تقارير وتحقيقات | 16 06 2025
أصدرت محكمة فرانكفورت اليوم الاثنين، حكماً بالسجن مدى الحياة بحق الطبيب السوري "علاء.م" المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في مستشفيات عسكرية في سوريا، بعد مرور نحو ثلاث سنوات ونصف على أولى الجلسات محاكمته وخمس سنوات على اعتقاله.
وخلال تعليل الحكم، وصف القاضي كريستوف كولر المتهم "علاء.م" في المستشفى العسكري بمدينة حمص، أن لديه ميول سادية وتصرف بناءاً عليها خلال التعذيب، قائلاً: "كان المتهم يستمتع بشكل خاص بإلحاق الألم الجسدي بمن اعتبرهم أدنى منزلة"، حسب ما نقل موقع صحيفة "دير شبيغل".
وأكد "كولر" أنه "لولا إرادة الشهود وشجاعتهم، لما أمكن كشف ملابسات الجريمة. وقد حاول نظام الأسد التأثير على مجريات المحاكمة حتى سقوطه. ورغم التهديدات، روى الشهود الأحداث علنًا خلال الجلسة الرئيسية. وكان الأمر مؤثرًا للغاية".
أيضاً اعتبر رئيس المحكمة الإقليمية العليا في فرانكفورت "كولر"، إن الجرائم التي ارتكبها علاء.م كانت "جزءاً من رد فعل وحشي من قبل نظام الأسد الديكتاتوري الظالم"، حسب ما نقل موقع صحيفة الغارديان.
وقالت وكالة رويترز صباح اليوم إن "المحاكمة التاريخية" امتدت لـ186 جلسة استماع بالمحكمة الإقليمية العليا في فرانكفورت، استمعت فيها المحكمة لنحو 50 شاهداً وضحية، إلى جانب خبراء قانونيين.
واتهم علاء.م" (اسم محدد وفقاً لقوانين الخصوصية الألمانية) بتعذيب سوريين معارضين للنظام السوري السابق، أثناء عملة في سجن عسكري ومستشفيات في حمص ودمشق خلال عامي 2011 و2012.
و"وجّه الادعاء العام لعلاء م. أكثر من اثنتي عشرة تهمة تعذيب، واتهمه بقتل سجين. وفي إحدى الحالات، زُعم أنه أجرى عملية جراحية لتصحيح كسر عظمي دون تخدير كافٍ. ويتهم أيضًا بمحاولة حرمان السجناء من قدرتهم الإنجابية في قضيتين منفصلتين"، حسب الوكالة.
وقال سجين سابق وشاهد في المحاكمة، التي بدأت عام ٢٠٢٢، إنه أُجبر على حمل جثث مرضى ماتوا بعد حقنهم من قِبل (م.)، وفقًا لمجلة دير شبيغل، ووصف آخر موقع احتجازه في دمشق بأنه "مسلخ".
وذكر موقع "dw" الألماني إن الطبيب "علاء.م" نفى "جميع التهم الموجهة إليه، قائلاً إنه كان خائفًا جدًا من الشرطة العسكرية "المسيطرة" على المستشفى لدرجة أنه لم يستطع التحدث علنًا"، وقال للمحكمة: "شعرت بالأسف تجاههم، ولكن لم أتمكن من قول أي شيء، وإلا لكنت أنا من فعل ذلك بدلا من المريض".
وطالب الادعاء العام بإنزال عقوبة السجن مدى الحياة به، في حين طالب الدفاع بالبراءة للمتهم "علاء م" الذي يلقب من قبل بعض الضحايا بـ "طبيب التعذيب" ويتهمه الادعاء العام الألماني بقتل سجين، وتعذيب 18 شخصاً آخرين.
"علاء م" من هو؟
المتهم "علاء م" عمل طبيباً في سجن المخابرات العسكرية في مدينة حمص عام 2011، وتحديداً في الفترة ما بين 23 تشرين الأول وحتى 16 تشرين الثاني.
عمل المتهم طبيباً في جهاز المخابرات ضمن مستشفى المزة العسكري رقم "601" المعروف بين السوريين باسم "المسلخ البشري".
ومن هناك وُثّقت معلومات وصور لضحايا "تعذيب" في سوريا، و فرضت على إثرها عقوبات تحمل اسم "قيصر" تيمناً باسم المصور الذي سرّبها.
غادر "علاء م" سوريا عام 2015، وعاش في ألمانيا منذ ذلك التاريخ، ومارس مهنته لفترة، قبل إلقاء القبض عليه في 19 حزيران/يونيو 2020 وأودع قيد الحبس الاحتياطي.
وتسمح القوانين الألمانية بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، في حال إقامة مرتكبها على الأراضي الألمانية.