تقارير وتحقيقات | 15 03 2025

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" اليوم السبت، نقلاً عن ضباط أميركيين، إنّ الجيش الأميركي لعب دوراً دبلوماسياً مهماً وراء الكواليس في سوريا، وساعد في التوسط لإبرام اتفاق ما بين الحكومة السورية الجديدة و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
ووقع رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، مع قائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي، في العاشر من آذار الجاري، اتفاقاً وصف بالتاريخي في قصر الشعب، ينص على إدماج المؤسسات المدنية والعسكرية في مناطق سيطرة الأخيرة ضمن مؤسسات الدولة السورية.
ماذا حدث في الكواليس؟
بحسب الضباط الأميركيين إنّ القوات الأميركية المنتشرة في سوريا توسّطت في محادثات جمعت بين الحكومة السورية الجديدة في دمشق و"قسد" التي تسيطر على شمال شرقي سوريا.
وقال المسؤولون العسكريون الأمريكيون إن إمكانية انسحاب القوات الأمريكية في المستقبل ساعدت في الضغط على "قسد" للتوصل إلى اتفاق مع دمشق.
وأضاف أحدهم: "هذا شكل من أشكال النفوذ. التهديد برحيلنا جعل المسألة أكثر إلحاحاً".
وكان ترامب قد قرر في ولايته الأولى سحب القوات الأمريكية من سوريا، قبل أن يتراجع عن القرار لاحقاً. وفي كانون الأول الفائت، أعلن "البنتاغون" عن وجود نحو ألفي جندي في سوريا.
وقال مسؤول عسكري أميركي رفيع: "كان هناك الكثير من المفاوضات والوساطة من جانبنا لمساعدتهم في الوصول إلى هذا الاتفاق. عملنا كوسيط حتى تمكنا أخيراً من الوصول إلى صيغة توافقية بعد عدة جولات من المفاوضات".
وقامت الولايات المتحدة الأميركية بنقل مظلوم عبدي قائد "قسد" على متن مروحية إلى قاعدة جوية قرب دمشق، حيث وقع الوثيقة مع أحمد الشرع، وفق الصحيفة.
وكان مبعوث الولايات المتحدة الأميركية لشمال شرقي سوريا، سكوت بولز، عقد اجتماعاً الأحد الفائت في قاعدة "التحالف" بمحافظة الحسكة، مع وفد من "الحركة الكردستانية المستقلة"، وبحث معه مواقف الأحزاب الكردية من الحوار مع دمشق. كما أكد على بقاء القوات الأميركية في سوريا لمحاربة الإرهاب وتعقب خلايا تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) النشطة في مناطق متفرقة شرقي سوريا، وفق "الشرق الأوسط".
ومطلع شباط الفائت، نقلت قناة "أن بي سي نيوز" عن مسؤولين أمريكيين أن وزارة الدفاع تعمل على وضع خطط لانسحاب كل القوات الأمريكية من سوريا، وأوضحت أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ومسؤولين مقربين منه أعربوا عن اهتمامهم بسحب القوات الأمريكية من سوريا، وهذا ما دفع "البنتاغون" لوضع خطط للانسحاب خلال الأشهر الثلاثة القريبة.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، رحّب بالاتفاق، وأكد على أن الولايات المتحدة "تجدد دعمها لانتقال سياسي يرسّخ حكومة غير طائفية ذات مصداقية باعتبارها أفضل طريق لتجنب المزيد من النزاع".
اقرأ أيضاً: "الاتفاق السوري التاريخي".. قراءة في انعكاساته السياسية والاقتصادية
ما هدف الولايات المتحدة؟
ووفق الضباط الأمريكيين، تهدف هذه التحركات "إلى تحقيق الاستقرار في البلاد (سوريا) ومنع عودة الحرب الأهلية" وفق وصفهم، الأمر الذي قد يعقد الجهود الأميركية لكبح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)الذي لا يزال يعمل في المناطق الصحراوية ذات الكثافة السكانية المنخفضة في سوريا.
كما تهدف هذه الجهود إلى ضمان حصول الولايات المتحدة على دور في تحديد مستقبل سوريا، وفق "وول ستريت جورنال".
الموقف الأمريكي من القيادة السورية الجديدة
تتبنى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، موقفاً متحفظاً تجاه القيادة السورية الجديدة، وحثت الإدارة الأميركية الحكومة السورية الجديدة على تشكيل حكومة أكثر شمولية "إلا أن بعض المسؤولين الأميركيين ما زالوا ينظرون إليها بارتياب باعتبارهم كياناً جهادياً" وفق الصحيفة.
وأوقفت إدارة ترامب الجهود التي بدأتها إدارة بايدن للتواصل مع الحكومة الجديدة في دمشق.
ورغم ذلك يحتفظ الجيش الأميركي بقنوات اتصال مباشرة مع مكتب الرئيس السوري ووزارة الدفاع في دمشق بهدف تجنب أي صدام محتمل بين القوات الأميركية والسورية، توضح الصحيفة.
وأشارت إلى أنّ قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة كادت أن تنفذ ضربة جوية ضد موقع لإطلاق الصواريخ تابع لمجموعة مرتبطة بإيران، لكنها اتصلت أولاً بوزارة الدفاع السورية، التي أرسلت فريقاً لتفكيك الموقع، ما أدى إلى تجنب ضربة جوية كانت قد تسفر عن خسائر غير مقصودة.
وعلّق مسؤول أميركي عسكري: "كانوا متعاونين واستجابوا بسرعة، لو لم يكن هناك تواصل، لكنا شهدنا مواجهات غير متوقعة قد لا تسير على نحو جيد".
توقيت حساس
وتقول وكالة "رويترز"، إن "الاتفاق جاء في لحظة حرجة، حيث يواجه الشرع تداعيات عمليات قتل جماعي وانتهاكات استهدفت أفراداً من الأقليات في الساحل السوري، قال عنها "إنها تهدّد جهوده لتوحيد سوريا بعد 14 عاماً من الصراع".
وأبرز بنود الاتفاق نصت على: "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز" و "وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية".
وجاء الاتفاق بين الرئيس أحمد الشرع ومظلوم عبدي، في ظل حالة التنديد والغضب والدعوات للمحاسبة نتيجة التطورات العسكرية والأمنية في اللاذقية وطرطوس وحماة، التي أدت لمقتل المئات غالبيتهم من المدنيين وعناصر الأمن العام.
وأشار تقرير حقوقي للشبكة السوري لحقوق الإنسان، أن مئات القتلى المدنيين ومن "الأمن العام"، قضوا على يد عناصر مرتبطين بالنظام السابق "الفلول"، أو آخرين من "القوات الرسمية والفصائل المسلحة الموالية لها وفصائل أجنبية منضوية شكلاً تحت وزارة الدفاع".