تقارير وتحقيقات | 11 04 2025

فجّر عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الزيتونة شمالي حلب، الدكتور عبد القادر نعناع، جدلاً واسعاً بعد اتهامات وجهها لفرحان الكويدر، المعيّن حديثاً مسؤولاً عن منطقة الأتارب غربي المحافظة، بأنه يحمل شهادة "مزورة"، ليقدم بعدها "نعناع" استقالته، أمس الخميس.
وفور تداول الاتهامات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبر سوريون عن خشيتهم من تكرار مسألة التعيين بلا مؤهلات علمية دون اعتبارات للكفاءات، وسط تساؤلات عن احتمالية تعرض الدكتور "نعناع" لضغوط دفعته لتقديم استقالته على خلفية اتهاماته التي وجهها.
روزنة تواصلت مع "جامعة الزيتونة الدولية الخاصة" في مدينة اعزاز، التي ردّت بأن "الكويدر" طالب منقطع استأنف دراسته وتخرج منها بإشعار مؤقت، فيما أكدت محافظة حلب صحة بيانات المسؤول الجديد الأكاديمية وعدم وجود أي تزوير.
ماذا حدث؟
وصف الدكتور عبد القادر نعناع، عبر صفحته في "فيسبوك" قرار تعيين محافظة حلب لفرحان عكيل الكويدر مسؤولاً عن منطقة الأتارب غربي المحافظة بـ"العبث الإداري"، متّهماً إياه بحصوله على شهادة غير رسمية "مزوّرة".
"هي حقبة المكافآت والغنائم وتوزيع المكاسب على الجماعة"، بهذه العبارة وصف عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الزيتونة، الفترة الحالية في سوريا، قبيل تقديم استقالته.
يقول في منشوره إنه وجد "المكلف بمنصب إداري جديد في محافظة حلب، دون ذكر اسمه، يحمل درجة الإجازة في العلوم السياسية من الكلية التي يديرها بصفته عميداً لها".
وتابع: "الغريب أن أول دفعة يفترض تخريجها في صيف 2026، والأغرب أنّ الشخص ليس في قوائم السنوات الثلاث القائمة حالياً حتى يقال إنه خريج بحكم ما سيكون في المستقبل" في إشارة إلى أنّ المسؤول لم يدخل في الأصل كلية العلوم السياسية.
وختم "نعناع" منشوره الذي حظي بتفاعل واسع، بقوله: "يبدو أن كثيراً من المسؤولين الجدد كذلك".
ونشرت "محافظة حلب" الأربعاء الفائت قراراً عبر معرفاتها الرسمية، بتعيين فرحان الكويدر مسؤولاً عن منطقة الأتارب، مرفقة بطاقة تعريفية للمسؤول تظهر فيها خانة المؤهل العلمي بأنه حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الزيتونة عام 2023.
بعد اتّهام عميد الكلية نعناع بأن "الشهادة مزورة" حذفت المحافظة البطاقة التعريفية الأولى واستبدلتها بأخرى يظهر فيها أن المسؤول "درس العلوم السياسية" دون تحديد الجامعة وتاريخ التخرّج.
استقالة بعد توجيه الاتهامات
بعد 3 ساعات من كشف الدكتور عبد القادر نعناع تلك المعلومات حول المسؤول المكلف حديثاً في محافظة حلب، أعلن استقالته من المناصب التي يتولاها في "جامعة الزيتونة".
وقال في منشور: "تنتهي اليوم تجربة مهمة في التعليم الخاص، باستقالتي من جامعة الزيتونة الدولية من مناصبي".
حاولت روزنة التواصل مع الدكتور عبد القادر نعناع للاستفسار عن أسباب تقديم الاستقالة، دون الحصول على رد حتى الآن.
عبد القادر نعناع هو أستاذ مساعد في الشؤون الدولية وشؤون الشرق الأوسط، وعميد كلية العلوم السياسية بجامعة الزيتونة، كما يشغل رئاسة عدة أقسام فيها، وله العديد من الأبحاث والدراسات حول النزاعات الإقليمية والتحولات السياسية في الشرق الأوسط.
المحامي غزوان قرنفل، قال عبر "فيسبوك" إن استقالة "نعناع" بعد كشفه ما حدث، يدل على ممارسة الضغط والتهديد عليه، ما يعني ضرورة وجود "لجنة وطنية" لإعادة التدقيق في جميع ملفات التعيينات الحكومية والتثبيت من شهادات المعنيين الصحيحة أو المدعاة.
وتابع مستنكراً: "مو معقول بعض مسؤولينا شهاداتهم متل شهادة وسيم الأسد وأبو عمشة ، عيب".
اقرأ أيضاً: عفرين: المجلس المحلي يوضح كيفية حصول أبو عمشة على الشهادة الثانوية
كيف ردّت جامعة الزيتونة؟
متحدث باسم "جامعة الزيتونة الدولية الخاصة"، فضّل عدم ذكر اسمه، قال لروزنة عبر "واتساب"، إنّ الجامعة خرّجت الدفعة الأولى في تشرين الأول عام 2023 من الطلاب المنقطعين والذين يبلغ عددهم 65 طالباً وطالبة من مختلف التخصصات، ضمن حفل عام.
كذلك خرجت عام 2024 الدفعة الثانية المؤلفة من 78 طالب وطالبة منقطعين عن التعليم.
وفيما يتعلق بالاتهام حول شهادة "الكويدر"، قال المتحدث، إنّ الكلام غير دقيق، مضيفاً: "نعناع توظف في الجامعة مطلع العام الدراسي الجاري، وكان قبل ذلك في ولاية إسطنبول (...) أما فرحان فهو طالب منقطع عن التعليم من السنة الجامعية الثانية، انقطع عام 2021 وتابع تعليمه في جامعة الزيتونة".
وأضاف: "فرحان الكويدر حاصل على إشعار تخرّج مؤقت عام 2023 بسبب نقص في أوراقه، ولحين إكمال الأوراق من جامعته التي انقطع عنها، يتم تثبيت التخرج".
وأشار المتحدث إلى أنه سيسلمون ملف فرحان الكويدر إلى محافظة حلب التي بدورها ستصدر بياناً رسمياً الأحد المقبل عن ملفه.
وأوضح أن أي طالب يسجل في الجامعة لاستكمال تعليمه، ويوجد عنده نقص في الأوراق، يحصل عند التخرج على إشعار مؤقت بالتخرج يساعده في التقديم على الوظائف، وتطلب منه الجامعة إكمال الأوراق الناقصة خلال مدة 6 شهور، وفق قوله.
وفي حال عدم إكمال الأوراق المطلوبة يسحب الإشعار وترقين القيد ويعتبر الطالب مزوراً للأوراق، وتتخذ الجامعة الإجراءات القانونية ويصدر قرار فصله، مشيراً إلى أن الجامعة أعطت مهلة حتى نهاية حزيران المقبل للطلاب المنقطعين لاستكمال أوراقهم الناقصة.
وفيما يتعلق باستقالة الدكتور عبد القادر نعناع، أوضح المتحدث باسم الجامعة، أنّ الاستقالة لم تقدم رسمياً، لكون الكشف عنها جاء في عطلة نهاية الأسبوع، لافتاً إلى أنّها تقدّم لرئيس الجامعة.
وشدد المتحدث أنّ الجامعة غير مسؤولة عن توظيف المتخرجين منها، فهي مؤسسة تعليمية مهمتها تقديم التعليم الجامعي فقط.
كيف ردت محافظة حلب؟
تواصلت روزنة مع المكتب الإعلامي بمحافظة حلب للاستفسار عن ردها حول ما جرى.
وجاء في الرد، أنّ محافظة حلب تواصلت مع رئاسة جامعة الزيتونة المرخّصة لدى مجلس التعليم العالي، وتبيّن صحة المعلومات الواردة في البطاقة التعريفية لفرحان كويدر المكلف بمنصب مسؤول منطقة الأتارب.
فرحان حاصل على شهادة ثانوية عام 2019 من مديرية التربية في أعزاز، وقد كان مسجلاً في جامعة "سلمان الدولية" أعوام 2020/2021، ثم استكمل دراسته في جامعة الزيتونة أعوام 2022/2023 وتخرج منها عام 2023، وفق "محافظة حلب" لروزنة.
وأرسل المكتب الإعلامي للمحافظة لروزنة وثيقتين، إحداهما بطاقة طالب لفرحان الكويدر لعام 2022، والثانية وثيقة "تخرج مؤقت".
وتشير روزنة إلى أنها ستضيف أي تعليق أو رد عند وصوله لمعدة المادة من الدكتور "نعناع".
وبدأت "جامعة الزيتونة" عملها عام 2021 في مدينة أعزاز، بالاعتماد على نظام التعليم عن بُعد، وأدرجت في قائمة وزارة التعليم الصادرة في شباط الماضي الخاصة بأسماء الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد العليا السورية المُعترف بها من قبل الوزارة.
اقرأ أيضاً: وزارة التعليم العالي السورية تعلن الاعتراف بجامعات خاصة جديدة
وانتقد الكثير من السوريين خلال الشهور الفائتة عدداً من التعيينات من الإدارة السورية الجديدة، بما في ذلك تعيينات وزراء الحكومة الجديدة قبيل عيد الفطر، فيما رحب آخرون بها.
وسبق أن اتّهم محامون سوريون وزارة العدل برئاسة وزير العدل السابق مظهر الويسي بتعيين مسؤولين في الوزارة دون حصولهم على شهادات جامعية، أو شهادات علمية تؤهلهم لتلك المناصب، ولم يتسن لروزنة آنذاك التحقق من صحة تلك الاتهامات.