تقارير | 17 12 2023

أعلن مختبر "الترصد الوبائي" التابع لـ"شبكة الإنذار المبكر" في شمالي غربي سوريا ارتفاع الإصابات بالأمراض التنفسية والصدرية لدى الأطفال، والتي يتسبب بعضها بوفيات لدى الأطفال دون سن 5 سنوات.
لا توجد شواغر
ارتفاع أعداد الإصابات بالأمراض التنفسية المختلفة، تسبب بامتلاء أسرّة المستشفيات العامة المدعومة من المنظمات الإنسانية، وحتى بعض المستشفيات الخاصة.
وقال لـ"روزنة" طبيب الأطفال أحمد حمدان، من مستشفى ابن سينا للأطفال في مدينة إدلب، والذي تدعمه "المنظمة الأمريكية السورية" (سامز): "انتشرت جائحة القصيبات الشعرية بشكل سريع جداً، والفئة الأكثر تأثراً كانت الأطفال تحت سن 3 أشهر، حيث يراجعون المستشفيات والعيادات، بحالة صحية صعبة، غالبيتهم بحاجة إلى أوكسجين وسحب مفرزات وعناية تمريضية وجلسات إرذاذ".

طبيب أطفال في مستشفى ابن سينا
وأشار حمدان إلى أن سبب الانتشار الواسع يعود إلى الاكتظاظ السكاني الكبير، ودخول فصل الشتاء، وانعدام وسائل التدفئة الآمنة.
وحدثنا طبيب الأطفال عن الأوضاع الصعبة التي يواجهونها في المستشفى، فقال: "سعة المستشفى 80 سريراً، ومع ذلك لا توجد شواغر لاستقبال المزيد من الأطفال، بسبب امتلائها بشكل دائم بالأطفال المرضى، بينما يراجع العيادات بشكل يومي وحتى الساعة 3 عصراً، وهو وقت انتهاء الدوام الرسمي من 300 إلى 350 مريضاَ، ما عدا حالات الإسعاف التي يستقبلها قسم الإسعاف بعد الساعة 3".
ووصف الطبيب الجائحة بأنها "كبيرة جداً"، مشيراً إلى أن ذلك يشكل عبئاً على المستشفيات المدعومة في شمالي غربي سوريا.
"ونتيجة لهذا الضغط فإن المستشفيات لم تعد تستوعب أعداداً إضافية، فهي مكتظة وممتلئة بشكل كامل، حتى المستشفيات الخاصة باتت ممتلئة بالأطفال المرضى، ونحن الآن بحاجة إلى استجابة طارئة، وفتح أقسام جديدة، وزيادة عدد الكوادر الطبية والتمريضية في المستشفيات"، قال الطبيب أحمد حمدان.
الحواضن والأسرّة غير كافية
غالبية الولادات الحديثة تحتاج إلى حاضنات نتيجة الظروف الصحية السيئة وانتشار جائحة التهاب القصيبات الشعرية، وغيرها من الأمراض التنفسية.
اقرأ أيضاً: بإيقاف الحالات الباردة.. هكذا تعاملت مستشفيات إدلب مع حملة القصف
وفي حديث خاص لـ"روزنة"، أشار مدير صحة إدلب، الطبيب زهير القراط، إلى أنه إذا كان وزن الطفل أقل من 2,5 كيلو غرام فهذا يزيد من حاجته إلى الحاضنة، أو إذا تعرضت حالة الولادة إلى أذية البرد، أو نتيجة الإصابة بالتهاب القصيبات الشعرية خلال الشهر الأول من الولادة.
وأضاف القراط: "يزيد الطقس الشتوي من الحاجة للحاضنة بسبب أذية البرد، ونتيجة للأعداد الكبيرة للأطفال الذين هم بحاجة إلى حواضن فإن الكثير من الأهالي لا يتمكنون من تأمينها لأطفالهم حديثي الولادة".
وأوضح أن أولئك الأهالي "يلجؤون لإكمال علاج أطفالهم في المنزل، أو اللجوء للقطاع الخاص، وفي الحالتين هي مشكلة للأهل".
وكشف عن أن عدم توفر حاضنات كافية لحديثي الولادة تتسبب بارتفاع نسبة الوفيات لديهم، "فنحن بحاجة لزيادة أعداد الأسِرّة في المستشفيات بشكل عام، من حواضن، وعناية مركزة، وأسرّة استشفاء، خاصة في فصل الشتاء، نتيجة الهجمة الواسعة لجائحة القصيبات الشعرية التي تحدث في كل عام".
ووفق القراط فإن عدد الحواضن في جميع مستشفيات إدلب وريفها يبلغ 210 حواضن لحديثي الولادة، "وهو عدد قليل جداً بالقياس إلى عدد السكان الكبير، على الرغم من عدم وجود معايير عالمية، إلا أنها نسبة قليلة".
وأخبرنا مدير صحة إدلب بأن عدد الولادات في المنطقة يتجاوز الـ10 آلاف حالة ولادة شهرياً، "وربما أكثر، ولا يوجد رقم ثابت ومحدد للأطفال الذين هم بحاجة إلى حواضن للأطفال، وتتنوع الحاجة إليها فيما كانت الولادة بتمام الحمل أو طفل خديج، أو الولادة في الشهر السابع، أو إذا كان لدى الأم أمراض أثناء الحمل أم لا".
ارتفاع حالات الأمراض التنفسية
نشر الطبيب عمر مستو من "الترصد الوبائي" عبر مجموعة المختبر على "واتس اب"، أن الشمال السوري يواجه حالياً تزايداً واضحاً في الأمراض التنفسية الحادة، حيث تظهر بيانات الإبلاغ الأسبوعي من المراكز المبلغة لـ"شبكة الإنذار المبكر" تزايداً في عدد حالات المرض الشبيه بالانفلونزا (ILI)، والمرض التنفسي الحاد الشديد (SARI).
قد يهمّك: "الي نوفره بالصيف نحطه بالشتوية".. تأمين وسائل تدفئة يرهق السوريين
وأضاف الطبيب مستو، بأن البيانات تظهر ارتفاعاً في عدد الحالات من كلا المتلازمتين، حيث باتت أعلى من المعدل السنوي، "وخصوصاً سنة 2021 التي واجهنا فيها جائحة موجة المتغاير دلتا من مرض كوفيد".
وأكد أنه وفقاً لبيانات التحاليل المخبرية من المراكز الخفرية للأمراض التنفسية الحادة ضمن "شبكة الإنذار المبكر"، "تظهر نتائج تحليل الـPCR تزايداً في عدد النتائج الإيجابية للفيروس التنفسي المخلويRSV".
وأشار الطبيب إلى أن ذلك الفيروس يسبب أمراضاً ووفيات بنسب أعلى عند الأطفال الأصغر عمراً، (تحت 5 سنوات، كذلك تحت سنتين بشكل أخص)، مضيفاً: "لكن الملاحظ هو وجود إصابات لدى باقي الفئات العمرية أيضاً بهذا الفيروس".
وأشار إلى أن السبب الرئيس في تلك الجائحة يعود إلى تغير الطقس واستخدام مدافئ الفحم والحطب ذات الاحتراق غير الكامل، ومن الممكن أن تكون قد أدت لزيادة شدة الأعراض والزيادة المتوقعة في الحالات الموسمية التنفسية الإنتانية.
وسائل تدفئة غير صحية
نشرت "روزنة" قبل أيام، تقريراً عن استخدام الأهالي لوسائل تدفئة غير صحية، وبعضها خطرة، بسبب الظروف الاقتصادية التي يعاني منها الأهالي في المنطقة.
اقرأ المزيد: بحرق الأحذية والبالة.. خيارات تدفئة في إدلب رغم مخاطرها الصحية
وبحسب التقرير فإن بعض العائلات تعتمد في التدفئة على الألبسة القديمة (البالة)، أو الأحذية والمواد البلاستيكية، أو بقايا تكرير النفط، والتي تسبب جميعها أضراراً في الجهاز التنفسي.
ويعاني الأهالي في منطقة شمالي غربي سوريا، كغيرها من المناطق السورية، من ظروف اقتصادية قاسية، حرمت الكثير من العائلات من الحصول على وسائل تدفئة آمنة.
ووفق إحصائية صادرة عن فريق "منسقو استجابة سوريا"، في تموز الماضي، بلغ عدد السكان في إدلب وريفها، وريف حلب الغربي، وحماة الغربي، وجميعها مناطق تديرها "حكومة الإنقاذ السورية" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، 4 ملايين و289 ألف و164 نسمة.