تقارير وتحقيقات | 5 03 2025

روزنة

شهد اليوم الأربعاء، حملة عسكرية وأمنية بدأتها وزارة الدفاع بحكومة تصريف الأعمال السورية بمشاركة قوات الأمن الداخلي "الأمن العام" في مدينة الصنمين بريف درعا، بعد يوم من حملة أمنية شهدها حي الدعتور في مدينة اللاذقية.

الحملة في الصنمين تستهدف مسلحين محليين يتزعمهم محسن الهيمد المتهم بارتكاب انتهاكات وتبعيته إلى النظام السابق، بينما طالت الحملة في الدعتور باللاذقية متهمين "بارتكاب أعمال إجرامية" من "فلول النظام" حسب مدير "الأمن العام" بالمحافظة.

اشتباكات عنيفة في الصنمين

قال "تجمع أحرار حوران" إن عناصر "الأمن العام" ووزارة الدفاع خاضوا اشتباكات عنيفة صباح اليوم ضد "مجموعة الهيمد المسلحة" في الحي الجنوبي الغربي لمدينة الصنمين، عبر عملية اقتحام شاركت بها آليات ثقيلة في مواقع تحصن "المجموعة".

وأدت المواجهات لمقتل عنصرين من "الأمن العام" ومسلحين لم تحدد عددهم من "مجموعة الهيمد"، إضافة لإصابة مدنيين بينهم سيدة وطفلة برصاص الاشتباكات العشوائي.

ونشر "التجمع" صوراً تظهر ما قال مراسله إنها لعملية خروج المدنيين بعد وقف لإطلاق النار، خلال مهلة مدتها ساعة منحتها القوات الأمنية والعسكرية لتأمين خروج العائلات من مناطق المواجهات والأحياء المحاذية لها.

ولم تنشر وكالة الأنباء الرسمية سانا أو معرفات وزارة الداخلية السورية حتى ساعة نشر المادة، معلومات عن الحملة في الصنمين.

وأظهرت مقاطع مصورة استخدام عناصر وزارة الدفاع و"الأمن العام" الرشاشات الثقيلة خلال الاشتباكات، إضافة لتواجد دبابة وعربة ثقيلة دون استخدامها حسب صحافيين محليين.

ما سبب الحملة؟

بدأت الحملة الأمنية بعد فرض حظر تجوال ليلي، أمس، إثر اغتيال ثلاثة من عناصر "مجموعة محسن الهيمد" في الصنمين  وجرح أربعة مدنيين بينهم طفل، ليبدأ تصعيد صباح اليوم بعد إصابة عنصر من "الأمن العام" برصاص "عناصر الهيمد"، وفق "تجمع أحرار حوران".

ويتهم "الهيمد" وعناصره، حسب "أحرار حوران"، بتنفيذ عمليات اغتيال في الصنمين لصالح فرع "الأمن العسكري" بالنظام السابق وقبلها تنظيم "الدولة الإسلامية"، إضافة لاستيلاء المجموعة على "معظم سلاح الفرقة التاسعة" بالصنمين بعد انسحاب النظام منها.

وسلّم "الهيمد" جزء "بسيط" من السلاح المستولى عليه لإدارة "الأمن العام" بينما خبأ القسم الأكبر في مخابئ سرية، وفق "التجمع".

وسبق أن خاضت "مجموعة الهيمد" اشتباكات ضد مجموعة محلية أخرى بالصنمين، في نيسان من العام الفائت، بعد تبادل اتهامات بتفجير عبوة ناسفة، في ظل اشتباكات متكررة شهدتها المدينة على مدار السنوات الماضية بين فصائل محلية.

اقرأ أيضاً: قتلى باشتباكات مجموعتين في درعا بعد تبادل اتهامات بتفجير عبوة ناسفة

الدعتور.. حملة بعد "كمين مسلّح"

قبل يوم، شهد أيضاً حي الدعتور في مدينة اللاذقية توتراً أمنياً منذ مساء الإثنين، بعد مقتل عنصرين من "الأمن العام" في "كمين مسلّح"، ما دفع إلى إطلاق حملة أمنية استمرت حتى ظهر الثلاثاء، أدت لإلغاء جامعة تشرين الامتحانات المقررة أمس وسط قلق بين الطلبة.

وقال مدير إدارة الأمن العام في اللاذقية، المقدم مصطفى كنيفاتي، إن عنصرين قتلا نتيجة استهدافهما من "مجموعة من فلول النظام البائد (...) عبر كمين مسلح في حي الدعتور"، ما استدعى تجهيز "قوة أمنية خاصة وجمع المعلومات المتعلقة" لبدء الحملة.

وأوضح "كنيفاتي" أن عناصر "الأمن" وصلوا إلى "أحد عناصر الخلية الإجرامية، ومداهمة وكرها بشكل فوري"، إذ ألقت القبض على "أشخاص متورطين بالأعمال الإجرامية"، وسط استهداف الدوريات الأمنية بقنابل أدت لإصابة عدد من العناصر، تبعها رد على مصدر النيران.

وأكد المقدم "كنيفاتي" في تصريحاته التي نقلتها معرفات وزارة الداخلية أن "إدارة الأمن العام مستمرة بالتصدي لأي تهديدات تمس أمن الوطن والمواطنين، وتدعو الجميع إلى التعاون والإبلاغ عن أي نشاطات مشبوهة".

ولم تنشر معرفات "الداخلية" أو "سانا" أي صور أو مقاطع مصورة للحملة في الدعتور، حتى ساعة نشر المادة، كما لم يتسن لروزنة التحقق من صحة عدد كبير من المقاطع المصورة المتداولة عبر مواقع التواصل، يقول ناشروها إنها من حي الدعتور خلال الحملة أو بعدها.

"المرصد السوري": 4 "مواطنين" قتلوا

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الثلاثاء، إن أربعة "مواطنين" قتلوا برصاص قوى الأمن الداخلي "العام" خلال عملية الدهم في حي الدعتور ذو الغالبية من السوريين أبناء الطائفة العلوية، مشيراً أن بينهم "قتيلين يعملان حرساً لمدرسة الحي"، وفق قوله.

وأشار المرصد أن حملة الدهم الأمنية في الدعتور، شهدت مشاركة وزارة الدفاع عبر الدفع بآليات وسيارات رباعية الدفع مزودة برشاشات وعناصر إلى محيط الحي "بحثا عن مسلحين من (شبيحة الأسد) وتجار المخدرات بالإضافة لوجود آلاف السجناء الجنائيين (الفارين)".

وجاءت العملية "على خلفية اختطاف عنصرين من الأمن الداخلي من قبل (شبيحة الفار بشار الأسد) في مدينة اللاذقية، حيث عثر على جثتي العنصرين وقد تمت تصفيتهما"، حسب "المرصد السوري".

ونقل "المرصد" عن مصادره أن الحملة أدت لاعتقال أربعة أشخاص و"اقتحام عدد من المنازل، ما سبب أضراراً في أحدها بسبب إطلاق النار العشوائي"، في ظل قطع للطرقات المؤدية للحي رافقها إطلاق نار كثيف.

وسبق أن نقل  "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن هجوماً مسلحاً نفذه عناصر من "شبيحة" النظام السابق وقع قرب دوار الأزهري، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بعد استهداف عناصر الأمن وإلقاء قنبلة، ما أدى إلى مقتل عنصرين.

ولم يتسن لروزنة التحقق من مصادر مستقلة حول المعلومات الواردة في تقرير "المرصد السوري".

اقرأ أيضاً: إصابات واعتقالات.. ماذا يحدث في جديدة الفضل؟

هلع بين السكان

يصف طوني أحد أبناء مدينة اللاذقية، حي الدعتور القريب من مكان إقامته، بأنه منطقة عشوائية ذات بيوت متراكمة ومتلاصقة، يقطنها سكان من السوريين من الطائفة العلوية.

ويوضح لروزنة: "حاصرت القوات الأمنية الحي، منذ الصباح (أمس الثلاثاء) وأصوات الرصاص والنيران لم تهدأ بعدما هاجم مسلحون دورية الأمن عند دوار الأزهري".

ونشرت عدة صفحات محلية في اللاذقية فيديوهات وصور لتضرر المنازل جراء الاستهداف العشوائي، لم يتسن لنا التدقق من صحتها من مصادر مستقلة.

من جهتها تروي زينة، سيدة تقيم في حي الدعتور، ما حصل منذ مساء أول أمس وحتى أمس قائلة: "حاصرت القوى الأمنية حيّنا منذ البارحة من كل الجهات (...) وغادروا الحي ظهراً حوالي الساعة الـ 12".

ووصفت شعورها في مراسلة مع روزنة: "لم ننم طيلة الليل خوفاً من أصوات الاشتباكات والأسلحة، البيت أصبح يهتز إثر ذلك"، وفق قولها.

وعبرت الشابة التي فضلت استخدام اسم مستعار عن استنكارها لوصم البعض لسكان الحي بأنهم "فلول النظام" ودخول الأرتال الأمنية والعسكرية إلى الدعتور، بعد دخول متهمين إلى الحي الذي يوجد له عدد من المنافذ للخروج.

من جهته نقل سعيد (اسم مستعار/55 عاماً) عن شقيقته وزوجها وأقارب آخرين، أن "الأمن العام" دخل إلى منازل وسأل عن السلاح "وفي الشوارع رشقات الرصاص ملأت الأجواء وتضررت السيارات المركونة، إضافة إلى إلقاء قنابل صوتية أثارت الذعر والرعب في الأجواء".

وبيّن أن الهدوء عاد إلى الحي بعد اجتماع لفعاليات حي الدعتور وشيوخ الطائفة العلوية على رأسهم غزال غزال مع الأمن العام.

ولم تنشر روزنة معلومات ذكرها سعيد أو زينة أو طوني (أسماء مستعارة)، لعدم تقاطعها.

إلغاء الامتحانات

أعلنت "جامعة تشرين" عن "تأجيل الامتحانات المقررة أمس الثلاثاء في جامعة اللاذقية، على أن تحدد مواعيدها لاحقاً". واشتكى طلاب عبر صفحة الجامعة أن القرار صدر بعد وصولهم إلى القاعات.

روني، أحد طلاب جامعة جامعة تشرين في اللاذقية، أكد لروزنة إلغاء الامتحانات التي كانت مقرّرة اليوم، مضيفاً: "لا تتأجل الامتحانات إلا إذا كان هناك أمر كبير".

تقول بتول عبر فيسبوك: "دخلنا إلى القاعات وأعادونا، يجب أن تصدر مثل هذه القرارات قبل يوم مو بنفس اللحظة"

"المجلس الإسلامي العلوي في سوريا والمهجر يحذّر

أصدر "المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر" بياناً، أمس الثلاثاء، حول أحداث حي الدعتور في اللاذقية.

وقال المجلس في البيان، إنه يكثّف جهوده لوقف ما وصفها "حالة الترويع التي يعانيها المدنيون في حي الدعتور مع التركيز على إنهاء حالة الحصار غير الضرورية".

وأوضح أن شيخاً ممثلاً عن المجلس زار المنطقة برفقة وفد "للتنسيق والتواصل مع الوجهات والجهات الفاعلة، والعمل على تحريك مسار الوساطة واعتماد منهج التهدئة وضبط النفس، بهدف التوصل إلى حل سريع يحمي المدنيين".

وأضاف أن زيارة الوفد تأتي لمنع "من يحاول الاصطياد بالماء العكر من خلق الفتنة ، بما يجنّب المنطقة أي تصعيد غير محسوب العواقب".

وحذّر المجلس في ختام بيانه، من أي دعوات لتأزيم المشهد، وشدد على أن المصلحة العامة تقتضي تضافر الجهود لإنهاء حالة الاحتقان بما يضمن سلامة المدنيين ويعيد الاستقرار إلى المنطقة.

وتستمر الحملات الأمنية في مناطق سورية عدة، وسط تضارب معلومات حولها وانتشار شائعات عبر مواقع التواصل، في ظل انتقادات متعلقة بحق وصول الإعلام للمعلومة وتغطية الحدث، وغياب التلفزيون الرسمي مع سيل التضليل المنتشر المهدد للسلم الأهلي.