تقارير | 26 11 2021

عاد ملف الفوضى والفساد في القطاع التعليمي شمالي سوريا، إلى الواجهة من جديد بعد الحديث عن حصول قائد فرقة "السلطان سليمان شاه" محمد الجاسم المعروف بـ"أبو عمشة" على شهادة تعليم ثانوية العام الدراسي الفائت، في ظل تشكيك بمصداقيتها أوتساهل بمنحها.
المجلس المحلي بعفرين، أكّد لـ"روزنة" أنّ الحكومة التركية هي من تمنح الشهادات الثانوية في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون وتصادق عليها، وبالتالي فإن التربية التركية منحت أبو عمشة الشهادة الثانوية.
ما الذي يحدث بما يخص منح الشهادات؟
الصورة المتداولة للشهادة الثانوية الممنوحة لأبو عمشة العام الدراسي 2020 - 2021 والمختومة من قبل المجلس المحلي التابع لعفرين ومديرية التربية والتعليم في "غصن الزيتون"، أثارت جدلاً بين الأوساط السورية، أمس الخميس، وتم المقارنة بينها وبين صورة بيان قديم متداول لأبو عمشة تحت عنوان: "استمارة قائد وحدة" حدد خلالها المستوى التعليمي بالمرحلة "الابتدائية"، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول وجود الشهادة الإعدادية (التعليم الأساسي) من عدمها، وعن كيفية سير العملية التعليمية بالشمال، وتوجيه اتّهامات للمعنيين بالعملية بالفساد.

أبو عمشة في جامعة حلب الحرة!
بعد الحصول على الشهادة الثانوية تقدّم محمد الجاسم إلى "جامعة حلب" الحرة بمدينة أعزاز شمالي حلب التابعة لـ"الحكومة السورية المؤقتة".
تواصلت "روزنة" مع مصدر مسؤول من داخل الجامعة، رفض ذكر اسمه، وقال لـ"روزنة": إنّ الجامعة وفق نظامها تطلب الشهادة الثانوية للطالب، والجاسم أحضر شهادة من مجلس عفرين، موضحاً أنّ شهادة المجالس المحلية معتمدة من مجلس التعليم العالي.
وأضاف، أنّ أي طالب يحضر وثيقة شهادة ثانوية من جهة معتمدة في وزارة التربية أو مجلس التعليم العالي يتم تسجيله.
اقرأ أيضاً: رئيس مجلس ثوار حلب: تكريم أبو عمشة تصرف صبياني
عملية سير الامتحانات بمناطق المجالس المحلية
ولتوضيح كيفية التعامل مع ملفات الواسطة والمحسوبية ضمن القطاع التعليمي، تواصلت "روزنة" مع المجلس المحلي بمدينة عفرين.
موظف داخل المجلس المحلي بعفرين، فضل عدم ذكر اسمه، قال لـ"روزنة": إنّ محمد الجاسم تقدم إلى امتحان الثانوية مثل أي شخص آخر وحصل على الشهادة، موضحاً أن شهادة البكالوريا تُمنح للشخص بإشراف وزارة التربية التركية، التي تأخذ أوراق الامتحانات وتصدّر النتائج، مؤكداً حال حدوث مشكلة فإنها ليست من طرف المجلس المحلي "ربما تكون من الجانب التركي".
"المعلمون السوريون هم من يراقبون خلال الامتحانات، لكن التربية التركية تشرف بشكل إداري وتقني على العملية كون أسئلة الامتحانات مؤتمتة، فتصدر النتيجة من قبلها"، يضيف ليلى.
وفي الشمال السوري يتوزّع القطاع التعليمي على 3 إدارات، وهي المجالس المحلية المدعومة من تركيا بمنطقتي درع الفرات وغصن الزيتون، التي يتبع لها عدد من مديريات التربية، إضافة إلى وزارة التربية والتعليم التابعة للحكومة السورية المؤقتة التي تدير جزءاَ من القطاع التعليمي ولا سيما التعليم العالي، أما داخل إدلب تعمل "حكومة الإنقاذ" على إدارة القطاع التعليمي، بمساعدة جزئية من الحكومة السورية المؤقتة، ولكل إدارة ومنطقة مناهج وطرق خاصة في الإشراف على التعليم.
مارد الحكومة المؤقتة؟
عبد الله عبد السلام، المكلّف بتسيير أمور وزارة التربية في "الحكومة السورية المؤقتة"، قال لـ"روزنة": "إن هناك كم كبير من تزوير الشهادات بالشمال السوري، مشيراً إلى كشف المكاتب التابعة لهم عام 2019 كثير من الشهادات المزورة".
وتشرف "الحكومة المؤقتة" على جزء من العملية التعليمية، إذ يستطيع الطالب تقديم البكالوريا بشكل حر عبر الحكومة، بعد تقديم شهادة "المرحلة الأساسية - التاسع"، بمناطق إدلب وريف حلب الغربي وأجزاء من حماة واللاذقية، بحسب عبد السلام.
قد يهمك: مصدر أردني: الحريري لن تُرحّل لسوريا وأبو عمشة يقترح البديل
اتهامات بالتقصير
واتّهم عبد السلام المجالس المحلية البالغ عددها نحو 11 مجلس في منطقتي "درع الفرات وغصن الزيتون) بالتقصير والفوضى، حيث يتبع لكل مجلس محلي مديرية تربية، قائلاً إنّهم وخلال أحد السنوات الدراسية الأخيرة، كل مديرية تربية حذفت جزءاً من المنهاج بشكل عشوائي غير منظم، ما أدى إلى وجود خلل عند الامتحانات "المجالس المحلية كحكومة مؤقتة لسنا راضين عن عملها".
وتنقسم المجالس المحلية من حيث الإشراف التركي على عملها ودعمها إلى أقسام، إذ تتبع منطقة الباب وجرابلس في الإشراف إلى ولاية غازي عنتاب، وأعزاز ومارع وصوران واخترين والراعي إلى ولاية كلس، وعفرين ونواحيها الستة إلى ولاية هاتاي.
وأشار عبد السلام إلى أنّ المجالس المحلية بريف حلب لم ترسل هذا العام للحكومة المؤقتة قاعدة بيانات بأسماء الطلاب المتقدّمين إلى جامعة حلب الحرة، من أجل تصديقها لقبولهم في الجامعة: "لا يمكنني المصادقة على شهادة لا أملك معلومات عنها".
وشدد عبد السلام على تقصير مدراء التربية والمجالس المحلية في العملية التعليمية (عفرين وريفها واعزاز والباب وصوران ومارع واخترين والراعي والغندورة وجرابلس)، وذلك نتيجة تجميد عمل "الحكومة المؤقتة" خلال الفترة السابقة، حيث أصبحت المجالس المحلية هي صاحبة الكلمة على الأرض منذ عام 2016، على حد قوله.
وأكّد أن عدم وجود مرجعية واحدة للتعليم هو ما أدى إلى تراجع العملية التعليمية لا وبل "تدميرها"، مطالباً بوجود مرجعية واحدة يمكن الاعتماد عليها "نحن بالحكومة المؤقتة لسنا شركاء بالقرارات ولا أصحاب قرار".
وعن تدني مستوى التعليم في مناطق المجالس المحلية، أشار عبد السلام إلى أنّ نسبة الطلاب في جامعة حلب الحرة ممن تقدموا من قبل المجالس المحلية لا تبلغ نسبتهم 8 بالمئة، ونسبة التخرج لا تتجاوز 3 بالمئة منهم، وهي نسبة قليلة تدل على فشل التعليم.
وعام 2019 سجّل 220 طالباً في كلية الهندسة بـ"جامعة الشام" الواقعة بمنطقة اعزاز، انسحب منهم 150 طالباً بسبب عدم القدرة على مجاراة المادة العلمية، بحسب عبد السلام الذي للفت إلى أنّ نسبة الطلاب المقبولين في "جامعة الشام" من قبل المجالس المحلية، تبلغ نسبتهم 20 بالمئة.
وكانت الدكتورة هدى العبسي استقالت شهر نيسان الماضي من منصب وزيرة التربية والتعليم في "الحكومة السورية المؤقتة"، وذكرت ببيان أنّ المرحلة الماضية من عملها كانت مليئة بالتحديات والإمكانيات المعدومة، وبمحاولات الإحباط"، وكُلّف عبد الله عبد السلام بتسيير أعمال الوزارة لحين تعيين وزير جديد.
وعام 2018 فضّل عدد لا بأس به من الطلاب تقديم امتحانات الشهادة الثانوية ضمن المناطق التابعة للمجالس المحلية عوضاً عن تقديمها في مراكز الحكومة المؤقتة، وعن السبب قال عبد اللطيف سلامة، رئيس دائرة الامتحانات بمديرية التربية التابعة للحكومة المؤقتة، وفق موقع "عين المدينة" إنّ "هناك تخفيضات وتنزيلات وتساهلات كبيرة، وحذف لفصول كاملة من المناهج في المقررات التي اعتمدتها المجالس المحلية" معتبراً القبول بتلك الشهادات "ظلماً للطلاب الذين خضعوا لامتحانات بمقررات كاملة".