تقارير | 9 12 2024
نور الدين الإسماعيلمنذ اللحظات الأولى للأنباء التي تحدثت عن وصول فصائل مسلحة إلى "سجن صيدنايا" سيء الصيت وإطلاق سراح المعتقلين بداخله، توجهت أعداد كبيرة من الأهالي إلى السجن للبحث عن ذويهم.
بحسب مقاطع الفيديو المتداولة ظهر عدد من المعتقلين والمعتقلات أثناء وصول المقاتلين المعارضين لتحريرهم، إلا أن الأنباء تفيد بأن عدد المطلق سراحهم لا يتجاوز 300 معتقل، ما دفع الأهالي للتساؤل: "أين اختفى الباقون"؟
"الدفاع المدني" في المكان
أعلن "الدفاع المدني السوري" أن فرقه التي تجري عمليات البحث عن مداخل سرية في "سجن صيدنايا" لم تعثر على أي مدخل سري أو زنازين مخفية.
وبحسب منشور لصفحة "الدفاع المدني" على فيسبوك، اليوم الثلاثاء، فإنه: "حتى اللحظة لم تعثر فرقنا التي وصلت إلى سجن صيدنايا على أي أبواب سرية يتم الحديث عنها".
وأضاف بيان "الدفاع المدني": "الفرق تعمل بأدوات الخرق والبحث والمجسات الصوتية وبوجود فرق k9 التي تضم كلاباً مدربة، ويرافقنا في البحث أشخاص يعرفون كل تفاصيل السجن إضافة لاعتمادنا على إرشادات من أناس تم التواصل معهم من قبل الأهالي على أنهم يعرفون مداخل السجن والأقبية السرية".
وأشار إلى أن الفرق تعمل بكل طاقاتها، "ولكن حتى الآن لا دلائل تؤكد وجود معتقلين ضمن أقبية أو سراديب السجن، وسنستمر في البحث حتى التأكد من جميع أقسامه وبدقة".
مكافأة مالية
في بيان آخر نشره "الدفاع المدني" خصص مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عن مداخل سرية لـ"سجن صيدنايا" أو أية معتقلات سرية أخرى لم تكشف بعد.
وبحسب البيان "يعلن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) عن تخصيص مكافأة مالية بمبلغ ثلاثة آلاف دولار أمريكي لكل من يدلي بمعلومات مباشرة تؤدي إلى تحديد أماكن سجون سرية في سوريا يوجد فيها معتقلون".
قد يهمك: بشار الأسد لاجئاً في موسكو.. وأحمد طعمة: نتطلع لعلاقات إيجابية مع الجميع
ووجه "الدفاع المدني" دعوة خاصة لضباط الأمن السابقين والعاملين في الأفرع الأمنية للمساعدة في الوصول إلى هذه السجون السرية، مضيفاً: "نؤكد على أهمية هذه المساهمة وضرورتها، ونضمن لهم حفاظنا على سرية المصادر".
"لم أجد لأخي أثراً"
سوريون هائمون على وجوههم في شوارع دمشق، يحملون صور ذويهم المفقودين ويتجولون بها على الناجين الذين أطلق سراحهم، بحثاً عن أملٍ بمشاهدة أو خبر، وذلك وفق صورٌ التقطها مراسل "روزنة" في دمشق.
عاد رائد إلى مدينة إدلب خائباً بعد 12 ساعة من البحث المتواصل في "سجن صيدنايا" عن شقيقه المعتقل منذ عام 2013، إضافة إلى البحث في مستشفيات دمشق ومساجدها أملاً في العثور عليه.
وقال رائد لـ"روزنة": "منذ إعلان تحرير السجن (صيدنايا) انطلقت إلى المنطقة بطلب من أمي للبحث عن أخي المعتقل، إلا أنني بعد رحلة بحث طويلة لم أجد أي أثر في المكان".
شقيق رائد اعتقله حاجز عسكري تابع لـ"قوات النظام السوري" السابق على مفرق القطيفة على طريق دمشق - حمص، أثناء توجهه إلى جامعته (دمشق)، حيث كان يدرس الطب في كلّيتها.
يضيف الشاب السوري: "تتبعت الأماكن التي توجه إليها المعتقلون المفرج عنهم، بحثت في منطقة برزة بدمشق، وفي المستشفيات والمساجد، ولم أجد له أي أثر".
وبصوت مخنوق، قال: "أين اختفى أخي؟ ومن سنسأل عن مصيره؟ وكيف تم إخفاؤه"، مضيفاً: "سمعت عن معتقلات سرية ضمن السجن، لكن لم أجد ما يشير إلى ذلك، فلا أصوات بشرية تدل على وجود أحد".
"لم أذق طعم النوم"
مفاجأة كبيرة خلفتها مقاطع الفيديو والصور التي تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن اللحظات الأولى لإطلاق سراح المعتقلين في "سجن صيدنايا"، بينما يراقب عدد كبير من الأهالي السوريين في محافظات سورية مختلفة خبراً عن مفقود أو معتقل.
لم تتمكن ألمى التي تقيم في مدينة دمشق حتى الآن من الحصول على معلومة واحدة عن مكان تواجد أبيها وأخيها المختفيين منذ عام 2012.
تقول ألمى لـ"روزنة": "من خلف شاشة الهاتف الجوال أبحث عن خبر هنا أو قائمة هناك تدلني إلى مكانهما، أو معلومة حتى عن مصيرهما، لكن.. عبثاً"، ثم أجهشت في البكاء.
اعتقلت "قوات النظام السوري" السابق والدها وشقيقها خلال مداهمة لمنزل العائلة في حي الميدان الدمشقي، مطلع العام 2012، حيث وجهت لهما تهمة المشاركة في المظاهرات.
خلال السنوات الماضية حاول عدد من الأشخاص ابتزاز العائلة عبر طلب مبالغ مالية كبيرة بعضها وصل إلى 30 ألف دولار من أجل إطلاق سراحهما، إلا أن العائلة رفضت بسبب عدم قدرتها على دفع المبلغ، إضافة إلى عدم وجود ضمانات.
آلاف أحكام الإعدام "في الحد الأدنى"
قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير لها مطلع آب الماضي إن أكثر من 113 ألف شخصاً مسجلون في قوائم الاختفاء القسري لدى "النظام السوري" السابق.
وبحسب التقرير، بلغت حصيلة المختفين قسرياً وفق قاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 96 ألفاً و321 شخصاً، بينهم ألفان و329 طفلاً، و5 آلاف و742 سيدة (أنثى بالغة) مازالوا قيد الاختفاء القسري على يد "النظام السوري" السابق.
ووفق قاعدة بيانات جديدة نشرتها "الشبكة" اليوم الإثنين فإن ما لا يقل عن 7 آلاف و872 حكماً بالإعدام صدر عن محاكم الميدان العسكرية في سوريا منذ آذار عام 2011 وحتى آب 2023، من بينهم 114 طفلاً و26 سيدة و2021 منهم من العسكريين.
وأشارت "الشبكة" إلى أن جميعهم لم تُسَّلم جثامينهم لذويهم، ولم يتم إخطار ذويهم بإعدامهم بشكل رسمي. مضيفةً: "نعتقد أن هذه الحصيلة تمثل الحد الأدنى من عمليات الإعدام الحقيقية التي طبقت ضد المعتقلين والمختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات نظام بشار الأسد".
وفي حين مازال مصير عشرات الآلاف من المعتقلين والمختفين قسرياً مجهولاً حتى لحظة إعداد هذا التقرير، ينتشر عدد كبير من ذويهم بين سجون وأفرع "النظام السوري" السابق الأمنية، بحثاً عن عنهم.