تقارير | 1 08 2023

"البحث عن البديل" مهارة بات السوريون يتمتعون بها منذ بدء الأزمة الاقتصادية في سوريا، ابتداء من الطعام والشراب وصولاً إلى الذهب في الزواج.
"الذهب لم يعد مهماً اليوم، هناك الفضة والذهب الروسي والبرازيلي والاكسسوارات"، تقول شهد (30 عاماً) شابة مقيمة في مدينة حلب، كانت حفلة خطوبتها قبيل أشهر قليلة.
وأضافت في حديثها مع روزنة: "الذهب أصبح للأغنياء على ما أعتقد، وليس لنا، شراء مستلزمات منزلية أهم لدي من عقد وحلق وخاتم من ذهب".
وحددت جمعية الصاغة في لائحة نشرتها، أمس الإثنين، سعر غرام الذهـب عيار 21 قيراطاً بـ 660 ألف ليرة سورية، كما بلغ سعر الغرام عيار 18 قيراطاً 565 ألفاً، في حين أن متوسط الرواتب لا يتجاوز الـ 150 ألف ليرة سورية.
شهد موظفة في إحدى الجمعيات وخطيبها كذلك موظف ومعلم، تشرح لنا: "اليوم إيجاد زوج يناسبني فكرياً هو أمر كافٍ، ويعتبر أهم من أي متطلبات حياتية أخرى، ومنها الذهب، طالما نحن الاثنين نعمل ولدينا شهاداتنا لا خوف علينا رغم مرارة تحصيل لقمة العيش".
ونشرت صحيفة "تشرين" تقريراً تحدثت فيه عن استبدال الشباب المقبلين على الزواج بالذهب المقلّد "البرازيلي" بدلاً من الذهب الحقيقي، في ظل انتشار محال بيع الإكسسوات بكثرة منذ بدء ارتفاع أسعار الذهب الحقيقي.
بعض المقبلين على الزواج "شباب وفتيات" فضلوا شراء الذهب البرازيلي، الذي لا يختلف في الشكل عن الحقيقي، بالاتفاق فيما بينهم لعدة أسباب أهمها: "الادخار لشراء مستلزمات المنزل الأكثر أهمية من الذهب"، في وقت يبلغ فيه طقم الذهب الحقيقي عشرات الملايين، أما طقم الذهب الروسي بـ 250 ألف ليرة، وفق تقرير الصحيفة.
وفق بعض السيدات السوريات، إن شراء الذهب الحقيقي كان قبل سنوات "شرطاً أساسياً من شروط إتمام الزواج، لكن في ظل الظروف الاقتصادية أصبح الذهب عبئاً كبيراً، مع الحاجة لأمور أخرى أساسية في الحياة".
ونقلت الصحيفة عن صاحب أحد المحال التي تبيع الذهب البرازيلي، أن هناك إقبالاً من الراغبين بالزواج على شراء المحابس "التلقيد"، إضافة لشراء الأطقم الكاملة من الذهب المقلّد (عقد، إسوارة، حلق) بسعر 300 ألف ليرة، وهو مبلغ لا يشتري غراماً واحداً من الذهب الحقيقي.
اقرأ أيضاً: الذهب يحطم رقماً قياسياً بـ500 ألف.. والليرة السورية تنخفض مجدداً
سوق الفضة يزدهر
ليس فقط الذهب المقلّد هو البديل، وإنما الفضة أصبح خياراً عن الذهب.
وذكر موقع "أثر برس" المحلي، في تقرير نقلاً عن بعض الصاغة، أنّ هناك حالة ركود بالبيع، فيما سوق الفضة يعد منتعشاً بنسبة أكبر من سوق الذهب.
ووصل سعر غرام الفضة المصقول بالألماس إلى 40 ألف ليرة سورية، وهو سعر أقل بكثير من سعر غرام الذهب الذي وصل إلى 660 ألف ليرة للغرام الواحد.
ووفق بعض السوريين، إن الوضع لا يسمح بشراء لا الذهب ولا الفضة، في وقت تبحث فيه العائلات عن طريقة تأمين لقمة العيش، ولا سيما أنه موسم المؤن والاستعداد للمدارس.
ويبدأ سعر غرام الفضة من 15 ألف إلى 40 ألف، بحسب القطعة وإتقانها، ولا يذهب لونها أو لمعانها إلا بعد عشر سنوات على الأقل، بحسب أحد بائعي الفضة.
وكان رئيس الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات، غسان جزماتي، صرّح أنّ السبب الرئيسي لارتفاع الذهب هو ارتفاع سعر الأونصة عالمياً، إضافة إلى ارتفاع الأسعار محلياً، مشيراً إلى أن كل سعر يتداول في السوق أعلى من 660 ألف هو سعر وهمي.
ويأتي هذا الارتفاع المستمر بأسعار الذهب بالتزامن مع ارتفاع سعر صرف الدولار، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد أكثر من 13 ألف ليرة سورية.
وتبلغ نسبة الفقر بين السوريين 90 بالمئة، وفق تقارير أممية، في ظل انتقادات شديدة في الآونة الأخيرة تطال حكومة النظام السوري مع تردي الأوضاع المعيشية وسوء الخدمات.
ووفق "برنامج الغذاء العالمي": "هناك 12 مليون سوري لا يعرفون من أين ستأتيهم الوجبة التالية من الغذاء، و2.9 مليون آخرين معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع".
وبحسب تقرير لـ"البنك الدولي" في تشرين الأول عام 2022، فقد انكمش إجمالي الناتج المحلي في سوريا بأكثر من النصف بين عامي 2010 و2020، ودفع الانخفاض الكبير في نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي البنك الدولي إلى إعادة تصنيف سوريا كبلد منخفض الدخل منذ عام 2018.