أسواق إدلب في رمضان: غلاء الأسعار يفاقم معاناة السكان المعيشية

أسواق إدلب في رمضان: غلاء الأسعار يفاقم معاناة السكان المعيشية

تقارير وتحقيقات | 17 03 2025

بشار الفارس

يجد عماد علولو - وهو من سكان إدلب، غرب سوريا- نفسه مضطراً لشراء احتياجات أسرته اليومية من الخضار والفواكه بـ "الحبة"، يقول لروزنة: "اشتريت تفاحتين وبرتقالتين بـ 60 ليرة تركي، ما يعادل سعر طبخة للمنزل".

يحاول علولو تنظيم مشترياته وفق راتبه، لكنه يكتشف أن راتبه البالغ 100 دولار أمريكي لا يكفيه سوى أيام.

"أسعار الخضروات ارتفعت بشكل جنوني، وأصبحت أقل طبخة تكلف ما يقارب 200 ليرة تركية (ما يقارب 8 دولار)" كما قال، مشيراً إلى أنّ سعر كيلو البندورة بلغ 30 ليرة تركية ويختلف من محل إلى آخر.

ويستغرب علولو من الحالة التي تعيشها الناس من ارتفاع في الأسعار، ويتساءل لماذا تغيب الرقابة التموينية عن أسواق رمضان في مدينته.

ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، تتجاوز نسبة الفقر في سوريا الـ90% وسط ازدياد عدد من يعانون انعدام الأمن الغذائي إلى قرابة نصف السكان.

وقالت مصادر محلية من إدلب، لـ "روزنة" إنّ الأسعار ارتفعت بشكل ملحوظ في المدينة بعد الثامن من كانون الثاني/ ديسمبر، وهو تاريخ سقوط النظام السوري السابق.

أسواق إدلب: "حركة بلا بركة"

تشهد أسواق إدلب حالة من الركود وضعف في الحركة الشرائية بسبب الغلاء الذي تعيشه المحافظة والارتفاع الحاد بأسعار المواد الغذائية والخضروات، ما انعكس سلباً على قدرة السكان الشرائية في شهر رمضان.

ويشتكي السكان في إدلب وريفها، من ارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، وفي مقدمتها الخضروات التي تسجل ارتفاعاً ملحوظاً وسط تفاوت في الأسعار من مكان الى آخر، ما يجعل الكثير من العائلات غير قادرة على شراء احتياجاتها اليومية بشكل كامل.

أم محمد (45عاما) مقيمة بريف إدلب وهي أم لثلاثة أطفال تتحدث لـ "روزنة" عن ارتفاع أسعار الخضروات نتيجة الغلاء، تقول: "اليوم الأسعار مرتفعة جداً وخاصة الخضروات، إذ وصل سعر الخسة التي كنت اشتريها بخمسة ليرات تركية إلى 17 ليرة تركية".

وتشرح أم محمد لـ"روزنة" أنه نتيجة الغلاء باتت تختار بين الأكلات الأرخص سعراً لتأمين حاجيات أسرتها مردفةً، أنها استغنت عن اللحوم بشكل كامل، كما اضطرت لحذف الكماليات والاكتفاء بصنف واحد من الطعام على الإفطار.

وبحسب رصد "روزنة" لبعض أسواق إدلب وريفها في مدينة سلقين وبلدة كللي، بلغ سعر كيلو البندورة 20 ليرة تركي، والخيار 35 ليرة، والبطاطا 12.5 ليرة، والباذنجان 35 ليرة، والفليفلة 65 ليرة، وأما التفاح 25 ليرة.

البحث عن بدائل أرخص

بين محاولات البحث عن البدائل الأرخص وتأمين الأولويات من الغذاء والدواء، تجد بعض الأسر نفسها مضطرة للتخلي عن الكماليات والتركيز على الحاجات الأساسية في ظل موجة الغلاء المستمرة.

وهذا ما حدث مع نبيهة (44عام) وهي من سكان إدلب وأم لأربعة أولاد، تقول:"دائماً لدي تحدي كبير وخاصة في شهر رمضان، الذي يشهد ارتفاع في الأسعار"، ما يدفعها للبحث عن البدائل الأرخص.

وتوضح نبيهة: "بأن المعيشة تختلف من عائلة إلى أخرى وبحسب عدد أفراد العائلة، مؤكدة أنّ موضوع الغلاء تعاني منه كل الأسر، و"كل شهر يزيد ولا ينقص"، وفق وصفها.

وتحتاج عائلة سورية مؤلفة من خمسة أفراد إلى نحو 14 مليون ليرة سورية شهرياً لسد تكاليف المعيشة في الحد المتوسط، حتى تشرين الأول العام الفائت، وفق جريدة "قاسيون".

وفق تقرير للبنك الدولي في أيار الماضي، يعيش أكثر من 5.7 مليون سوري في فقر مدقع ويعجزون عن تأمين احتياجاتهم الرئيسية، فيما يعاني 90 بالمئة من السوريين من الفقر.

ارتفاع الأسعار بنسبة 30 %

بحسب تقديرات اقتصادية، فأنّ الأسعار ارتفعت خلال الأسبوع الأول من رمضان بحوالي أكثر من 30%، وارتفعت أسعار الحلويات بأكثر من 60%. أما التمور، فقد خرجت عن موائد الصائمين لارتفاع سعرها، إذ وصل سعر كيلو التمر من النوعية الجيدة إلى حوالي 80 ألف ليرة سورية.

إلى ذلك، فإن أبسط طبخة تصل كلفتها إلى نحو 100 ألف ليرة سورية، (ما يعادل 10 دولارات)، ما دفع معظم السوريين لشراء مستلزمات إفطارهم بكميات قليلة، "حبة من كل نوع"، في محاولة لتمرير شهر الصيام.

كذلك أدى انخفاض العملة التركية (التي يتعامل بها سكان شمال غرب سوريا) مقابل الدولار، إلى ارتفاع الأسعار، ناهيك عن ارتفاع الرسوم الجمركية والحالة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها المنطقة، وفق لما رصدته "روزنة".

وبحسب تقارير سابقة صادرة عن "الأمم المتحدة" يعيش 9 من كل 10 سوريين تحت خط الفقر، وإن أكثر من 15 مليون سوري، أي 70 بالمئة من إجمالي عدد السكان، يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية.

ماذا عن دور وزارة التموين؟

تراقب وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الأسواق من خلال دوريات التموين في مختلف المحافظات وفق تصريحات صحفية للمسؤول في المكتب الإعلامي بالوزارة محمد عثمان.

وأكد أنّ الدوريات تحاول ضبط أسعار السلع الأساسية، والتأكد من توفرها، ومنع الاحتكار.

لكن هذه المراقبة ومحاولة ضبط الأسعار "غير مجدية"، وفق علولو، الذي وصف أسعار السلع الغذائية والخضروات في أسواق إدلب بأنها "جنونية"، وخارج القدرة الشرائية لأغلب السكان الذين لا يتجاوز دخل معظمهم الـ 150 دولار أمريكي شهرياً. 

خبيران اقتصاديان: هذه أسباب عدم استقرار سعر صرف الليرة السورية

خبيران اقتصاديان: هذه أسباب عدم استقرار سعر صرف الليرة السورية

ووفق تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في شباط الماضي، فأن 14 عاماً من الحرب في سوريا أدت إلى تدمير نحو أربعة عقود من التقدم الاقتصادي والاجتماعي والبشري.

وشدد التقرير على أهمية تسريع التعافي الاقتصادي الذي يعتبر أمراً بالغ الأهمية لعكس تدهور سوريا واستعادة الاستقرار بعد 14 عاماً من الحرب التي تسببت في خسارة نحو 800 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي.

ولفت إلى أن الاقتصاد السوري لن يستعيد مستواه الذي كان عليها قبل الحرب، قبل عام 2080، أو بعد 55 عاماً، وفقاً لمعدلات النمو الحالية. إذ بلغ متوسط النمو على مدى السنوات الخمس الماضية 1.3 في المئة سنوياً.

مع انتهاء القصف وسقوط النظام السابق، يبدأ سكان شمال غربي سوريا في بناء حياة جديدة مليئة بالأمل، رغم من الذكريات الثقيلة، وبينما تستعيد المدن والقرى نبضها تدريجياً، يبقى القاسم المشترك بين كل السوريين هو المعاناة في تأمين لقمة العيش.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض