الإضراب في سجن رومية.. ماذا يحدث داخل أجسام المضربين عن الطعام؟

الإضراب في سجن رومية.. ماذا يحدث داخل أجسام المضربين عن الطعام؟

تقارير وتحقيقات | 22 02 2025

إيمان حمراوي

لليوم الـ 12 على التوالي يواصل أكثر من مئة معتقل سوري في لبنان إضرابهم المفتوح عن الطعام، رغم تدهور حالتهم الصحية، للمطالبة بتسليمهم إلى الحكومة السورية الجديدة.

ومنذ الـ 11 من شباط الجاري، بدأ 120 معتقلاً سورياً في سجن رومية بالعاصمة اللبنانية بيروت إضراباً عن الطعام، احتجاجاً على إهمال ملفهم بعد سقوط النظام السوري السابق، ولا سيما أنّ معظمهم معتقل بسبب مواقفه المناهضة للأخير خلال الثورة السورية.

وأمس الجمعة، تجمع العشرات من أهالي المعتقلين في لبنان عند جديدة يابوس - المصنع على الحدود السورية اللبنانية، مطالبين باستعادة أبنائهم. كذلك تظاهر آخرون أمام كنيسة مار إلياس خضر الحي "جوسيه" في حمص، وطالبوا بالإفراج العاجل عن المعتقلين السوريين في سجن رومية قبل دخول شهر رمضان.

اقرأ أيضاً: "نحن بشر ولسنا أرقاماً".. سوريون في سجن رومية ينتظرون العدالة والحرية

وفي ظل استمرار الإضراب لليوم الـ 12 ما هو الوضع الصحي الذي وصل إليه المعتقلون؟ وإلى متى تستطيع أجسادهم الاستمرار على الإضراب من ناحية الصحة الجسدية؟ ماذا يحدث لجسم الإنسان عندما لا يتلقى ما يكفي من العناصر الغذائية لفترة طويلة؟ نقدم إجابة طبية حول تلك الأسئلة.

ما هي الأوضاع الصحية للمعتقلين؟

بحسب بيان "مركز وصول لحقوق الإنسان"، أمس الجمعة، أدى الإضراب حتى اليوم إلى تدهور الحالة الصحية، حيث تم تسجيل حالات إغماء وانهيار تطلبت نقل البعض بشكل عاجل إلى المستشفى.

وأشار البيان إلى أنّ المضربين عن الطعام وجهوا نداءات عاجلة لمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي للتدخل الفوري وإنقاذ حياتهم، وسط قلق متزايد من استمرار الإضراب وتداعياته الصحية على المعتقلين.

أم فهد شقيقة المعتقل السوري في سجن رومية، حسن حربا، تقول لروزنة حول وضعه الصحي: "إنه بالكاد يستطيع الكلام بسبب الإضراب، وقبل أيام نقل إلى المستشفى".

وتوضح: "الوضع حرج جداً، أمس نقل عدد من المعتقلين إلى المستشفى جراء تدهور وضعهم الصحي، ورغم ذلك رفضوا تناول الطعام لمتابعة إضرابهم وتحقيق مطالبهم".

تأثير الإضراب وسوء التغذية على الصحة؟

الإضراب عن الطعام له ثلاثة أنواع رئيسية، وفق المجلة الطبية العلمية السويسرية "Swiss Medical Weekly" وهي: الصيام المطلق عن تناول الطعام والسوائل تماماً، وهو نادر الحدوث لأن الجسم لا يمكنه البقاء على قيد الحياة أكثر من بضعة أيام دون سوائل، ما يجعل فترة التفاوض قصيرة جداً،

الصيام التام: أي تناول المياه فقط مع الامتناع عن جميع الأطعمة الصلبة، وغالباً مع يضاف الملح أو المعادن إلى المياه.

الصيام الجزئي: يتضمن تناول بعض المغذيات السائلة (مثل السكر أو العسل) مع الامتناع عن الطعام الصلب. بعض السلطات تعتبر هذا النوع من الصيام "تحايلاً"، لكنه إذا استمر لفترة طويلة، فقد يؤدي أيضاً إلى الوفاة ولكن بوتيرة أبطأ من الصيام التام.

قد يهمك: نقل بعضهم للمستشفى.. معتقلون سوريون في لبنان يرفضون فك الإضراب

خلال مرحلة الإضراب "المجاعة"، قد يؤدي سوء التغذية إلى تأثيرات خطيرة على جميع أجهزة الجسم، مثل:

-نقص الفيتامينات قد يؤدي إلى أعراض (مثل متلازمة فيرنيك-كورساكوف الناتجة عن نقص فيتامين B1) وإذا لم تعالج قد تؤدي إلى إعاقة دائمة وفقدان ذاكرة شديد وقد تكون مهددة للحياة.

-اختلال توازن الإلكتروليتات (قد يؤدي إلى سكتة قلبية).

-اضطراب استقلاب الكيتونات (يؤدي إلى فقدان الوزن الحاد والحُماض).

-انخفاض إنتاج البروتين (يؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي).

التأثيرات الأيضية والفسيولوجية للإضراب عن الطعام

في المراحل الأولى من الإضراب، ينتقل الجسم من استخدام الكربوهيدرات إلى الدهون والبروتينات كمصدر رئيسي للطاقة.

تنفد مخازن الجليكوجين "الجلوكوز السكر في الجسم" خلال 2-3 أيام، ثم تبدأ الأحماض الأمينية في العمل كمصدر للطاقة لبضعة أيام.

مع استمرار الإضراب، تحدث تغيرات هرمونية وأيضية للحد من انهيار البروتينات والعضلات.

الأشخاص من ذوي الوزن الطبيعي، يمكن أن يستمر الصيام حتى 2 إلى 2.5 شهراً، حيث يعتمد الدماغ على احتياطات الدهون.

عندما تنفد مخازن الدهون، يبدأ الجسم في تكسير البروتينات بمعدل كارثي، مما يؤدي إلى مضاعفات قاتلة حتى قبل هذه المرحلة.

المضاعفات الخطيرة الناجمة عن هذه التغيرات تشمل:

-الجفاف (قد يسبب صدمة، فشل كلوي، سكتة دماغية).

-الغيبوبة الناتجة عن انخفاض سكر الدم.

-اضطرابات التمثيل الغذائي (مثل اضطرابات نبضات القلب).

-قرحة المعدة وتكون حصوات الكلى.

-المخاطر الكبيرة المرتبطة بإعادة التغذية بعد الإضراب (متلازمة إعادة التغذية).

تبدأ المضاعفات الخطيرة والوفاة غالباً من اليوم الأربعين من الإضراب، ولكن يمكن أن تحدث مضاعفات مبكرة وغير متوقعة في أي وقت.

يوصى بإجراء مراقبة طبية دقيقة عند فقدان 10 بالمئة من وزن الجسم لدى الأشخاص الأصحاء.

تبدأ المشاكل الطبية الخطيرة عند فقدان 18 بالمئة من الوزن الأساسي.

نقص فيتامين B1 (الثيامين) شائع لدى الأشخاص الذين يتناولون السكر والسوائل فقط أثناء الإضراب. ويجب على الطبيب إعادة تذكير المريض بانتظام بجميع هذه المخاطر.

نتائج فسيولوجية ومخبرية لسجناء أضربوا عن الطعام سابقاً

في أيار عام 2017 أضرب أكثر من ألف معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية عن الطعام احتجاجاً على أوضاع اعتقالهم، وللمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية.

ولتجنّب تفاقم الوضع أحالت سلطات السجون المضربين عن الطعام عند بلوغهم مرحلة معينة من الإضراب، في اليوم الـ 38، إلى أقسام الطوارئ بالمستشفيات لإجراء تقييم طبي خارج نظام السجون.

في دراسة نشرت شهر آب عام 2018 على موقع "sciencedirect" فحصت "الأثر الرجعي للعلامات السريرية والمخبرية" لـ 50 سجيناً مضرباً عن الطعام أحيلوا إلى الطوارئ بعد فترة طويلة من الإضراب.

وكانت من نتائج الدراسة، أنه بعد متوسط 38 يوماً (بين 28 و44 يوماً) من الإضراب عن الطعام كانت أكثر الشكاوى شيوعاً ألم الصدر (14 حالة من أصل 60) وألم البطن (13 حالة من أصل 60 ) ومتوسط فقدان الوزن بلغ 18.5%.

معظم المرضى كانوا يعانون من بطء في ضربات القلب، وبعضهم أصيبوا بانخفاض في درجة الحرارة.

كما وجدت الدراسة أنّ عدداً كبيراً من الاضطرابات المخبرية الناتجة عن هزال العضلات ونقص البروتينات، إضافة إلى نقص الفيتامينات والعناصر الغذائية الدقيقة.

وفي ظل استمرار إضراب المعتقلين في سجن رومية، تزداد المخاطر الصحية التي تهدد حياتهم، حيث تشير التقارير الطبية إلى احتمالية حدوث مضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى نتائج لا رجعة فيها.

ومع وصولهم إلى مرحلة حرجة، يصبح التدخل العاجل لإنقاذهم أمراً ضرورياً، خاصة في ظل غياب أي حلول تلوح في الأفق. وبينما تتزايد المطالب الحقوقية بضرورة إنهاء معاناتهم، يبقى السؤال الأهم: إلى متى سيستمر تجاهل أصواتهم؟

ووفق "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" فإن السلطات المحتجزة مسؤولة عن صحة المعتقلين والمتابعة الطبية لجميع المعتقلين المضربين عن الطعام.

وبغض النظر عما إذا كان المضرب عن الطعام يرفض العلاج أم لا، فإن من واجب السلطات المحتجزة ضمان الوصول إلى الرعاية المناسبة، قد يشمل ذلك نقل المعتقلين إلى منشآت صحية قادرة على إدارة العواقب الطبية المعقدة لإضراب طويل عن الطعام، وفق "الصليب الأحمر".

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض