تقارير وتحقيقات | 13 12 2024

للمرة الأولى منذ 14 عاماً، اجتمع آلاف السوريين في مظاهرات موحّدة شملت مختلف المحافظات والقرى والمدن، احتفالاً بنصر الثورة السورية وإعلان سقوط النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، الذي فرّ إلى موسكو.
حشود المتظاهرين الذين خرجوا من حلب وإدلب شمالاً وصولاً إلى السويداء ودرعا جنوباً، احتفالاً بالنصر والخلاص من حكم عائلة الأسد التي استلمت الحكم قبل 54 عاماً، كان تلبية لدعوة أبو محمد الجولاني قائد "هيئة تحرير الشام" بالنزول إلى الساحات.
مشاهد اليوم في "جمعة النصر" أعادت للأذهان أجواء عام 2011، حينما عمّت المظاهرات السلمية كافة أنحاء سوريا، ولكن هذه المرة كانت الساحات خالية من قبضة الديكتاتور. خرج السوريون بلا خوف، بلا قيود، وبدون الحاجة إلى رفع شعارات تطالب بـ"إسقاط الأسد" أو "الإفراج عن المعتقلين".
أغاني الثورة السورية تعود لتصدح
في أجواء ملؤها الفرح والفخر، علت أصوات أغاني الثورة السورية في عشرات المدن والقرى، بينما رفرف علم الثورة السورية وحده في السماء، رمزاً للوحدة والأمل بمستقبل جديد.
في الثامن من كانون الأول، أعلنت فصائل "ردع العدوان"، بقيادة أحمد الشرع المعروف بـ"أبو محمد الجولاني"، سيطرتها على العاصمة دمشق، بعد انسحاب قوات النظام السوري السابق وهروب رئيسه إلى روسيا، ما مثّل نقطة تحول تاريخية في مسار الثورة.
في دمشق
"ارفع راسك فوق انت سوري حر" كانت أبرز ما نادى به آلاف السوريين المحتفلين بالنصر في مظاهرات ساحة الأمويين بالعاصمة دمشق حيث تجمهروا، وعلم الثورة السورية يحيط بالجميع في كل مكان، بين الأيادي وعلى المنشآت وفوق الساحات، وذلك بعد 14 عاماً من الثورة.
وخرج رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية، محمد البشير، في المسجد الأموي بدمشق، لإلقاء أول خطبة جمعة بعد إسقاط النظام السابق.
حشود السوريين في ساحة الأمويين، قلّبت ذكريات قبل 14 عاماً. "جورج صبرا" المعارض السوري، علقّ على منصة "إكس" قائلاً: "الجامع الأموي في دمشق الذي احتضن الشباب السوري لانطلاق مظاهرة (جمعة العزة ) في الـ 25 من آذار عام 2011 التي اخترقت دمشق حتى ساحة المرجة، يحتضن اليوم السوريين بحفاوة للاحتفال بالانتصار الباهر للثورة ، وارتفاع علمها الأخضر في جميع أنحاء البلاد ، تحقيقاً لإرادة الشعب".
وفي مدينة جرمانا بريف دمشق تجمع المتظاهرون رافعين علم الثورة السورية، تعانقوا ورقصوا، بأول أسبوع غاب عن سوريا بشار الأسد ونظامه.
في السويداء
مئات المتظاهرين تجمعوا اليوم في ساحة الكرامة بمدينة السويداء، يتوسطهم علم الثورة السورية، احتفلوا بالنصر وغنوا ""حرة والأخضر يرفرف وبعالي سماها، من إدلب إلى أرض حوران، حرة من حكم الطاغي والفرحة تملاها".
وكانت السويداء شهدت مظاهرات مستمرة كل جمعة، منذ آب 2023 طالبت بإسقاط النظام السوري وحكومته.
وفي درعا عمت الاحتفالات مختلف مدنها وقراها وبلداتها، في بلدة خربة غزالة، وبلدة الجيزة شرقي درعا، وفي مدينة نوى غربها، بمناسبة انتصار الثورة السورية وسقوط النظام السوري.
كذلك خرجت حشود كبيرة في ساحة الشيخ ضاهر بمدينة اللاذقية، وفي ساحة العاصي بمدينة حماة، وفي ساحة سعد الله الجابري بمدينة حلب وفي مدن حمص وإدلب، حيث تجمع آلاف السوريين، وربما الملايين.
لا مظاهرات في مدينة الرقة و مطالبات بإخراج "قسد"
وفي مدينة الرقة، قالت شبكة "الخابور" إن "قسد" منعت خروج المظاهرات وقطعت الاتصالات، ونشرت عناصرها منعاً لأي تحرك. وفي مدينة الطبقة غربي الرقة نشرت "قسد" قناصين تزامناً مع تسيير دورية عسكرية أميركية.
وأمس الخميس، قتل شخصان وأصيب عشرات آخرون برصاص "قسد" عندما خرجوا احتفالاً برفع علم الثورة السورية في الرقة والحسكة. وعلى إثرها أصدرت "قوى الأمن العام" لدى "الإدارة الذاتية" تعميماً يمنع تنظيم المظاهرات غير المرخصة والتحريض على التظاهر.
اقرأ أيضاً:الحسكة والرقة.. رفع علم الثورة يشعل مظاهرات تنتهي بالعنف
أما في بلدة سلوك شمالي الرقة، خرج عشرات المتظاهرين الذين طالبوا فصائل المعارضة السورية بدخول محافظات الرقة والحسكة ودير الزور للخلاص من سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، وفق شبكة "الخابور" المحلية.
ونادى المتظاهرون فرحاً بانتصار الثورة السورية "لا سنية ولا علوية، سوريا وحدة وطنية".
كذلك خرجت مظاهرة في مدينة جرابلس بريف حلب طالبت بطرد "قسد" من سوريا.
أما في دير الزور فقد انقطعت اتصالات الانترنت، وفق شبكة "فرات بوست" المحلية.
وخلال 14 عاماً منذ انطلاق الثورة السورية، اعتقلت قوات النظام الآلاف، قبل هروب رئيسه بشار الأسد قبل الثامن كانون الأول الجاري إلى روسيا.
وبلغ عدد المعتقلين في سجون سوريا منذ آذار 2011 وحتى آب 2024 بلغ أكثر من 136 ألف شخص، بينهم أكثر من 3 آلاف طفل، وفق ما وثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان".
وقتل آلاف آخرون في ظل حملات عسكرية مكثّفة استهدفت المدنيين في مختلف المدن السورية، ودمرت البنية التحتية وهجرت الملايين داخل سوريا وخارجها.
وغادر نحو 6.5 مليون سوري إلى خارج البلاد هرباً من القمع والاستبداد، بحثاً عن الأمان في بلدان اللجوء بمختلف بقاع الأرض.