تقارير وتحقيقات | 25 12 2024
إيمان حمراوي
في حادثة مروعة أثارت غضباً واسعاً، قُتل ثلاثة قضاة أثناء عودتهم من مدينة حماة، بعد استهدافهم من قبل مسلحين على طريق حماة - مصياف، بالقرب من مفرق بلدة الربيعة.
وتأتي هذه الجريمة وسط حالة من الاستنكار المحلي، في وقت دعت فيه نقابة المحامين بحماة إلى وقفة احتجاجية تنديداً بـ"الجريمة".
وفي الآونة الأخيرة توالت شكاوى لـ"إدارة العمليات العسكرية" بشأن انتهاكات طالت المدنيين، بما في ذلك الأقليات في مناطق مختلفة، وعلى الرغم من وصف معظم هذه الانتهاكات بأنها "فردية"، إلا أن "إدارة العمليات" استجابت لبعض مطالب الأهالي المتعلقة بتلك التجاوزات.
ماذا حدث؟
وفقاً لمصادر محلية لروزنة، عُثر على جثامين القضاة مرمية على قارعة الطريق، حيث نقلت إلى المستشفى بواسطة فرق الدفاع المدني. وأوضحت المصادر أن القضاة كانوا عائدين إلى منازلهم، بسيارة أحدهم، وذلك بعد اجتماع للقضاة في حماة، حيث أوقف مسلحون السيارة وأمروهم بالنزول، ليتم تصفيتهم وقتلهم.
وانتشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر خلاله جثث القضاة الثلاثة وهم مرميون على الطريق، تعتذر روزنة عن نشره بسبب قساوة المشهد.
القضاة المستهدفون هم القاضي محمد حمود من قرية الفندارة في مصياف، والقاضي منذر حسن من قرية العامرية في مصياف، والقاضي يوسف غنوم من قرية السعداني في القدموس.
وكان القضاة الثلاثة يعملون في محكمة حماة العقارية، وهي جهة مختصة بتسوية النزاعات العقارية بعيداً عن أي مهام ذات طابع جنائي أو سياسي.
اقرأ أيضاً: السقيلبية: مظاهرات ووعود بالمحاسبة بعد إحراق شجرة الميلاد.. ما القصة؟
استنكار واسع ودعوات للتهدئة
وأدانت "نقابة المحامين في حماة" الجريمة في بيان رسمي، واصفة إياها بأنها "عمل جبان يستهدف زعزعة الاستقرار وإشعال نار الفتنة". كما اتهم البيان أشخاصاً من النظام السوري السابق بالوقوف وراء الجريمة.
وأضاف البيان: "إن هذا الاستهداف ليس إلا محاولة لزرع الفوضى بين أبناء الشعب السوري المنعتق حديثاً من ظلم الطواغيت". ودعا مجلس النقابة إلى وقفة احتجاجية أمام مبنى النقابة للتنديد بالجريمة.
اقرأ أيضاً: السقيلبية: مظاهرات ووعود بالمحاسبة بعد إحراق شجرة الميلاد.. ما القصة؟
ردود فعل شعبية
وأثارت الجريمة غضباً واسعاً بين السوريين، ووصف ناشطون الحادثة بأنها جريمة بشعة تهدد النسيج الاجتماعي في المنطقة، وأشار آخرون إلى أن استهداف القضاة المدنيين، يمثل تصعيداً خطيراً في أعمال العنف، مما قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على مستوى السلم الأهلي.
نور الدين علي، أحد أقارب أحد القضاة، أشار عبر فيسبوك إلى أنه "ضمن دائرة أقارب أولئك القضاة لا يوجد أحد في المؤسسة العسكرية السابقة لتبرير الجريمة التي وقعت بحقهم" واعتبر ما حدث "استهداف يهدّد السلم الأهلي وينذر بانفجار لايمكن التنبؤ بارتداداته".
وناشدت شخصيات محلية ومدنية السلطات بضبط الوضع الأمني تحت وسم "سوريا لكل السوريين" والمطالبة بـ "بحماية الأقليات"، مشيرين إلى أن العدل لا يمكن أن يتحقق بالانتقام والدم، ودعوا إلى تحكيم العقل لتجنب دوامة العنف التي قد تحرق الجميع.
وفي ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي تشهدها سوريا بعد سقوط النظام السابق، تتزايد التطلعات نحو بناء دولة جديدة ترسخ قيم الحرية والعدالة. وبين التصريحات الرسمية والوعود المتكررة، تتباين ردود الأفعال بين التفاؤل بمستقبل أفضل والقلق من تكرار أخطاء الماضي.
وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية، أسعد حسن الشيباني، قال على منصة "إكس" أمس الثلاثاء، "في سوريا الجديدة سيشعر الجميع بالانتماء لهذا البلد، بلد يحفظ الكرامة والحرية ليحيا أبناؤه حياة كريمة، سنطوي صفحة الظلم والاستبداد، ونؤمِّن عودة عزيزة لكل من هُجّر من أرضه وبيته".
وكذلك تعهد أحمد الشرع بعد سقوط النظام السوري، في بيانات وتصريحات صحافية عدة، بحماية حقوق الإنسان و"رعاية الأقليات"، ومع ذلك لا تزال مطالبات المجتمع المحلي تتصاعد لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث.
