"عز وجاه وشهرة.. نيالن على عيشتن الوردية وعالمهن المثالي".. هذه نظرة نسبة جيدة من السوريين اتجاه الشريحة الأكبر من الممثلين والممثلات في الوسط الفني،  صورة نمطية مصدرها أدوار لعبها الفنان أو ما ينشره نجم عن حياته المرفهة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

قبل أمس الأربعاء، إنْ ذكرت اسم الفنان السوري هاني شاهين على جمهور الدراما السورية، لاقترنت صورته بـ"الآغا والمختار والأستاذ والمدير وغيرها" من الشخصيات ميسورة الحال والأنيقة والمسؤولة التي أسندت إليه لسنوات طويلة في سلسلة "مرايا" الشهيرة.

خرج الفنان هاني شاهين أو "العريف نوري" أحد أبطال باب الحارة بمقابلة مؤثرة يتحدث فيها عن حياته وواقعه المعيشي الصعب وظروفه القاسية، التي يعتقد البعض أن فنانه الذي أعجب به لسنوات، محصن عنها ولا يمكن للفقر الذي يعيشه الشعب أن يعيشه النجم.

تقول الأمم المتحدة إن تسعين بالمئة من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر، في ظل تدهور بقيمة الليرة وارتفاع الأسعار وتضخم كبير،  فما الذي كشفته بعض التصريحات خلال السنوات الماضية عن واقع فنانين وفنانات سوريين بعيداً عن "الحياة الوردية المتخيلة"؟

عشرين يوم عالزيت والزعتر.. والفواكه ما نعرفها من سنة!

خمسون ألف ليرة سورية، راتب التقاعد، بالإضافة لمصدر دخل متواضع إضافي، هو ما يقتات منه الفنان هاني شاهين وعائلته في وقت أصبحت التكلفة الشهرية لعائلة متوسطة في سوريا تصل إلى أكثر من 3 مليون ليرة سورية.

"عشرين يوم أنا ومدامتي عايشين عالزيت والزعتر، الزيت الأبيض،  فطور وغدا وعشا،  الفواكه ما نعرفها من سنة"، شكلت تصريحات هاني شاهين عن معاناته صدمة لدى سوريين كثر خلال مقابلة مع الإعلامي عطية عوض على منصة "يلا تريند".
 

بصوت منخفض وخجل، يتحدث "شاهين" عن الضائقة المالية الشديدة التي أجبرته على بيع سيارته بعدما تراكمت عليه الديون، حيث وصف نفسه بـ"الشحاد" (المتسول) قائلاً: "جزائي بآخر عمري أموت شحاد".

ويعاني الفنان السوري أيضاً من أوضاع صحية متردية لمرضه بنقص تروية في القلب والدماغ"، ومشكلة في السمع "صعبة الحل" ومشاكل أخرى.

وسبق أن اشتكى "شاهين" من عدم كفاية الأجر التقاعدي الذي يتقاضاه من نقابة الفنانين، لشراء الحاجيات الأساسية، إذ قارن سعر كيلو اللحم حينها الذي يحتاج راتبه كاملاً، ليأتي حديثه ضمن موجة انتقادات لانخفاض معدل أجور الموظفين والمتقاعدين بشكل عام.

 ابتعد "شاهين" عن الظهور في الأعمال الدرامية "بسبب تجاهل المنتجين والمخرجين من دون أي سبب" وفق قوله، مؤكداً أنه لم يشترط بحياته أجراً مادياً مقابل أي دور يؤديه رغم من عمله لمدة 62 سنة في التمثيل.

يتمنى الفنان الثمانيني من المنتجين والمخرجين الالتفات للفنانين القديرين والتواصل معهم وعدم نسيانهم.

ففي مسلسل "السنونو" الذي أنتج عام 2021،  تأليف ياسر العظمة، ضم المسلسل قامة من الممثلين السوريين منهم كان من عائلة مسلسل "مرايا" مثل بشار إسماعيل ومرح جبر، إلا أنّ هاني شاهين الذي كان أحد أبطال "مرايا" لم يكن جزءاً من "السنونو".

هاني شاهين، من مواليد دمشق 1940، شارك في العديد من الأعمال الإذاعية والمسرحية والتلفزيونية والسينمائية مثل "باب الحارة" و "مرايا"، وبرنامج الإذاعة الشهير "حكم العدالة".

من ممثلة جامعية إلى تنظيف بناء "مديرية التربية"

أثار ظهور الممثلة السورية سوسن علي الجدل على مواقع التواصل بعد مقابلة أجراها معها الإعلامي شادي حلوة في مدينة حلب، اشتكت خلالها من تردي أوضاعها الاقتصادية التي دفعتها للعمل للتنظيف في مؤسسة حكومية، حيث كانت بحالة يرثى لها.

تحدثت "علي" عن الظروف القاسية التي تعيشها وبيّنت أن المنزل تعرّض للسرقة مؤخراً، وذكرت أنها تعمل "مستخدمة" في مديرية التربية بمدينة حلب، رغم أنها تحمل شهادة جامعية، وسبق أن عملت في مجال التمثيل لعدة سنوات.

قال متابعون إنهم احتاجوا البحث عن صورها السابقة للتعرف عليها، لتبدأ حملة تضامن واسعة معها، ليعلن شادي حلوة عبر حسابه بموقع فيسبوك بعد اللقاء، تبني نقابة الفنانين في سوريا لمشكلة الممثلة سوسن علي وتقديم الدعم لها.
  من المسلسلات السورية التي شاركت فيها سوسن "سيرة آل الجلالي، خان الحرير، شرقيات"، إضافة لمشاركتها في أعمال مسرحية عدة.

وزير الإعلام لدى حكومة النظام، بطرس حلاق، قال خلال مؤتمر جمع عدداً من المنتجين أمس في فندق الشيراتون بدمشق، إنه يجب إعادة الاهتمام بمحتوى الدراما السورية "وليس فقط أن نجعلَ من أنفسنا فُرجة لكسب المال"، وفق صحيفة "تشرين".

كنت أملك النقود.. الآن: بَنشرت!

الممثل السوري محمد خاوندي يعاني أيضاً من تبعات الأزمة الاقتصادية في سوريا، وانتقد تدهور الوضع المعيشي، حيث صرّح خلال لقائه مع "فوشيا": " قبل الأزمة السورية كنت أملك نقوداً.. والآن بَنشرنا (مصطلح يدل على توقف السيارة عن العمل)".

وبيّن خاوندي أن الفنان في سوريا يعيش أسوأ مراحل حياته في ظل انعدام المقومات الرئيسية، لافتاً إلى أنه ليس من المعقول أن يصطف الفنان في الطوابير للحصول على الخبز، أو للحصول على الوقود لسيارته.

وطالب خاوندي الجهات المعنية بأن تبدي مزيداً من الاهتمام بالفنان السوري، وتؤمن له حياة أفضل، لأنه سفير البلاد في الخارج.
 
محمد خاوندي ممثل سوري، ولد في بيت سحم، وانضم إلى نقابة الفنانين السوريين عام 1984، واشتهر في مجال الدبلجة كما عرف بشكل خاص في مسلسلات البيئة الشامية كدوره "أبو حدو" في مسلسل "باب الحارة"، ومسلسل "زمن البرغوت" ومسلسل "عطر الشام" وغيرها من أعمال الدراما السورية.

بسام دكاك: من 4 شهور لا أملك ثمن ما آكل

اجتاح الفقر منازل الفنانين قبل سنوات وليس خلال العام أو العامين الأخيرين، كالممثل بسام دكاك الذي اشتكى من سوء وضعه المعيشي قائلاً إنه لا يملك ثمن طعام.
 
ونشر دكاك على صفحته الرسمية في "فيسبوك" عام 2018، مقابلة له في برنامج "فحم وسكر" على إذاعة "فرح إف إم" المحلية، قال فيها وهو يبكي  إلى أنه "وبسبب شخص متسلّط، لم يذكر اسمه، تدهور وضعه المعيشي، وخلال 4 أشهر  لم يملك ثمن ما يأكله".
 
وشدّد خلال حديثه أن هنالك من يحاربه  في لقمة عيشه وطعامه، رغم أنه لا يملك أي ثرو ة أو سيارات،  متسائلاً ماذا يفعل لكي يعيش.
  
الفنان بسام دكاك هو ابن أخ الممثل السوري حسن دكاك، وكان أول ظهور له على الشاشة عام 1985 في مسلسل "قصة بوليسية"، وكانت انطلاقته الحقيقة من خلال مسلسل "بطل من هذا الزمان"، كما شارك في العديد من المسلسلات منها: "أسعد الوراق إنتاج عام 2010 ، أبو جانتي (ملك التاكسي) ، الدبور،  زمن العار، ليس سراباً، ، بهلول أعقل المجانين".

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذّرت من خطورة الوضع المعيشي في سوريا، في حزيران العام الفائت، وقالت إن 14 مليوناً و600 ألف شخص يحتاجون للمساعدة، وإن 90 بالمئة يعيشون تحت خط الفقر.

اقرأ أيضاً: "الولد بيجي بس بيسرقوا له رزقته".. سوريون رفضوا الإنجاب بسبب الفقر

 
 في حسابي 5 آلاف ليرة وفنانون يطلبون المساعدات

 الممثلة وفاء موصللي ذكرت في وقت سابق أنّ كثيراً من الفنانين السوريين يعانون من تردي الأوضاع المعيشية في سوريا، وليس كما يعتقد البعض بأنهم ميسوري الحال.
 
وقالت "موصللي" خلال حوار لبرنامج "أسنان المشط" في أيار 2020، إنّ كثيراً من زملائها الفنانين يطلبون مساعدات من "وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل"، بينما هي لا تملك آنذاك في المصرف التجاري سوى 5 آلاف ليرة سورية لا أكثر.

وتراجع الإنتاج الدرامي السوري خلال العقد الأخير ما أدى إلى تراجع سوية الإنتاج، في ظل هجرة العديد من الفنانين والفنانات السوريات، والذي أدى إلى ظهور أعمال فنية سيئة، وفق العديد من النقاد السوريين.
  
ويعاني معظم السوريين من الفقر المدقع بسبب التدهور الاقتصادي حيث وصل سعر صرف الدولار الواحد مقابل الليرة إلى 6710، وسط غلاء الأسعار الذي يصفه سوريون بـ" الفاحش".