تقارير | 3 05 2023

وصل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق، صباح اليوم، في زيارة رسمية تستغرق يومين، برفقة وفد من الوزراء والمسؤولين الإيرانيين، في أول زيارة لرئيس إيراني لدمشق منذ اندلاع الثورة في سوريا عام 2011.
واستقبل رئيسي في مطار دمشق الدولي وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام السوري سامر خليل، ونائب وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان، وعدد من مديري الإدارات في وزارة الخارجية.
اقرأ أيضاً: منها تصفير التعرفة الجمركية.. اتفاقات اقتصادية بين إيران والنظام السوري
ورافق الرئيس الإيراني في الزيارة وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ووزير الطرق وبناء المدن مهرداد بذرباش، ووزير الدفاع محمد رضا آشتياني، ووزير النفط جواد أوجي، ووزير الاتصالات عيسى زارع بور.
وذكرت وكالة "سانا" أن رئيسي سيجري مباحثات سياسية واقتصادية موسّعة، يليها توقيع عدد من الاتفاقيات.
دلالات الاستقبال
من اللافت للنظر استقبال الرئيس الإيراني من قبل رئيس النظام السوري بشار الأسد في قصر الشعب، كما فعل في زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا عام 2020، في حين استقبل الرئيس السوداني السابق عمر البشير في مطار دمشق الدولي، عام 2018.
إلا أن بعض السياسيين يعتبرون أن مراسم استقبال رؤساء الحكومات والدول، قد يجري إما في المطار الدولي الرسمي أو في القصر الرئاسي، ويعود ذلك إلى الترتيبات الدبلوماسية والأمنية لكل دولة.
وبحسب البروتوكولات الرسمية للزيارات الدولية، هناك فرق بين "زيارة الدولة" و"زيارة العمل"، حيث تعتبر زيارة الدولة هي أعلى مستويات الزيارات الرسمية بين الدول، والتي يتم خلالها تحديد برنامج الزيارة على أعلى المستويات، بينما تكون زيارة العمل محددة ببرنامج لتوقيع اتفاقيات محددة.
دلالات الزيارة
تأتي الزيارة لأول رئيس إيراني لسوريا منذ زيارة الرئيس الأسبق أحمدي نجاد إلى دمشق في عام 2010 في ظل تحرك عربي وإقليمي للتطبيع مع النظام السوري.
وذكرت دراسة أجراها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية عام 2019، بعنوان "شبكات نفوذ إيران في الشرق الأوسط"، أن إجمالي إنفاق إيران على أنشطة المجموعات المسلحة التابعة لها في سوريا والعراق واليمن بحوالي 16 مليار دولار سنوياً، بينما تنفق حوالي 700 مليون دولار سنوياً على دعم "حزب الله" في لبنان.
وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشـمت اللــه فلاحت بيشه في تصريح لموقع اعتماد الإيراني، في عام 2020، "منحـنا سوريا نحو (20-30) مليار دولار، ويجب علينا استعادتها منها".
وتجري الزيارة متزامنة مع تقارب سعودي من جهة وتركي من جهة أخرى مع النظام السوري، "ما يدفع إيران للتخوف من ضياع مكتسباتها في سوريا، والخروج من المولد بلا حمّص"، قال الإعلامي عبد الرزاق ماضي لـ"روزنة".
واعتبر ماضي أن الزيارة تأتي في ظل التسابق الجاري لجني أكبر قدر من المكتسبات من إعمار سوريا ما بعد الحرب، عبر توقيع أكبر قدر من المشاريع والامتيازات الاقتصادية.
اتفاقيات اقتصادية
واتفقت حكومتا النظام السوري وإيران، في 26 نيسان الماضي، على تخفيض التعرفة الجمركية للبضائع والسلع، وتصفيرها، لتشجيع عمليات الاستيراد والتصدير بين الحليفين.
وذكرت وكالة IRNA الإيرانية الرسمية، عن الاتفاقية، أن الجانبين أجريا مباحثات عبر اللجنة الإيرانية السورية المشتركة لإزالة "العقبات التي يعاني منها القطاع الخاص والإنتاجي في سوريا".
ونقلت الوكالة عن وزير الطرق والتنمية العمرانية مهرداد بذرباش الذي زار دمشق في نيسان الماضي، أنه "تم الاتفاق أيضاً على إقامة ثلاث مناطق تجارية حرة، لكي تبدأ إيران نشاطها في هذا المجال".
حجم التبادل التجاري بين طهران ودمشق
وبلغ حجم التبادل التجاري الإيراني السوري في العام 2020 وفق تصريح مسؤول إيراني لوكالة فارس الإيرانية 73 مليون دولار، للصادرات الإيرانية إلى سوريا، و 10 ملايين دولار قيمة الواردات الإيرانية من سوريا.
قد يهمّك: في 24 ساعة.. ثلاثة استهدافات لشحنات أسلحة إيرانية إلى سوريا
وأنشأ الجانبان الغرفة التجاريّة الإيرانيّة السورية المشتركة في عام 2019 من أجل تحسين التبادل التجاري وتنشيط الحركة التجارية بينهما، بحسب الموقع.
ونشرت صحيفة "The Times" البريطانية تقريراً في آذار 2019، عن محاولات إيران للسيطرة على ميناء اللاذقية البحري في سوريا.
وذكر التقرير أن إيران أجرت مباحثات مع النظام السوري لاستئجار الميناء الذي يضم 23 مستودعاً، قادرة على استيعاب 3 ملايين طن من مختلف الشحنات.
واعتبر التقرير أن الميناء سيمثل تعزيزاً للوجود الإيراني على البحر المتوسط بالقرب من إسرائيل حيث ستمثل "هذه الخطوة عقبة أمنية جديدة لإسرائيل، نظراً لأن إيران تتمتع بالفعل بنفوذ عسكري واسع في دمشق".
ودَعَت عضو مجلس إدارة غرفة التجارة الإيرانية السورية المشتركة شهلا عموري المستثمرين الإيرانيين إلى "توفير جزء مهم من احتياجات هذا البلد (سوريا) من خلال التجارة البحرية، وهذا العمل سيكون بالتأكيد أساساً لتطوير تصدير المنتجات الإيرانية.. إلى سوريا".
وقالت عموري في تصريح لوكالة ISNA الإيرانية إن "استخدام النقل البحري هو أحد السبل للوصول إلى أسواق سوريا، ويجب أن نوفر الأساس لزيادة حصة الصادرات غير النفطية إلى سوريا".
وبحسب دراسة أجراها "مركز الحوار السوري" في آذار 2022 فإن إيران عملت على التغلغل الاقتصادي في سوريا، بعد عام 2011، وصولاً إلى "ربط الاقتصاد السوري باقتصادها".
ويعتمد النظام السوري في تأمين مشتقات النفط على الصادرات الإيرانية عبر ناقلات النفط التي تتوارد إلى ميناء بانياس بشكل متكرر، قادمة من إيران.
وتسارع تسليم شحنات النقل النفطية إلى سوريا بعد زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى طهران في أيار الماضي، وتنفيذ الخط الائتماني بقيمة مليار دولار، بدءاً من حزيران الفائت.
سنوات من التدخل العسكري
منذ دخول إيران إلى سوريا، عبر مجموعات مسلحة تابعة لها تتمثل في الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس وحزب الله اللبناني، مارست تلك المجموعات جرائم بحق السوريين في المناطق التي تتواجد فيها، بحسب تقارير إعلامية.
وقال فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في حديث لوكالة الأناضول التركية عام 2022، إن "معظم المجازر والانتهاكات التي ارتكبتها قوات النظام السوري تمت بمشاركة المجموعات الإرهابية التابعة لإيران، وهي تتحمل المسؤولية الجنائية (..) مثلها مثل النظام".
وأضاف عبد الغني أن المجازر التي ارتكبتها المجموعات المسلحة التابعة لإيران هي "انتهاكات تحمل صبغة طائفية (..) ومع ذلك لم يقم المجتمع الدولي بوضع هذه المجموعات ضمن قوائم الإرهاب".
وتتعرض مواقع عسكرية عدة، تقول إسرائيل إنها تابعة للمجموعات المسلحة المرتبطة بإيران في سوريا، لقصف إسرائيلي متكرر.
وتوعّد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قبل أسابيع، بأن إسرائيل ستعمل على إخراج إيران وحزب الله من سوريا.
يذكر أن بشار الأسد أجرى زيارة إلى طهران في أيار من العام الماضي، التقى خلالها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والمرشد الأعلى علي خامنائي.