أهالي اللاذقية يرفضون الإساءات: "لا نقبل التمييز ولا الصمت عن الظلم"

أهالي اللاذقية يرفضون الإساءات:

تقارير وتحقيقات | 21 12 2024

إيمان حمراوي

منذ أن دخلت فصائل "إدارة العمليات العسكرية" إلى الساحل السوري، تحديداً محافظة اللاذقية، قبل نحو أسبوعين، بدأ الغضب يطفو على السطح. أهالي القرى، خاصة من الطائفة العلوية، أصبحوا يشكون من انتهاكات واسعة لحقوق المدنيين. في المناطق مثل جبلة والقرداحة، سمع سكانها أصوات الرصاص ليلاً، وشاهدوا نهب ممتلكاتهم وسلبها.

مقاطع الفيديو التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، أبرزت مشاهد غير قابلة للتجاهل، حيث تزايدت الاعتداءات الطائفية التي ألهبت مشاعر التوتر والاستياء.

في هذا السياق، جاء إعلان الحكومة السورية الانتقالية عن أولوية "حفظ الأمن ومنع زعزعة الاستقرار"، كأنها كلمات جوفاء في ظل ما يحدث.

وكانت "إدارة العمليات العسكرية" بقيادة أحمد الشرع، المعروف بـ(أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام)، قد سيطرت على دمشق في الـ8 من كانون الأول الجاري، بعد انسحاب قوات النظام السوري السابق. ومن ثم توالت السيطرة على باقي المناطق التي كانت تحت سيطرة الأخير، في تحول دراماتيكي لميزان القوى في البلاد.

أهالي جبلة والقرداحة: نرفض المعاملة المهينة

انتشرت العديد من مجموعات الرقمية التي تعمل على توثيق الانتهاكات بحق أهالي الساحل ومنها "توثيق الانتهاكات في سوريا".

وأفاد سكان من قرى جبلة والقرداحة، عبر مقاطع مصورة، بأن بعض عناصر فصائل "إدارة العمليات العسكرية" أقدموا على ترهيب الأهالي بإطلاق النار ليلاً وإجبارهم على الإجابة عن أسئلة تتعلق بانتماءاتهم الطائفية، ما عدا السرقة "التشليح" عبر الطرقات.

في قرية زاما بمنطقة جبلة، أصدر الأهالي قبل يومين بياناً مصوّراً استنكروا فيه تصرفات هذه العناصر، التي شملت الاعتداء على الشباب، والتلصص على النساء. البيان وصف هذه التصرفات بأنها "غير مقبولة"، داعياً إلى وقفها فوراً ومحاسبة المسؤولين عنها.

أحد سكان قرية زاما بريف جبلة تحدث عن ممارسات متكررة تشمل توقيف السيارات وتفتيشها وسؤال الركاب عن انتمائهم الطائفي، مع تعليقات مهينة وإجراءات تعسفية.

وقال المتحدث باسم الأهالي في زاما: "منذ لحظة دخول فصائل "إدارة العمليات العسكرية" إلى المنطقة كثرت المخالفات الشخصية أو المتعمدة، موضحاً أن في "اللواء 107" الموجود ضمن المنطقة هناك ثلاثون عنصراً لا يعلم الأهالي لمن ينتمون، يوقفون "السرافيس" ويسألون من فيها عن طائفتهم، مضيفاً: "وكأن العلوية أو النصيرية تهمة كالعمالة لإسرائيل، وهذا نرفضه".

وأضاف: "ليلاً تجوب سياراتهم المنطقة فيقومون بإطلاق الرصاص العشوائي مهدّدين أمن وسلامة المدنيين، ما عدا التلصّص على نساء القرية وضرب شباب القرية بدون سبب".

وأكد المتحدث: "نحن لسنا أقلية، ولا نقبل أن يمارس علينا ضغط العنصر الطائفي".

وفي القرداحة، تجمع عشرات الأهالي، مساء أمس الجمعة، وأكدوا في بيان مصور أن الإساءات تكررت منذ لحظة دخول الفصائل العسكرية، حيث تعمد العناصر إهانة أشخاص محترمين وتصويرهم من جهة واحدة فقط.

وأضافوا: "لا نريد أن نشاهد الإساءات الفردية مجدداً"، مشددين على أن "أهالي القرداحة معروفون بالشهامة ولا يصمتون عن ظلم"، وأن استمرار الإساءات قد يؤدي إلى "ثورة جديدة".

اقرأ أيضاً: الوفد الأمريكي بعد الاجتماع بمسؤولين في دمشق: كان اللقاء إيجابياً ومثمراً

عدم المساس بالعقيدة مطلب الأهالي

واجتمع عدد من أهالي قرية زاما في ريف جبلة، مع عناصر من "إدارة العمليات العسكرية"، ورفضوا خلال الاجتماع التعرض لأي شخص بسبب انتمائه وطائفته، قائلين: "الدين لله والوطن للجميع".

وأكد الأهالي على وقوفهم بجانب السلطات الجديدة لبناء وإعمار البلد، بشرط عدم المساس بالعقيدة "لا توجد أمة تلغي وجودنا ولا نلغي وجود أحد (...) نرفض القول بأننا من الأقليات".

كذلك تحدثت عاتكة بركات، عبر منشور على فيسبوك، عن تعرض والدتها لموقف مهين على أحد الحواجز بسبب انتمائها الطائفي، دون ذكر اسم المنطقة، مؤكدة أن هذه التصرفات "لا تمثل أخلاق أهالي اللاذقية"، ودعت إلى إنهاء هذه الانتهاكات التي "لن تخدم أي طرف".

أحد السكان من قرية الصبورة وثّق تسجيل مصور لحظة استجوابه من قبل أحد العناصر وسؤاله عن طائفته عبر سلوك مهين، في مشهد يعكس حالة من التمييز الطائفي المرفوضة.

قد يهمك: مجلس الأمن يدعو إلى عملية سياسية شاملة "بقيادة سورية"

سرقوا سيارة زوجتي

أحد أهالي مدينة اللاذقية، قال لروزنة، هناك الكثير من الانتهاكات الموثقة من قبل عناصر "إدارة العمليات العسكرية".

وتحدث لروزنة عن سرقة سيارة زوجته من قبل عناصر في "الإدارة" طلبوا منها إيصالهم إلى منطقة محددة، ومن ثم طلبوا منها النزول ليسرقوا سيارتها.

يقول الزوج، الذي فضّل عدم ذكر اسمه: "سرقونا رغم أننا مددنا لهم يد العون عندما دخلوا المدينة، قدمنا لهم الطعام والشراب، وحتى الحلويات فرحاً بانتصار الثورة السورية، فكان جزاؤنا السرقة".

استرجع الزوجان السيارة بعد تقديم شكوى لـ"إدارة العمليات العسكرية" لكن "بدون نمرة" أي بدون لوحة التسجيل.

وتحدث عن وجود مطالبات من بعض العناصر للأهالي للفصل بين الرجال والنساء في الحافلات، أو في المصاعد ضمن الأبنية، كذلك طلبوا من الأطباء في مستشفى تشرين الفصل بين الكوادر الطبية، من خلال تخصيص غرف للطبيبات والممرضات.

دعوات للتهدئة وإجراءات منتظرة

في اجتماع عقد بين وجهاء القرى المتضررة في اللاذقية وقيادة "إدارة العمليات العسكرية"، تم التعهد بسحب كافة المظاهر المسلحة من اللاذقية وريفها بحلول يوم الاثنين المقبل، بحسب مراسلة روزنة.

وأكدت مصادر محلية أن هذه الخطوة قد تكون بادرة أمل لتهدئة الأوضاع.

مطالبات بتدخل دولي

في ظل هذه التطورات، أطلق عدد من النشطاء والوجهاء دعوة عاجلة إلى الهيئات الدولية والمنظمات الحقوقية لحماية الأقليات في الساحل السوري.

البيان الذي وُجّه إلى الأمم المتحدة، مجلس حقوق الإنسان، والاتحاد الأوروبي، أكد أن حماية الأقليات ليست مسؤولية محلية فقط، بل التزام دولي بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

وطالب البيان بتوفير حماية دولية فورية للأقليات من خلال مراقبة الأوضاع على الأرض ومنع الانتهاكات، وإرسال بعثات أممية للتحقيق في الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين.

إضافة إلى فرض آليات رقابة تمنع التمييز وتضمن أمن الأهالي، وتعزيز المصالحة الوطنية وحماية النسيج الاجتماعي المتنوع في المنطقة، والعمل على تحقيق التعايش السلمي.

وخلال الأسبوع الفائت زارت عدة وفود من دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي دمشق، من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وأخيراً أمس الجمعة، وفد أميركي، والتقوا مع أحمد الشرع "أبو محمد الجولاني" وأكدوا خلال لقاءاتهم دعمهم للانتقال السياسي في سوريا مع تأكيدهم على ضرورة حماية الأقليات وحماية حقوق الإنسان وحقوق المرأة.

الأحداث الجارية في الساحل السوري تسلط الضوء على ضرورة تعزيز سيادة القانون وضمان العدالة للجميع. إن التعايش السلمي بين مكونات المجتمع السوري لن يتحقق إلا بإنهاء كل أشكال التمييز والاضطهاد، والعمل معاً لبناء وطن يحتضن جميع أبنائه دون استثناء.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض