاجية جديدة، أو تفضيل إنقاذ المريض على نتائج العلاج، و تحصل في سوريا سنوياً أخطاء طبية قد تكون قاتلة؛ أو قد تخلف مشاكل أو عاهات عند صاحبها.

الشاب مضر.ي تحدث لـ "راديو روزنة" عن الخطأ الذي عاناه في المجال الطبي، حيث يقول: "عندما توجهت لأحد الأطباء في اختصاص (أذن-أنف-حنجرة) لإجراء تعديل في انحراف الوتيرة، كانت النتائج التي حصلت عليها نتائج كانت قاتلة".

وأضاف: "عانيت بعد العمل الجراحي من إنتان ما بعد العمل الجراحي وبعد علاجه، عند نزع الجبيرة لاحظت ميلاناً كبيراً في الأنف وعند مراجعة الطبيب نفسه عرض علي إعادة العملية وإصلاح العيب، لكنني رفضت خوفاً مما قديحصل فيما بعد، فلم أعد أثق بما قد يفعله معي".

وبعد توجه مضر لطبيب آخر في مجال التجميل لإصلاح مايمكن إصلاحه؛ اكتشف أن الطبيب أزال غضروف ذروة الأنف؛ ما اضطره لإجراء ثلاث عمليات خلال سنتين لإصلاح التنفس والتشوهات.


الطبيب الذي أجرى العملية لـ مضر قال أنه كثيراً ما يتعرض لمثل هذه الحالات فيضطر لإصلاح ما قام غيره بتشويهه ولا يستطيع دوماً إصلاح أخطاء غيره.


وعند سؤاله عن مشاكل الأخطاء الطبية، أوضح بأنها واردة في مجال العمل الطبي والجراحي خاصة، حيث يحصل كثير من المضاعفات خلال العمليات تدفعهم للعمل سريعاً للحفاظ على حياة المريض بالدرجة الأولى "كارتفاع الضغط المفاجئ خلال العملية أو تسرع القلب وغيرها من المشاكل".

هذا بالنسبة لأخطاء الأعمال الجراحية، أما بالنسبة للعلاج في العيادات أو سريرياً في المشافي، قال الطبيب ممدوح.و في حديثه لـ "روزنة"، وهو أخصائي في الباطنية العامة "الداخلية العامة"؛ بأن قسماً من الأخطاء الطبية تعود للمريض نفسه واختلاف تجاوبه مع العلاج والأدوية، وقسماً آخر يعود للكادر الطبي نفسه الذي يتغاضى بقصد أو دون قصد عن إجراءات ضرورية للمريض و لعلاجه.

اقرأ أيضاً: 3 آلاف عملية تجميل شهرياً في سوريا ولا رقابة على الأطباء!

كما يجدر الذكر هنا؛ عن أشهر حادثة حصلت في مدينة اللاذقية عام 2016؛ حينما دخلت فتاة في العشرينيات من عمرها لإجراء عمل جراحي في مستشفى "الدرّاج" الخاص في اللاذقية وخلال المباشرة بعملية التخدير دخلت الفتاة في غيبوبة استمرت لما يزيد عن ستة أشهر، وبعد مشادات كلامية بين إدارة المستشفى وأهل المريضة نقلت القصة إلى وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المحلي.

ألقي اللوم آنذاك على طبيب التخدير؛ عقيل خدام، ليتبين فيما بعد أن الفتاة كانت تعاني من حالة صرع لم تخبر بها أحداً، ما يعني أن هذا الخطأ الطبي لم يكن بسبب الكادر الطبي ولكن بسبب المرض الذي أخفته الفتاة ولكن حصل ماحصل!.

بينما وفي مستشفى خاص آخر "و لخصوصية الحالة نتحفظ على ذكر اسمه" في مدينة جبلة دخل مريض ليأخذ علاجاً لالتهاب في الطرق التنفسية دون أن يرافقه طبيبه الخاص، فقامت إحدى الممرضات بإعطائه المضاد الحيوي دون إجراء اختبارات التحسس المطلوبة ليدخل المريض على إثرها في صدمة تحسسية وينقل بعدها للمستشفى الوطني في اللاذقية ويبقى في العناية المشددة مايقارب الشهر وعلاجه استمر لأكثر من شهرين دون عقابيل تذكر. فهنا تقع المسؤولية الكاملة على الكادر الطبي.

قانونياً.. هل هناك عقاب لـ مرتكبي الأخطاء الطبية؟

في القانون السوري سنت قوانين للممارسات الطبية الخاطئة ولكنها تحمي الطبيب أكثر من المريض باعتبار أن الطبيب يقوم بعمله الذي يحمل نسب خطأ كبيرة، وبحكم أن الطبيب يمارس عمله الطبي وفق ضوابط وقواعد محددة.

وأشار المحامي وضاح.ي خلال حديثه لـ "روزنة" أن قليلاً من المرضى يحصل على حقه سواء قانونياً أو مادياً عند تقديم شكاوى بخصوص الأخطاء الطبية، بينما في كثير من الأوقات تنتهي المشاكل بمصالحة وتعويض مادي بعيداً عن المحكمة والقانون بين الطبيب والمريض المتضرر أو أهله، فيما لو رفض المريض التعويض وذهب للمحاكم؛ فإنه لا يوجد قانون يعاقب الطبيب بشكل فعلي عدا عن محاولة الهيئات الطبية الوقوف بجانب الطبيب لاعتبارات عدة.

مؤخراً في نهاية العام المنصرم 2018 أُحضرت طفلة رضيعة بعمر يقل عن السنة لعيادة إحدى طبيبات الأطفال "ح أ" والتي أرسلتها مباشرة لمستشفى خاصة لإعطائها العلاج المناسب ويتم إنقاذها إن أمكن، وفارقت الطفلة الحياة وهي أساساً مشخصة بانتان دموي والأهل أحضروا الطفلة بوقت متأخر.

وبسبب جهل الناس بالعلاج وتأثيرات المرض وتداعياته، شنوا حملة على كادر المستشفى في منصات التواصل الاجتماعي رغم كل ما يعرف للكادر نفسه من تفاني في العمل، وقاموا برفع دعوى قضائية على كادر المستشفى وصاحبها وطبيبة الأطفال انتهت بدفع تعويض مادي لأهل الطفلة.

وحتى اليوم نسمع عن حالات لنسيان شاشة داخل بطن مريض أو عن طبيب نسائية أجرى تجريف رحم داخل عيادته وسبب للمريضة نزيف صاعق أو إنتان في الرحم، وهذه أكثر الحالات التي حدث فيها سحب تراخيص أو توقيف عن المهنة.

الكلمات المفتاحية
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق