سكان ريف دمشق: تحت وطأة ضعف الإنترنت وارتفاع التكاليف

سكان ريف دمشق: تحت وطأة ضعف الإنترنت وارتفاع التكاليف

تقارير وتحقيقات | 8 05 2025

محمد سليمان

من أسطح المنازل إلى الشوارع ومن الكوابل النحاسية إلى أجهزة تقوية الإشارة، يطارد سكان ريف دمشق إشارة الانترنت الضعيفة. وفي زمن تتسارع فيه خدمات الاتصال حول العالم، ما يزال كثيرين هناك عاجزين عن إجراء مكالمة أو تصفح بسيط للإنترنت.

يعاني سكان ريف دمشق من ضعف شبكة الاتصال وتكاليفها المرتفعة، فالتغطية ضعيفة والخدمة تنقطع باستمرار ما يؤثر على حياتهم اليومية سواء في التواصل أو العمل أو التعليم الإلكتروني.

وسط كل ذلك تتعدد الحلول التي يلجأ إليها السكان من حيل بدائية مثل استخدام الكابلات النحاسية إلى شراء أجهزة تقوية الشبكة رغم ارتفاع تكلفتها.

في المقابل، تسعى الجهات الرسمية إلى تطوير البنية التحتية عبر مشاريع لبناء شبكات ألياف ضوئية وترخيص شركات جديدة تقدم خدمات الإنترنت الفضائي في ظل وجود تحديات تقنية ومالية تتعلق بانقطاعات التيار الكهربائي وعدم وجود أبراج كافية.

وفي السياق، أعلن وزير الاتصالات، عبد السلام هيكل يوم (الثلاثاء) عن إطلاق الجيل الخامس من الاتصالات بشكل تجريبي، وذلك خلال فعاليات مؤتمر "AI-SYRIA 2025"، الذي يُعد الأول من نوعه في سوريا والمتخصص في الذكاء الاصطناعي.

وقال هيكل: "أطلقنا اليوم في دمشق، وبشكل تجريبي، الجيل الخامس من الاتصالات. هناك عمل كبير نقوم به لتطوير الاتصالات والإنترنت في سوريا".

معاناة يومية للبحث عن إشارة

أن تبحث عن تغطية شبكة في بعض مناطق ريف دمشق، يعني ذلك أن تكون مستعداً للتنقل من سطح إلى آخر، أو من شارع إلى آخر، لإجراء مكالمة قد لا تتجاوز الدقيقة. هذه المعاناة اليومية باتت جزءاً من روتين سكان مناطق عدة، حيث تحوّلت مشاكل الاتصال والإنترنت إلى أزمة حقيقية تؤثر على تفاصيل الحياة والعمل والدراسة.

"خارج التغطية"، هي العبارة التي اعتاد الشاب الثلاثيني تيم من سكان بلدة صحنايا على سماعها كلما حاول الاتصال بوالدته في حي الحجر الأسود جنوب دمشق، فـ "الإشارة ضعيفة، الصوت يقطع، والإنترنت يشتغل أحياناً بالليل، والرسائل تصل في اليوم التالي"، يقول لـ "روزنة".

هذا الواقع دفع تيم بمساعدة شقيقه اللاجئ في المانيا لشراء جهاز تقوية شبكة. يضيف في حديثه لـ"روزنة": "جهاز تقوية الشبكة كان حلاً نوعاً ما، لكنه مكلف. اضطررنا لشراء بطارية ومحوّل حتى يشتغل الجهاز على مدار اليوم، بسبب انقطاع الكهرباء الطويل".

جهاز تقوية إشارة مستخدم في ريف دمشق - روزنة

وحيال سوء خدمة الاتصالات الخلوية في مناطق ريف دمشق، قال محمد عيد، مدير الأسواق في الهيئة الناظمة للاتصالات لـ "روزنة"، إن هناك "حلولاً يتم مناقشتها لتحسين وتوسيع جودة التغطية في هذه المناطق، وهناك مشاريع قريبة لبناء شبكات ألياف ضوئية حديثة تهدف إلى تطوير قطاع الاتصالات وتأمين خدمات اتصالات وإنترنت بجودة وسرعات أعلى".

من جانبه، أوضح مازن، وهو تقني في مجال الاتصالات، أن المشكلة الأساسية تعود إلى غياب أبراج التغطية في بعض المناطق بشكل كامل، وفي مناطق أخرى، توجد أبراج لكنها لا تغطي كامل التجمعات السكنية بسبب ضعف البنية التقنية.

وأضاف، في حديث لـ "روزنة"، أن أزمة الكهرباء تزيد الوضع سوءاً، إذ تعتمد الأبراج على بطاريات احتياطية لتأمين الخدمة أثناء انقطاع التيار، إلا أن هذه البطاريات غالباً لا تصمد لفترات طويلة، ما يؤدي إلى توقف الأبراج عن العمل وانقطاع الشبكة.

حيل بدائية

توفر شبكات الاتصال "MTN" و"سيريتل" خدمة إنترنت على شبكات 3G و4G إلا أن جودة الاتصال تتأثر بحجم الضغط على الشبكة بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الباقات.

روان، مندوبة مبيعات تسكن في جديدة الفضل، اعتادت على حيلة بسيطة للحصول على إشارة، إذ تستخدام شريط نحاسي من كيبل الستالايت عبر قطع الجزء النحاسي ورفعه على السطح ومن ثم وصله من الجهتين، واحدة للهاتف والثانية على سطح المنزل.

وتشرح في حديثها لـ "روزنة" كانت الطريقة تنفع سابقاً، لكن حالياً بالكاد تعطي تغطية للاتصال، والإنترنت شبه معدوم" مشيرة إلى أنها تضطر أحياناً لمغادرة المنزل والوقوف في ساحة البلدة حتى يتوفر اتصال يسمح لها بإرسال الملفات والتواصل مع الزبائن.

لا يبدو الوضع أفضل في بلدة تل كردي شمال شرق مدينة دوما، بحسب بسام، وهو إعلامي مستقل تحدث عن تأثير انقطاع الشبكة على عمله قائلاً: "الشبكة سيئة جداً وغير مستقرة، أضطرّ أحياناً للبحث عن إشارة فقط لأعرف إن كان هناك فعالية أو حدث ما، ما أثّر على عملي".

يؤكد بسام أن عدداً من الإعلاميين والصحفيين في مناطق مختلفة من ريف دمشق يواجهون مشاكل مشابهة، ما يعطل التوثيق ويعزلهم عن متابعة الأحداث.

العودة إلى مخيم اليرموك والحجر الأسود.. بين الندم المغلّف بالأمل وصدمة الواقع القاسي!

العودة إلى مخيم اليرموك والحجر الأسود.. بين الندم المغلّف بالأمل وصدمة الواقع القاسي!

معاناة طلاب الجامعات

كذلك، يعاني طلاب الجامعات، خاصة في التعليم المفتوح أو الدورات الإلكترونية، من ضعف التغطية، كما يحصل مع مهند، طالب جامعي من بلدة يلدا في ريف دمشق، ويصف الواقع قائلاً: "البحث عن شبكة وتعبئة رصيد صاروا همّ يومي أنا طالب واحتاج إنترنت للدراسة"، مؤكداً أن مصروف الإنترنت يوازي تقريباً مصروف العائلة.

ويشير مهند في حديثه لـ "روزنة" إلى أن بعض الشركات الصغيرة بدأت بتوفير "الإنترنت الفضائي"، وهو حل جيد، إذ هناك شركة محلية بدأت بتركيب نقاط إنترنت في شوارع البلدة مقابل دفع 800 ألف ليرة سورية تشمل ثمن راوتر وأجور اشتراك بالإضافة لدفع 170 ألف ليرة سورية شهرياً مقابل توفير خدمة إنترنت بسرعة 3 ميجا.

لكن هذا الحل يحمل مخاطرة وفق بشير، فهذه الشركات غير معروف إن كانت مرخّصة أصولاً من وزارة الاتصالات حيث تمت مصادرة أجهزة الإنترنت الفضائي في عدرا البلد ودوما بريف دمشق نهاية شهر شباط/فبراير الفائت من قبل الضابطة العدلية التابعة لوزارة الاتصالات التي أزالت مجموعة من المخالفات المتعلقة بحيازة أجهزة الاتصال المخالفة.

تعليقاً على ذلك أوضح مدير الأسواق في الهيئة الناظمة للاتصالات، أن هذه الشركات الصغيرة التي بدأت بتوفير الإنترنت الفضائي حصلت على تراخيص رسمية من الهيئة الناظمة للاتصالات لمدة ثلاث سنوات، ورغم ذلك تمت مصادرة أجهزة انترنت فضائي في بعض مناطق ريف دمشق.


"هيا نناقش التكنولوجيا".. خبراء سوريون وعالميون ينظمون مؤتمراً في دمشق

"هيا نناقش التكنولوجيا".. خبراء سوريون وعالميون ينظمون مؤتمراً في دمشق

ما الجديد في قطاع الاتصالات؟

أعلنت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات السورية منذ أيام إطلاق المرحلة الأولى من مشروع أوغاريت 2 لتطوير قطاع الاتصالات والإنترنت في سوريا بالتعاون مع الولايات المتحدة وقبرص.

ويهدف المشروع بحسب ما أعلنت الوزارة إلى ‏ترميم وتحديث الاتصال الرقمي الدولي لسوريا عبر قبرص، وتمثل هذه ‏المبادرة خطوة مهمة في تعزيز البنية التحتية للاتصالات وتوسيع القدرات الرقمية المستقبلية للبلاد.

وتركز المرحلة الأولى من مشروع أوغاريت (2) ‏على تحديث معدات المحطات الطرفية داخل سورية بتمويل من هيئة ‏الاتصالات القبرصية (‏CYTA‏)‏، وبإشراف فني وتنظيمي من شركة ‏(‏UNIFI‏) الأميركية لتنفيذ جميع جوانب المشروع وفقاً للمعايير الدولية حيث ‏تضع هذه المرحلة الأساس لتوسيع الاتصال العالمي بالإنترنت في سوريا، ‏ومعالجة القيود الحالية، وتهيئة البنية التحتية للنمو المستقبلي.‏

وقال، وزير الاتصالات وتقانة المعلومات، عبد السلام هيكل، عبر حسابه في منصة "X"، إن إطلاق المشروع هدفه تطوير معدات الكبل البحري القديم (عمره 30 سنة) ما يضاعف خلال شهرين سعة الإنترنت الواردة إلى سوريا.

وأوضح أن هذه المرحلة الأولى من مشروع "أوغاريت 2"، وتتضمن المرحلة الثانية مد كبلًا بحريًا جديد بطول 250 كيلومترًا، بين بينتاسكينوس في قبرص وطرطوس.

إلى ذلك، أعلنت مؤسسات قطاع الاتصالات في سوريا، التي تشمل الشركة السورية للاتصالات، وشركتي "سيريتل" و"MTN"، والهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، عن إطلاق حزمة من العروض والخدمات الجديدة، منها إتاحة تصفح المواقع السورية مجانًا بالكامل من دون حساب أي تكلفة دعمًا للمحتوى المحلي والوصول إلى الخدمات التعليمية والحكومية عبر الإنترنت.

وبين انتظار حلول حكومية وتجريب حلول فردية، تبقى معاناة سكان ريف دمشق معلّقة بين انقطاع الشبكة وارتفاع التكاليف وانتظار تنفيذ الوعود الحكومية.

مشكلة الاتصالات والإنترنت في ريف دمشق

مشكلة الاتصالات والإنترنت في ريف دمشق

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض