تقارير وتحقيقات | 3 03 2025

واجهت اللجنة التحضيرية لإعداد مسودة الإعلان الدستوري في سوريا، موجة انتقاد واسعة من سوريين وسوريات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تسريب نص المسوّدة لوسائل إعلام غير سورية، قبل أن تباشر اللجنة أعمالها بموجب القرار الرئاسي الصادر أمس الأحد.
وبعيد إعلان رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، قراراً بتشكيل لجنة لصياغة مسودة الإعلان الدستوري مؤلفة من خمسة رجال وسيدتين، توالت الانتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نعرض لكمفي المادة التالية أبرز النقاط التي دارت حولها.
وتكونت اللجنة من عبد الحميد عواك وياسر الحويش وإسماعيل الخلفان وريعان كحيلات ومحمد رضى جلخى وأحمد القربي وبهية مارديني، وجميعهم حسب القرار يحملون شهادة الدكتوراه، لكن في اختصاصات مختلفة حسب ما جرى تداوله عن سيرهم الذاتية.
ولم يصدر حتى ساعة نشر المادة، أي توضيح أو تعليق رسمي حول التسريبات الإعلامية المتداولة.
ساعات.. وسرّبت المسوّدة!
عند السادسة و15 دقيقة نشر الحساب الرسمي لـ"رئاسة الجمهورية" في منصة "X"، نص القرار الرئاسي بتشكيل لجنة صياغة مسودة الإعلان الدستوري، مؤلفاً من ثلاث مواد، الأولى بأسماء اللجنة والثانية حول مهمتها، والثالثة برفع "مقترحها" إلى الرئيس "الشرع".
بعدها بنحو أربع ساعات، نشر الحساب صورة لاجتماع الرئيس أحمد الشرع مع أعضاء اللجنة في قصر الشعب، عند العاشرة وخمس دقائق بتوقيت دمشق، دون تحديد زمان عقد الاجتماع.
وبعد أربع دقائق فقط، عند العاشرة وتسع دقائق، نشرت شبكة الجزيرة القطرية نقلاً عن مصادرها، تسريباً حول عدد مواد الإعلان الدستوري في المسودة وبعض موادها.
وبعد نحو ساعة من نشر تسريب "الجزيرة"، كشفت جريدة "المدن" اللبنانية عبر موقعها الإلكتروني ما قالت إنه مسودة "أولية" كاملة للإعلان، مؤلفة من 43 مادة "الذي تعمل اللجنة التي كلفها الرئيس أحمد الشرع بالعمل على إعداده".
وسبق أن تناولت حلقة من برنامج "القصة كالتالي" لمحمد الحاج على روزنة، تفاصيل حول الإعلان الدستوري، عن تعريفه وما الذي يتناوله وتجارب دول أخرى وما قاله حقوقيون سوريون عن ضرورة الإسراع بإعلانه.
"الإعلان جاهز!"
اعتبر البعض ما حصل من تسريب بأنه "فضيحة" وتركزت الانتقادات بجانبين، الأول متعلق بنشر المسودة قبل مباشرة اللجنة أعمالها وبعد ساعات فقط من إعلان تشكيلها، والآخر مرتبط بكيفية تسريب المواد قبل الإعلان عنها رسمياً، ونشرها عبر وسائل إعلام غير سورية.
ونشر صحافيون وحقوقيون وناشطون سياسيون سوريون، منشورات مساء أمس الأحد، تقاطعت أغلبها حول سؤال "كأن الإعلان جاهز قبل تعيين اللجنة؟!"، وغلب على نسبة من التعليقات طابع ساخر متهكم وآخر غاضب.
وحول ذلك كتبت الصحافية هدى أبو نبوت: "أسرع إعلان دستوري بالتاريخ كله بنكتب بعد أقل من ساعتين من إعلان اللجنة التي تم اختيارها لكتابة الدستور"، بينما نشرت الصحافية هنادي الخطيب: "ما أحلانا ونحن عم نعرف أهم أخبار بلدنا من تسريبات العربية او الجزيرة".
مجلس الشعب.. يعينه الرئيس!
كذلك انتشرت اعتراضات حول بند ورد في تسريبات الإعلان الدستوري، وهو "تعيين مجلس الشعب من قبل رئيس الجمهورية" خلال ستين يوماً من إقرار الإعلان.
واعتبر منتقدون، منهم الكاتب والصحافي مصطفى الجرادي، بأن هذه الفقرة توحي بأن الرئيس هو "مصدر كل السلطات" في سوريا بالفترة الانتقالية.
وجرى التطرق إلى تشكيل "مجلس تشريعي مؤقت" يضطلع بمهام السلطة التشريعية في سوريا خلال الفترة الانتقالية، في تصريحات سابقة للرئيس "الشرع" وفي البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني وبيان إعلان انتصار الثورة السورية الذي "فوضه" لتشكيل المجلس.
وفي التسريب المزعوم حول مسودة الإعلان الدستوري، لم يذكر مصطلح "مجلس تشريعي مؤقت" بل "مجلس الشعب".
قد يهمك: أين مجلس الشعب السوري؟
ديانة الرئيس و"القائد الأعلى"
طالت فقرة ديانة الرئيس وتحديدها مجدداً بالإسلام لانتقادات من بعض السوريين، الذين عبّروا عن آمالهم بأن يجري تغيير هذه الفقرة المعتمدة في دساتير سوريا السابقة، بعد الانتقال إلى مرحلة جديدة في تاريخ البلاد.
وعن هذا، كتب عضو الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان ومنصة "مدنية"، حسام القس: "تكريس مادة تحدد دين رئيس الجمهورية تُعتبر انتقاصاً من درجة المواطنة لدى المواطنين السوريين غير المسلمين، نتقاصاً معنوياً وحقوقياً ودستورياً".
وأضاف بأن ما وصفه بالانتقاص يأتي "في بلد نعتبره وطناً نهائياً نريده أن يكون وطناً لكل السوريين .. وطناً يكرس مفهوم المواطنة المتساوية بين جميع أبناءه أفراداً وجماعات".
وأبدى سوريون وسوريات تحفظهم أيضاً من بند تسمية رئيس الجمهورية "قائداً أعلى للجيش والقوات المسلحة"، إذ ذهب بعضهم للسؤال عن الفرق بين الإعلان الدستوري و"دستور 2012".
أيضاً، أثيرت تساؤلات حول البند المسرّب المتعلق بقانون الأحزاب وفصل السلطات، وعدم التطرق لمدة قواعد وإجراءات الانتخابات وطريقة الإشراف عليها بعد انتهاء المرحلة الانتقالية.
ونشر الحقوقي السوري ميشيل شماس مقطعاً عبر قناته في منصة يوتيوب، حول أبرز النقاط التي يفترض أن يتناولها الإعلان الدستوري، متمنياً التوفيق للجنة بصياغة إعلان "بأسرع وقت، لأننا الوقت يداهمنا، نريد إعلان يحدد الخطوط الأساسية للمرحلة الانتقالية".
وختم "شماس" بأن الدخول بنقاط خلافية "نحن بغنى عنها" في هذه المرحلة التي وصفها بالـ"عصيبة".
وأشاد سوريون وحقوقيون بأعضاء في اللجنة التحضيرية بينما انتقد ناشطون أسماء أخرى، كما عبّر ناشطون وسياسيون عن آمالهم بالإعلان الدستوري معربين عن تفهمهم لبعض بنوده التي سرّبت، كتسمية مجلس الشعب وغيرها من النقاط التي أثير حولها الجدل.
اقرأ أيضاً: مؤتمر الحوار الوطني السوري يختتم أعماله.. هذا أبرز ما جاء في بيانه الختامي
ونشر الكاتب إسلام أبو شاكير عبر حسابه في فايسبوك: "تسريبات مجهولة المصدر، والأغلب أنها مفتعلة ولا أساس لها من الصحّة (التجارب الماضية علمتنا: تشكيل حكومة، مؤتمر حوار وطني، تعيينات، قرارات..".
وأضاف: "وهناك من يتناقلها (التسريبات مجهولة المصدر)، ويناقشها، ويدين على أساسها، ويغضب، ويهدّد، ويخوّن، ويحرّض، ويجيّش..الموقف الحقيقي ذو المصداقية الذي يحترم مهما كانت طبيعته، هو المبني على حقائق، ومعلومات مؤكدة".
وينتظر السوريون إصدار واعتماد الإعلان الدستوري، وسط توقعات باعتماده خلال أيام أو أسبوع، من رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية، وهذا ما تختلف حوله الآراء بين من يرى لضرورة الإسراع بشغل الفراغ الدستوري الحاصل، وآخر يصف سرعة الإجراءات بـ"السلق".