طلاب عن المكتبة الإلكترونية بجامعة دمشق: الحكومة توفّر من جيوبنا؟!

طلاب عن المكتبة الإلكترونية بجامعة دمشق: الحكومة توفّر من جيوبنا؟!

تقارير | 24 11 2023

إيمان حمراوي

تُمسك هيا كتابها الجامعي، وتتمعّن في كلماته وأرقامه ورموزه جيداً، من أجل فهمها، تؤلمها عيناها، تغلقهما، وتعيد النظر في الصفحة، بينما تجلس قريبة من ضوء "الليد"، وبجانبها شمعة، لتكثيف الإضاءة. معاناة يومية من أجل إكمال دراستها في جامعة دمشق.


"التحوّل الرقمي الجامعي في بلد تكاد تنعدم فيها الكهرباء، ويصعب فيه الحصول على الانترنت هو تخلّف وليس حضارة"، تقول هيا، طالبة في جامعة دمشق، منتقدة قرار إيقاف عملية طباعة الكتب في جامعتها، من أجل الاعتماد على الكتب الإلكترونية.

صحيفة "الوطن" المحلية ذكرت، قبل يومين أنّ جامعة دمشق أعلنت اعتماد "المكتبة الإلكترونية" والمتضمنة كل النسخ من الكتب لسنوات الدراسة الأربع في الكليات، وذلك تزامناً مع إيقاف عملية طباعة الكتب في جامعة دمشق لمختلف الكليات، بهدف توفير مبالغ كبيرة من عملية الطباعة والحد من النوت والملخصات المنتشرة بين الطلبة.

هيا تدرس في قسم "الإحصاء الرياضي" بجامعة دمشق تعتبر القرار بأنه "غير صائب ويحمّل الطالب عبء طباعة الكتب الإلكترونية من أجل الدراسة".

بحسرة ردت هيا على سؤال روزنة حول قرار اعتماد الكتب الإلكترونية، تقول: "وضع الكهرباء بدمشق مزرٍ جداً، من شدة الضغط على الكهرباء تكثر الأعطال فيها، ونبقى أحياناً يومين بلا كهرباء، وعندما تأتي ساعة صباحاً وساعة مساء، لا نستطيع أن نشحن هاتف أو حاسوب، فكيف لنا أن ندرس إلكترونياً؟"، تتساءل.

تعتمد هيا على الكتب الورقية في دراستها "إحدى كتبي مؤلفة من 400 صفحة، هل أدرسه من الموبايل أم أطبعه بمبلغ 80 ألف ليرة، بينما كان في مكتبة الكلية بـ 12 ألف ليرة؟ (…) حتماً أثر القرار سلبي علينا كطلاب".

قرار تبسيط للإجراءات في ضوء التحوّل الرقمي

عضو مجلس جامعة دمشق، وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية،  عدنان مسلم، قال لصحيفة "الوطن" المحلية، إن "لهذا القرار أهمية في ضوء التحول الرقمي واعتماد الجوانب الإلكترونية في العمل الجامعي، تبسيطاً للإجراءات، ورفع تصنيف الجامعة، والاعتماد على مبادئ الجودة وتحسين الاعتمادية".

كذلك يحد القرار من المبالغ الكبيرة التي كانت تدفع سنوياً لزوم أعمال الطباعة.

ولفت مسلم إلى إيقاف طباعة الكتاب الجامعي، باستثناء كلية الشريعة.

وكان موقع "ويبوماتريكس" صنّف جامعة دمشق بالترتيب الـ 3 آلاف و458 عالمياً لعام 2023، متصدرة الترتيب الأول في الجامعات السورية.

اقرأ أيضاً: الكهرباء تتسبب باعتقالات في سلمية.. وسوريون غاضبون

طلاب بين مؤيد ومنتقد للقرار

كثير من الطلاب انتقدوا خلال حديثهم مع روزنة قرار اعتماد المكتبة الإلكترونية، مع انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وعدم قدرة الكثيرين على اقتناء الحاسوب المحمول، إذ تحتاج الدراسة الإلكترونية إلى حاسوب، وحتى الهاتف الذي يعتمد عليه قسم من الطلاب يحتاج إلى كهرباء لشحنه، ما عدا تكلفة باقات الانترنت من أجل تحميل الكتب.

دراسة على الشموع

 راما، هي وعائلتها وشقيقاتها الجامعيات يعيشون منذ ثلاثة شهور على الشموع، "لا يوجد معنا ثمن بطارية خلال تلك الفترة، استدان والدي من جديد مبلغ مليون و350 ألف من أجل شراء بطارية، وعندما وجدت أصبحت تفصل كل 24 ساعة، حتى أن حاسوبي تعطّل بسببها"، تقول لروزنة.

وتضيف: "الانترنت حتى لو كان موجوداً، كعدمه! الراوتر يحتاج إلى كهرباء ليعمل، ماذا استفدنا من موضوع إقرار الكتب الإلكترونية؟".
 


طلاب لا يرغبون الكتب الإلكترونية

إياد، يدرس الإعلام في جامعة دمشق ، يقول لروزنة: "قرار الكتب الإلكترونية غير موفق لأن الطلاب لا يدرسون نسخ الكتب الإلكترونية في الغالب، بل يطبعونها، الكتاب ليس قصة أو أشعار حتى نستطيع حفظها من الحاسوب أو الهاتف".

ويضيف:"ما وفرته الحكومة على جيبها، سيكلّف الطالب الضعفين على الأقل (...) اشتريت ملخصاً بعشرة آلاف ليرة، فما بالك بطباعة كتاب كامل".
 


اللابتوب حلم صعب المنال 

وإن قرر الطالب الدراسة إلكترونياً، قد لايملك حاسوباً، يقول إياد: "اشتريت لابتوب مستعمل منذ 2018 وبعته بعد فترة، وإلى اليوم لا أملك حاسوباًَ لعدم قدرتي على شرائه، أقل حاسوب في السوق يبلغ ثمنه مليونين ونصف المليون ليرة سورية".

حتى وإن توفر الحاسوب ليس هنالك كهرباء لشحن بطاريته، وإن قرر الطالب الدراسة على الهاتف أيضاً لا تكفي الكهرباء لشحنه فضلاً عن ارتفاع أسعار باقات الانترنت، حيث أقل باقة بـ 30 ألف ليرة ولا تكفي الشهر كله، "في منطقتي بجرمانا تأتي الكهرباء ساعة ونصف بشكل متقطع وتقطع 4 ساعات"يقول إياد.

راما طالبة جامعية، تعمل بدوامين، استغنت عن راتب عمل واحد من أجل الحصول على حاسوب لنفسها، تقول لروزنة: "اعتبرت عملي مقابل اللابتوب لحين انتهاء أقساطه، وأصرف على نفسي من الراتب الثاني".

لمياء، طالبة في جامعة دمشق أيضاَ، تؤيد إياد، وتقول: "القرار جميل لوكان في ظروف مناسبة (...) الخيارات قليلة أمام الطالب في حال عدم امتلاكه حاسوباً، كأن يأخذ قرضاًَ ويستدين فوقه من أجل شرائه، ما يسبب ضغطاً مادياً على كاهل الأسرة، وحتى إن توفر الحاسوب لا توجد الكهرباء".

"هناك طلاب تركوا الدراسة الجامعية بسبب العبء المادي الكبير (…) لم يستطيعوا تحمّل العمل مع الدراسة، فكان العمل من أجل المعيشة أولى بالنسبة لهم"، توضح لمياء آثار التضخم الاقتصادي على الطالب.

وتضيف: "في حال قرر الطالب طباعة 150 صفحة يحتاج إلى 25 ألف ليرة سورية، بالوضع الطبيعي، فكيف بطباعة منهاج كامل مع وضع معيشي متردٍ".

ويبلغ متوسط راتب الموظف الحكومي 300 ألف ليرة سورية، في وقت تحتاج فيه أسرة سورية متوسطة مؤلفة من 5 أفراد شهرياًَ مبلغ أكثر من 10 مليون بشكل وسطي، و6 مليون في الحد الأدنى، وفق جريدة "قاسيون".

القرار لا يؤثّر سلباَ على الجميع

أما سهر، درست الصيدلة في دمشق لمدة عام، تقول إن القرار لا يؤثر على طلاب الصيدلة، لكون معظم دراستهم على المحاضرات، وفق قولها.

وتحدثت سهر عن حلول بديلة في حال عدم القدرة على الدراسة إلكترونياً في المنزل، مثل المكتبة المركزية في الجامعة، ومكاتب (ستدي زون) التي توفر الكهرباء والتدفئة والانترنت المجاني، وتدعم الطالب في دراسته.

تشرح: "برأيي أفضل من شراء الكتب والمحاضرات (…) الطباعة غالية جداً، هناك طلاب أعرفهم يدرسون عبر الموبايل إن كانت دراستهم في القسم الأدبي".
 


جامعة دمشق: هناك معوقات في الاعتماد على الكتاب الإلكتروني

عضو جامعة دمشق، عدنان مسلم، اعترف بأنّ هناك أعباء كبيرة يواجهها الطلبة، تعوق عملية الاعتماد على الكتاب الإلكتروني والتحول الرقمي، ولا سيما مشكلات الكهرباء والانترنت.

طباعة الكتب الجامعية من قبل الطلبة من شأنه أن ينشط عمل المكاتب بتقاضي أسعار كبيرة وخاصة في ظل ارتفاع أجور الطباعة والورق والأحبار، وفق مسلم.

وتابع: "طباعة الكتاب أصبحت تكلف أكثر من 20 ألف ليرة، كما أن البيئة التقنية تعتبر ضعيفة، وهي طور التحسن التدريجي في ظل الخطوات المتخذة".

ويعاني طلاب الجامعات عموماً في سوريا بشكل كبير في ظل الأزمة الاقتصادية وتردي الوضع المعيشي، ما يضطر كثيرين منهم للعمل من أجل توفير المصروف الدراسي والتخرّج، وتعتبر المواصلات إحدى المشكلات التي تعترضهم كمثال، فضلاً عن ارتفاع الأسعار في ظل الحاجة إلى المسلتزمات الدراسية، وغير ذلك.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض