تقارير وتحقيقات | 12 05 2025

بعد نحو أسبوعين على نشر موقع روزنة الإلكتروني، مادة بعنوان: "سوريون في السودان: على الخارجية التدخل العاجل فالغرامات ترهقنا ولا سفارة تعيدنا!"، كشف اليوم الاثنين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، عن إرسال وفد إلى السودان للوقوف على أوضاع السوريين هناك.
وقال "الشيباني" في تغريدة عبر حسابه في منصة "اكس" إن وزارة الخارجية سترسل فريقاً خاصاً إلى السودان للوقوف على أوضاع السوريين في ظل الظروف الراهنة، وتقديم الدعم اللازم والعمل على إجلائهم وتوفير سبل الأمان لهم، مشيراً أن الخطوة تأتي بتوجيهات من الرئيس أحمد الشرع.
ونشرت الزميلة إيمان حمراوي، في 30 نيسان الفائت، تقريراً تضمن مناشدة جماعية عبر روزنة أطلقها سوريون في السودان لوزارة الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، لمساعدتهم بشكل عاجل لمعالجة قضايا تمنعهم من مغادرة السودان أبرزها "فرض غرامات مالية لمخالفي الإقامة".
وجاء التقرير ضمن سلسلة من تغطية مستمرة لأحوال السوريين في السودان، سلطنا خلالها في موقعنا الإلكتروني الضوء على معاناة السوريين "المتروكين هناك" منذ اندلاع الحرب في منتصف نيسان 2023 بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، وإغلاق السفارة منذ ذلك الوقت وتركها السوريين هناك.
وقبل عامين وبعد نحو شهر من اندلاع الحرب، وصل 199 سورياً إلى مطار دمشق عبر "أجنحة الشام" قادمين من السودان، سبقتها دفعة أخرى أقلّت، 191 شخصاً آخرين، في ظل وجود واسطات ودفع مبالغ لإجلاء السوريين على عكس تعامل باقي الدول مع رعاياها، وفق شهادات سوريين لروزنة.
ومنذ ذلك الحين، فقد السوريون الأمل بوعود وهمية من حكومة النظام السابق لإجلائهم وإرسال طائرات لإجلائهم، في ظل معاناة المئات في مدينة بورتسودان بورتسودان من غلاء المعيشة، وارتفاع الإيجارات التي تتراوح ما بين 600 دولار وأكثر من ألفي دولار، وسط ارتفاع البطالة وغلاء الأسعار.
وبتواصل مع برنامج "صدى الشارع" الذي تذيعه روزنة، في حزيران 2023، اتهم رضوان سوري مقيم في السودان، النظام السابق بالفساد حول أول رحلتين، إذ قال أنه يعرف بشكل شخصي عائلة تاجر سوري ينحدر من مدينة حلب، خرج مع أربعين شخص من عائلته إلى دمشق.
وحسب شهادته، أن التاجر غادر في رحلات الإجلاء "المجانية" التي قيل إنها خصصت للحالات الأشد حاجة من المرضى والمسنين والنساء الحوامل، وذلك بعد دفعه مبالغ "فلكية" للركوب على متن الطائرة المغادرة بعيد اندلاع الحرب.
وعن الواقع المعيشي، أكد أبو أسامة أن الظروف الخدمية سيئة للغاية، إذ تعطل عمل المشافي وانقطعت مياه الشرب والتيار الكهربائي، وسط صعوبة التنقل بين المدن والنزوح من المناطق التي تشهد اشتباكات، وسط انتشار الفوضى والعصابات.
في بورتسودان، يعيش السوريون إما في مراكز إيواء، أو في الخيم على أطراف المدينة، فيما البعض يبات في الشوارع، في ظل درجات حرارة متدنية، وفئة استطاعت تأمين سكن، وغالباً ما يكون بشكل مشترك للشباب.
وبرزت معاناة السوريين في السودان خلال سيطرة النظام السابق، بالخوف بالعودة إلى البلاد للمطلوبين لأداء الخدمة الإلزامية وعدم قدرة نسبة واسعة على تجديد جوازات السفر بسبب إغلاق السفارة في الخرطوم، وعدم قدرة كثر على تجديد إقاماتهم مع راكم مخالفات لا يستطيعون دفعها.
في تموز 2024، أصدرت سلطات ولاية الخرطوم تحذيراً للأجانب بضرورة تقنين أوضاعهم القانونية، مهددة باتخاذ إجراءات قانونية ضد المخالفين. جاء ذلك في ظل اتهامات بوجود أجانب يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع، مما زاد من التوترات تجاه الأجانب في البلاد، وفق موقع "سوادن تريبون".
القائم بالأعمال في سفارة الخرطوم بشر الشعار، قال في تصريح سابق عبر إذاعة "شام إف إم"، إن الرحلات الجوية التي بدأت بها شركة أجنحة الشام لإجلاء السوريين، سيردفها رحلات جديدة عن طريق شركة الطيران الوطنية "السورية للطيران" بمعدل 3 رحلات أسبوعياً، وهو ما لم يحدث لتاريخ اليوم.
عاد 6 آلاف شخص من السودان إلى سوريا خلال شهر ونصف، بحسب ما ذكر مصدر دبلوماسي لصحيفة "الوطن" المحلية في 2023، إذ أكد حينهاأنّ "هناك رحلات يومية من بورتسودان إلى مطار دمشق الدولي، حيث تضم كل رحلة قرابة 170 شخصاً.
سوريون نفوا ما جاء على لسان الدبلوماسي، موضحين لروزنة: "لا رحلات يومية، وحتى الرحلات المجدولة تتغير مواعيدها بين الحين والآخر".
وأكد ماهر، في بورتسودان، أنّ "الرحلات تتأجل مواعيدها باستمرار، فيما الأسعار مختلفة، هناك من يحجز بـ 800 دولار وهناك من يحجز بـ 600 أو 700 (...) استغلال كبير للأزمة الحاصلة، ونحن الضحية".
قال المصدر الدبلوماسي لـ"الوطن" إن "معظم أعضاء السفارة السورية في الخرطوم موجودون حالياً في بورتسودان ويقومون بتقديم جميع التسهيلات لمن يود المغادرة، عبر تسهيل معاملاتهم مع الجهات السودانية المختصة".
ما بين ألفين وثلاثة آلاف سوري ينتظرون في مدينة بورتسودان، بحسب مصدر الصحيفة.
يعلّق نهاد:" الحجز والحصول على مقاعد معظمه بالواسطات، حتى السوري المقتدرمادياً على دفع ثمن التذاكر، لا يستطيع ذلك".
يصف نهاد لروزنة حاله مع العالقين في بورتسودان: "نعيش وضعاً مأساوياً، لا نملك ثمن تذاكر طيران للعودة، إذ تبلغ ثمن التذاكر في حدها الأدنى 350 دولاراً، فيما هناك من حجز بـ 700 دولار، مع أن الرحلات يجب أن تكون مجانية بتسهيل من حكومة النظام".
ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، التي شردت أكثر من 12 مليون شخص وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، يبقى السوريون العالقون هناك في أمسّ الحاجة إلى التفاتة عاجلة تسهم في تخفيف معاناتهم، وإعادتهم إلى ديارهم بكرامة وأمان، وفق قولهم.