ارتفاع الإيجارات في إدلب: معاناة حقيقية لإيجاد منزل بـ"مهمة شبه مستحيلة"!

ارتفاع الإيجارات في إدلب: معاناة حقيقية لإيجاد منزل بـ

مدينة إدلب - روزنة

تقارير وتحقيقات | 6 05 2025

بشار الفارس

"أن تجد منزل في إدلب أصبح شبه مستحيل بسبب الإيجارات المرتفعة"، تقول آلاء المعري لروزنة، إذ فشلت بعد ثلاثة أشهر من البحث في إيجاد منزل للإيجار يتناسب مع دخلها الشهري الذي لا يتجاوز 150 دولار أمريكي.

خسرت "المعري" وهي نازحة تقيم في إدلب إمكانية عودتها إلى مدينتها بريف إدلب الجنوبي بسبب دمار منزلها في قريتها محمبل، ما اضطرها للبقاء مجبرة في منزلها المستأجر بقيمة 50 دولار والذي ينتهي عقد إيجاره بنهاية شهر أيار الجاري، ولم تجد حتى الآن منزلاً بإيجار مماثل.

وبعد أسابيع من البحث عبر المكاتب العقارية والمواقع والصفحات المختصة بالإنترنت ووسائل التواصل، إضافة للسؤال عن طريق الأصدقاء، تقول: "لم أجد منزل مناسب للسكن، إما بسبب الإيجار الغالي جداً، أو أن المنزل ليس مناسباً للسكن جراء الرطوبة أو أنه قديم وغير مخدم بشكل كامل ولا يصلح للسكن".

وبينما كان إيجار المنزل بإدلب لا يتجاوز 75 دولار خلال فترة ما قبل سقوط النظام السابق، أصبح اليوم إيجار المنزل بمواصفات وتجهيزات "عادية" لا يقل عن 150 دولار أمريكي شهرياً مع اشتراط أن يكون الدفع سنوي أو نصف سنوي، وفق ما قالت لنا "المعري" وآخرون في إدلب.

وتوضح السيدة أن الطلب على المنازل ازداد بعد سقوط النظام السوري السابق، وارتفعت الإيجارات بشكل كبير ومفاجئ، فالمنزل الذي كان يؤجر بـ 50 دولار أصبح بـ 150 دولار.

وعليه، تشهد مدينة إدلب في الآونة الأخيرة، ارتفاعاً حاداً بأسعار إيجارات المنازل والعقارات بشكل عام، ما أرهق الباحثين عن منازل للاستئجار أو المستأجرين في المدينة، حيث لا تتناسب الأسعار الجديدة مع دخل أغلب العوائل النازحة، ما اضطرهم للبحث عن منازل أخرى بمبالغ منخفضة وبخدمات أقل.

إيجارات المنازل في سوريا بعد سقوط النظام.. لمحة عن الأسعار والشروط

إيجارات المنازل في سوريا بعد سقوط النظام.. لمحة عن الأسعار والشروط

بحث عن بدائل مناسبة

الواقع الجديد في السوق العقاري، تسبب بأزمة حقيقية للعديد من العائلات خاصة أولئك الذين نزحوا من مناطقهم بعد تدمير منازلهم ولم يستطيعوا العودة بعد، ما دفعهم للبحث عن منازل خارج مدينة إدلب في ظل تكلفة السكن المرتفعة التي باتت تشكل العبء الأكبر على دخلهم الشهري.

وهذا ما حدث مع أحمد القاسم، الذي اضطر لترك إدلب المدينة الذي كان يقطنها مع عائلته ووالديه منذ أربع سنوات والذهاب باتجاه بلدة كللي بعد عجزه عن إيجاد منزل يناسب عائلته ودخله الشهري.

وكان القاسم يسكن في منزل مع عائلته، لكن صاحب المنزل طلب منه الخروج وتسليم المنزل بعد انتهاء العقد لتأجيره بسعر جديد مرتفع، لا يستطيع دفعه.

أيضاً، كثافة السكان "التي تجاوزت طاقة المدينة الاستيعابية قد أدت إلى تفاقم أزمة السكن"، وفق عدد ممن التقيناهم، ما جعل العائلات النازحة تبحث عن حلول بديلة سواء بالانتقال إلى القرى المجاورة أو البحث عن سكن في أماكن أبعد.

وهكذا، أصبح تأمين السكن في إدلب يمثل تحدياً حقيقياً يواجه العديد من العائلات التي تعيش تحت وطأة ظروف اقتصادية صعبة، وفق "القاسم".

حي في مدينة إدلب - روزنة

عودة المهجرين: سبب رئيسي

يوضح خالد، صاحب أحد المكاتب العقارية في إدلب، أنّ إيجار المنازل في الأشهر السابقة القليلة الماضية يتفاوت حسب مساحة المنزل ومدى جودة كسوته وخدماته، قائلاً: "تبدأ الأسعار من 150 دولار وما فوق، على أن هناك بعض المنازل تؤجر بـ 400 دولار (...) المنزل الذي يبلغ إيجاره 100 دولار تكون مواصفاته بسيطة ويكون "قبو" طابق تحت الأرض وغير مرغوب من قبل السكان".

ويعزو خالد في حديثه مع روزنة سبب ارتفاع الإيجارات بعد سقوط النظام السابق، إلى زيادة الطلب عليها بعد عودة الكثير من سكان إدلب المهجرين مقابل قلة خروج النازحين من المدينة إلى بلداتهم وقراهم نتيجة دمار منازلهم.

وحسب ما رصدت جولتنا الميدانية، لا تقتصر الأزمة على ارتفاع الأسعار فقط، بل تتعلق أيضاً بنقص المنازل المناسبة للسكن، حيث يعاني كثيرين من صعوبة في إيجاد منازل تتوافر فيها الشروط الأساسية للسكن والعيش، مثل التهوية الجيدة أو المساحة المناسبة أو دخول الشمس إليها.

اقرأ أيضاً: "النظام عفّش منازلنا وعرّاها".. عودة مهجري إدلب المنتظرة مستحيلة حالياً!

دمار واسع بعد عودة المهجرين إلى ريف إدلب الجنوبي إثر سقوط النظام السابق - روزنة

ارتفاع بنسبة 20 بالمائة

يقدر الأكاديمي والخبير الاقتصادي ياسر الحسين، أن إيجارات المنازل في إدلب ارتفعت بنسبة 20 بالمئة على الأقل منذ بداية عام 2025، إذ تتراوح أسعار الإيجارات بين 150دولار و 250 دولار شهرياً بعد أن كانت بحدود 75 إلى 100 دولار.

وعن سبب الارتفاع المفاجئ في أسعار الإيجارات، يرى "الحسين" في حديث مع روزنة: "هناك أسباب اقتصادية أهمها عودة المهجرين بأعداد كبيرة إلى المدينة بشكل يفوق قدرة السوق المحلية على الاستيعاب مقابل ضعف المعروض العقاري نتيجة تضرر جزء كبير من الأبنية خلال سنوات الحرب".

كذلك، يشير إلى أنّ غياب الدور الرقابي المتمثل في ضبط الأسعار من قبل السلطات المحلية ساهم في ارتفاع الإيجارات، مردفاً أنّ انتشار السماسرة والمكاتب العقارية بكثرة يضغط باتجاه رفع الأسعار في ظل غياب قوانين واضحة تحكم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

قد يهمك: أجور المنازل تفوق قدرة المستأجرين في الشمال السوري

حي في مدينة إدلب - روزنة

ولا ينفي "الحسين" ما يراه "دور التحسن النسبي بالبيئة الأمنية والخدمية الذي شجع على التمركز داخل المدينة، وكل ذلك أدى إلى ارتفاع الإيجارات".

أما عن الحلول، فيقترح الخبير الاقتصادي بأن يكون هناك دعم لمشاريع الإسكان بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية وتفعيل الرقابة على المكاتب العقارية ووضع سقف محدود للإيجارات، إلى جانب توفر قاعدة بيانات شاملة للعقارات المتاحة لضبط العرض والطلب.

ومع انتظار إيجاد حلول حكومية، تترقب المعري انتهاء شهر أيار الجاري بقلق شديد والذي يتزامن مع انتهاء عقد منزلها المستأجر وفشلها حتى اليوم في إيجاد منزل بديل يتناسب إيجاره الشهري مع دخلها. "وين بروح بعيلتي في ظل هذا الواقع الذي لا يرحم"، قالت لـ "روزنة" على أمل أن تجد حلاً لمشكلتها. 

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض