تقارير وتحقيقات | 10 04 2025
روزنة
ما إن أعلنت محافظة دمشق عن مشروع تأهيل جبل قاسيون، حتى امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بصور وفيديوهات مصمّمة عبر الذكاء الاصطناعي، تصوّر الجبل كما لم يُرَ منذ أكثر من عقد.
صور تنبض بالحياة، تظهر حدائق مختلفة تنيرها الكهرباء، ونوافير مياه، ومدرجات مزروعة بالنباتات الخضراء، تحيي المنطقة ازدحامات الزائرين، ليعود الجبل كرمز للحياة اليومية الدمشقية، قبل أن يتحوّل إلى نقطة عسكرية مغلقة في قلب العاصمة.
تلك الصور لم تكن فقط محض خيال رقمي، بل كانت استعادة بصرية لذاكرة فقدها السوريون منذ بداية الثورة قبل أكثر من 14 عام. ذكريات الزيارات الليلية للجبل، السهرات الصيفية، وإطلالته على دمشق.
كل ذلك أعاده الذكاء الاصطناعي بقوة الخيال، ربما ليملأ الفراغ الذي تركه غياب قاسيون عن حياة السوريين. في حين يبقى الواقع رهن التنفيذ الرسمي والقرارات التنفيذية.
إعلان محافظة دمشق
محافظة دمشق، أعلنت عبر تلغرام، أمس الأربعاء، شروعها عبر مديرياتها بإعادة معلم "جبل قاسيون" المرتبط بذاكرة السوريين بالشموخ والإباء، إلى رونقه من خلال دراسة متكاملة باشرت بتنفيذها، وفق بيانها.
وتشمل الدراسة، وفق البيان، إنشاء أماكن شعبية مجانية، وإقامة أماكن ترفيهية وخدمات عالية، إضافة إلى مرآب خاص للسيارات.
إعادة تأهيل موقع "جبل قاسيون" سيشمل الشبكة المطرية والأرصفة وشبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء وتأهيل المسطحات الخضراء وتمديد شبكة الري اللازمة، وإنارة الموقع.
بين مرحّب ومنتقد
سوريون كثر رحبوا بالمشروع ووجدوا فيه باباً للأمل بأن سوريا بدأ إعمارها ولو من أصغر أبوابها، لكونه متنفّس لأهل دمشق وزوارها. فيما انتقده آخرون وطالبوا بداية بإعمار المدن المهدّمة بفعل الحرب وإعادة أهالي المخيمات إليها وتحسين الوضع المعيشي.
زيد السوفي علق عبر فيسبوك قائلاً: "ما يحتاجه سفح جبل قاسيون لإعادة تأهيله و تجميله مجموعة من العمال مع آلياتهم البسيطة من حفارات و شوكيات و قلّابات و موازنة بسيطة لا تتجاوز بضعة آلاف من الدولارات لإكمال المهمة و إعطاء أمل لأهل سوريا أن العجلة قد دارت و لو من أصغر أبوابها".
كذلك رأت نجلاء أنّ القرار جيد وبرأيها قد يكون نوعاً من التجميل للبلد مع اقتراب فصل الصيف بما يخدم الجانب السياحي للعاصمة.
فيما تهكم أمجد قائلاً إن الرئيس السوري في الفترة الانتقالية أحمد الشرع لم يحضر الأمير القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أواخر الشهر الأول الفائت إلى جبل قاسيون إلا من أجل إعادة ترميمه.
من جهتها علّقت فاطمة بقوله: "كنت مفكرة ما بيعرفوا أن في مدن على الأرض و أهلها مازالوا في المخيمات".
أما علا اعتبرت أن تحسين الوضع المعيشي حالياً أولى من أي مشروع آخر، بينما يعاني أكثر من 90 بالمئة من السوريين من الفقر.
اقرأ أيضاً: السيف الدمشقي: رمزية وتاريخ يجب أن تعرفه
و رداً على المنتقدين علّق الصحفي موسى العمر عبر فيديو من قمة قاسيون قائلاً: "هذا البلد بحاجة للعاملين وليس للمنظرين، لا خيار لنا إلا النجاح ، وسنفعل" مشيراً إلى أنّ منفذي المشروع وعدوا بإنهائه خلال 70 يوماً مع عيد الأضحى.
وأواخر الشهر الفائت، بدأت محافظة دمشق بأعمال تأهيل وتجميل "جسر الرئيس" سابقاً، تحت اسم "جسر الحرية" الذي يعد مركزاً تبادلياً للعديد من خطوط وسائط النقل العاملة داخل المدينة، وفق وكالة "سانا".
وتشمل أعمال تأهيل الجسر الدهان، والإنارة وصيانة الأدراج والأرصفة وإزالة الملصقات والتشوهات البصرية، وأعلنت محافظة دمشق استمرار العمل على الجسر حتى الآن عبر نشر عدة صور مؤخراً.
وتداول سوريون مقاطع مصورة تظهر العمال أثناء ترميمهم للجسر، مرفقة مع أغنية تحت عنوان "سوريا الحب" إشارة إلى ترحيبهم بتلك المشاريع.
وسبق تأهيل "جسر الحرية" إعادة ترميم "السيف الدمشقي" الذي أثار الجدل بين منتقد ومرحب بترميمه أيضاً، وهو الذي استخدم في العديد من المناسبات والفعاليات الثقافية والتلفزيونية، وكرمز لكل من التلفزيون العربي السوري ومعرض دمشق الدولي.
وقبل يومين نشرت محافظة دمشق جانباً من أعمال ورشات مديرية الحدائق في زراعة نباتات الزينة والورود بمحيط نصب السيف الدمشقي في ساحة الأمويين.
ويبقى النقاش حاضراً بين داعم ومنتقد حول الأولوية، في ظل أعمال التأهيل التي أعلنت عنها الإدارة الجديدة، في الجامع الأموي بدمشق وساحة سعد الله الجابري والجامع الأموي في حلب، ودوار الساعة في حمص وغيرها من المواقع، بمشاركة ودعم شركات ومقاولين.
