تقارير وتحقيقات | 6 12 2024
إيمان حمراويفي قلب مدينة حلب التي تعاني من ظروف إنسانية وصحية صعبة، أطلق مجموعة من الأطباء مبادرات لدعم الأهالي وتخفيف معاناتهم الصحية، إما عن طريق تقديم استشارات طبية عن بعد مجاناً أو عبر مراكز طبية على أرض الواقع.
تأتي هذه المبادرات بعد أيام من دخول فصائل عملية "ردع العدوان" التي أطلقتها "هيئة تحرير الشام" إلى المدينة وانسحاب قوات النظام السوري، إضافة لاستهداف طائرات روسية لمستشفى حلب الجامعي.
وخلال سيطرة النظام السوري على مدينة حلب كان القطاع الصحي يشهد تدهوراً في الأساس، وسط نقص في أعداد الأطباء، وهجرة الكثيرين منهم. ووفق تصريح "منظمة الصحة العالمية" منتصف العام الجاري لوكالة "فرانس برس": إنّ نحو نصف القوى العاملة في مجال الصحة فرت من سوريا، و 65 بالمئة من المستشفيات عاملة فقط و62 بالمئة من مراكز الرعاية الصحية الأولية تعمل بكامل طاقتها، وتعاني نقصاً حاداً في الأدوية والمعدات.
اقرأ أيضاً: أطباء سوريون يستعدون للهجرة إلى ألمانيا تاركين اختصاصهم.. شهادات لروزنة
"طبيب أونلاين"
مع أولى أيام حظر التجول التي بدأت قبل أسبوع، وامتناع أهالي المدينة عن الخروج، برزت مبادرة "طبيب أونلاين"، التي أطلقها عدد من أطباء المدينة لتقديم استشارات طبية مجانية عبر تطبيق واتساب.
تشمل المبادرة جميع التخصصات الطبية وتستهدف المرضى المحتاجين غير القادرين على الوصول إلى المستشفيات. وأرفق القائمون على المبادرة قائمة بأسماء الأطباء وأرقامهم لتسهيل تواصل المرضى معهم مباشرة.
لكن مع أزمة الاتصالات التي يعاني منها أهالي المدينة بسبب ضعف شبكتي "إم تي إن" و"سيريتل" وانقطاع "الواي فاي" عند أهالي بعض الأحياء الشرقية، قد يواجه المرضى تحديات في الوصول إلى الطبيب.
اقرأ أيضاً: "كل شيء انقطع".. منازل في حلب بلا شبكات واتصالات
مركز "نور الإحسان" الطبي.. نافذة أمل جديدة
على صعيد آخر، أعلن مركز "نور الإحسان" الطبي الخيري في مدينة حلب، عن افتتاح أبوابه اعتباراً من 9 كانون الأول الجاري، لتقديم خدماته الطبية للمحتاجين مجاناً. وفق صفحة "أبرشية حلب والاسكندرون للروم الأرثوذكس".
مساهمات المغتربين.. دعم عن بُعد
لم تقتصر المساعدات على الداخل السوري، فقد أعلن طبيب أعصاب مغترب ويدعى "النائب" عن تقديم استشارات طبية مجانية لأهالي حلب وإدلب، عبر الانترنت من حسابه الشخصي على فيسبوك.
وخصص هذا الطبيب أوقات فراغه لمساعدة المرضى الذين يعانون من أعراض عصبية طارئة، مشيراً إلى أن تقديم المساعدة هو واجب أخلاقي في ظل هذه الظروف.
وقال عبر منشور في فيسبوك: "في ظل الظروف التي تشهدها بلادنا لايجب أن نقف مكتوفي الأيدي، و يجب على كل شخص أينما يكن و بالأخص الجامعيين تقديم المساعدة كُلّ حسب خبرته".
اقرأ أيضاً: نورة وأحلام أمومة أجهضتها الحرب على إدلب: 'فقدت جنيني'"
تحديات هائلة
ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، كريستينا بيثكي، قالت في حديثها للصحفيين في جنيف، من العاصمة دمشق قبل أيام، إنّ انعدام الأمن والقيود المفروضة على الحركة أجبرت حوالي 65 منظمة غير حكومية كانت تعمل سابقاً في حلب وإدلب على تعليق أنشطتها، مما أدى إلى إرهاق المرافق الصحية أو خروجها من الخدمة.
يؤدي غياب المرافق الصحية الفعالة إلى تراكم الحالات الطبية الطارئة وغير الطارئة التي لا تحصل على العناية اللازمة، مما يرفع معدلات الوفيات ويزيد من معاناة السكان، خاصة في ظل غياب البدائل المحلية.
توقف 65 منظمة عن العمل وتعليق نشاط المرافق الأساسية يعني تحول النظام الصحي إلى حالة شلل، حيث يصبح من المستحيل تلبية احتياجات ملايين السكان في مناطق النزاع.
مع خروج مستشفيات كبرى مثل مستشفى باب الهوى ومستشفى الرازي من الخدمة، تتزايد معاناة الفئات الأكثر هشاشة مثل النساء الحوامل، الأطفال، ومرضى الأمراض المزمنة، الذين يعتمدون بشكل أساسي على هذه المرافق.
في ظل التصعيد، تصبح المساعدات الطبية الطارئة نادرة، ما يفاقم من تأثير الإصابات الناتجة عن الهجمات المباشرة، مثل الغارة الروسية التي استهدفت مستشفى حلب الجامعي الأحد الفائت وأسفرت عن عشرات القتلى والجرحى.
غياب النظام الصحي يزيد من شعور السكان بعدم الأمان ويؤثر سلباً على الاستقرار المجتمعي والاقتصادي، حيث تفقد المجتمعات قدرتها على التعافي أو الاستمرار.
تشير ممثلة منظمة الصحة العالمية إلى أن القيود على الحركة تزيد من صعوبة إيصال المساعدات الطبية أو إعادة تأهيل المنشآت الصحية، مما يجعل استعادة الخدمات الصحية شبه مستحيلة في الوقت الحالي.
وكانت غارات روسية استهدفت الإثنين الفائت تجمع مستشفيات في مدينة إدلب، ما أدى إلى خروجها عن الخدمة والتي تضم عدد من المستشفيات ومديرية صحة إدلب، ومقتل ثلاثة أشخاص، وفق ما صرحت مديرية صحة إدلب لروزنة.