الأقليات السورية بين مخاوف المستقبل وتطمينات هيئة تحرير الشام

الأقليات السورية بين مخاوف المستقبل وتطمينات هيئة تحرير الشام

تقارير وتحقيقات | 13 12 2024

إيمان حمراوي

مع انهيار النظام السوري وهروب بشار الأسد، تشعر الأقليات بمخاوف عميقة تجاه مستقبلها، على الرغم من التطمينات الصادرة عن "إدارة العمليات العسكرية" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، التي لا تزال مدرجة على قوائم الإرهاب الدولية.

في مدينة مصياف الواقعة غربي حماة، تسود حالة من التوتر، حيث تصف "إدارة العمليات" بعض الحوادث بأنها تصرفات فردية لعناصر غير منضبطة. إلا أن هذه الحوادث تبث الذعر بين السكان، ما يزيد القلق بشأن طبيعة المرحلة المقبلة في ظل سيطرة جديدة بقيادة أبو محمد الجولاني.

المدينة شهدت تغييرات جذرية بعد انسحاب جيش النظام السابق ودخول قوات "إدارة العمليات العسكرية". إحدى هذه الحوادث تضمنت مرور سيارة تحمل رايات سوداء كتب عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، ما أثار حالة من الذعر والارتباك، خصوصاً بين النساء اللواتي فضلن البقاء داخل منازلهن خشية من أي تطورات غير متوقعة.

على الرغم من تصريحات هيئة تحرير الشام التي تدعو إلى احترام خصوصيات السكان، يبقى المشهد مليئاً بالتساؤلات والمخاوف بشأن طبيعة النظام القادم، ومدى قدرة القيادة الجديدة على تحقيق الاستقرار وضمان حقوق الجميع.

"إغلاق محال الخمور وتوبيخ النساء"

هادي، أحد أهالي مدينة مصياف، يقول لروزنة حول ما جرى الثلاثاء الفائت في المنطقة:"دخل مجموعة عناصر من لواء التوحيد إلى المدينة حاملين راية كتب عليها (شهادة التوحيد) وعلى رؤوسهم عصبة سوداء، ومعهم سلاح أبيض (سكاكين)، وحسب شهود عيان طلب الشباب المتواجدون في السيارة من الشباب المتواجدين في الطريق النطق بعبارة (الله أكبر)".

ويضيف: "النساء والفتيات غير المحجبات قاموا بتوبيخهنّ، فهرعن للاختفاء مسرعات خوفاً منهم".

أيضاً قام العناصر بطلب الهويات من بعض الشباب لمعرفة الطائفة التي ينتمون لها، إن كانوا من السنة أو الشيعة "كان الأمر فقط وكأنه لتخويف أهل المنطقة، لم يؤذوا أحداً، لكنهم أغلقوا عدداً من المحلات التي تبيع الخمور".

وانتشر تسجيل مصور على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيه سيارة داخلها عناصر وفوقها راية العقاب الخاصة بتنظيم "داعش"، المكتوب عليها "لا إله إلا الله"، فيما الراية التي كانت تعود إلى "لواء التوحيد" يختلف شكلها بشكل كبير، وهو ما قد ينفي أن العناصر قد لا يكونون من "لواء التوحيد".

ويعرف "لواء التوحيد" بأنه من أحد أبرز التشكيلات العسكرية المعارضة للنظام السوري، تأسس في تموز 2012 في مدينة حلب ومحيطها، كان يرفع شعارات إسلامية، ولعب دوراً كبيراً في السيطرة على مناطق واسعة في مدينة حلب وريفها، وخاصة خلال الفترة ما بين 2012 و2014.

ومع تصاعد الصراع السوري، بدأ لواء التوحيد يواجه ضغوطاً مالية وعسكرية، وفقد الكثير من قوته مع بروز فصائل أخرى، واختلاف الأجندات بين المجموعات المعارضة، ما أدى إلى تراجعه مع أواخر 2013، وخلال سنوات اندمج مع فصائل أخرى أوسع مثل "الجبهة الإسلامية". وأرادت تحويل سوريا إلى دولة إسلامية بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.

اقرأ أيضاً: "أين حجابك؟"..هل بدأ التضييق على حريات النساء بدمشق؟

النساء حبيسات المنازل

قررت السيدات في المدينة، التزام المنازل إثر التطورات المتسارعة بعد سقوط النظام السوري السابق.

تقول علا سيدة مقيمة في المدينة لروزنة: "منذ أيام لم نخرج من منازلنا، مع دخول إدارة العمليات العسكرية إلى المنطقة، لم يتعرضوا لأحد، لكننا قلقون من كل تلك التطورات وننتظر استقرار الأوضاع أكثر، لكن أكثر ما أخافنا دخول العناصر الغريبة قبل يومين".

وتحتوي مدينة مصياف على خليط متنوع من الطوائف، مثل الإسماعيلية والسنة والشيعة، وكانت من ضمن المناطق التي لم تنخرط في الثورة السورية بسبب التواجد الكبير لقوات النظام السوري السابق فيها خلال 14 عاماً.

كيف ردّت وزارة الإعلام؟

مسؤول العلاقات العامة في وزارة الإعلام لدى "حكومة الإنقاذ"، علي الرفاعي، نفي أن يكون العناصر يتبعون لتنظيم "داعش".

وقال الرفاعي لروزنة: "لم يدخل عناصر داعش إلى أي منطقة، إنهم عناصر (لم يحدد لم يتبعون) ربما استولوا على سيارة للتنظيم دون الانتباه على الراية المرفوعة على السيارة".

ولم تحصل روزنة على إجابة من مسؤول العلاقات فيما إذا أعدت "إدارة العمليات العسكرية" أي خطط لمواجهة الخلايا النائمة أم لا في سوريا.

وانتشر تسجيل صوتي لأحد عناصر "إدارة العمليات العسكرية" قال فيه رداًَ على شكوى وصلت من أهالي المدينة بخصوص دخول أولئك العناصر: "إن العلم المرفوع للعناصر يتبع لتنظيم داعش ولا علاقة لنا بهم، وخلال السنوات الماضية عملنا على محاربتهم".

وأشار المتحدث إلى أنه وخلال الأيام الفائتة منذ سقوط النظام السوري السابق، هناك "خلايا نائمة" تحاول زعزعة الاستقرار وزرع الفتنة بين الطوائف، في الوقت الذي تسعى فيه إدارة العمليات العسكرية إلى تعزيز النسيج المجتمعي المتنوع وتوحيده.

وأضاف: في دمشق تعرّض موالون لبشار الأسد، لبعض المسيحيين والعلويين، بهدف تفرقة السوريين، وأكد أنه "يجري التحقيق في هذا الأمر"، وفق قوله.

قد يهمك: مؤسسات الدولة: حُرقت وسرقت وسط الانشغال بأقبية صيدنايا السرية

منصة توثيق الانتهاكات

وعلى منصة "فيسبوك" أطلق ناشطون منذ أيام صفحة تحت اسم "توثيق انتهاكات للتبليغ - سوريا"، قالوا إنها تهدف لتبليغ "إدارة العمليات العسكرية" التابعة لـ"الجولاني" بما يحدث من انتهاكات.

وانتشر عبر المجموعة الفيديو المصور في مصياف، وكان الرد من قبل "إدارة العمليات العسكرية" بحسب ما نشر أحد الأشخاص، "أن ما حدث هو تصرفات فردية تهدف إلى نشر الذعر في المنطقة، وقد تكون مجموعات من فلول النظام السوري السابق".

كيف بدت المدينة خلال خمسة أيام؟

مهند، أحد المقيمين في مدينة مصياف تحدث لروزنة عن التغيرات التي طرأت على المدينة منذ سقوط النظام السوري السابق.

"أول يومين كانت الحركة قليلة بسبب الاحتفالات بسقوط الأسد، وبعد ذلك بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها".

وعن أهالي القرى المحيطة بمدينة مصياف الذين اعتادوا يومياً على التسوق منها صباحاً وقضاء حاجاتهم وتجارتهم وغير ذلك يقول مهند: أصبحت حركتهم خفيفة جداً داخل المدينة بسبب عدم استقرار الأمور بعد وعدم معرفتهم بالسلطة الجديدة".

لكن يبدو أن الموظفين عادوا إلى أعمالهم، وفتحت المحال التجارية أبوابها أمام الأهالي، لكن ليلاً الحركة تكاد شبه معدومة وبخاصة النساء والفتيات، على عكس السنوات السابقة، يقول مهند.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض