تقارير وتحقيقات | 4 12 2024
![](https://cdn.rozana.fm/storage/authors/13395538621415853262.jpg)
"لم أسمع صوت والدتي منذ أسبوع بسبب انقطاع شبكات الاتصال عن بعض أحياء مدينة حلب، بما في ذلك الواي فاي"، تقول زهرة، المقيمة في تركيا، وهي تعبّر بقلق عن واحدة من أصعب الأزمات التي تعصف بسكان حلب. أزمة الاتصالات التي تفاقمت منذ دخول فصائل "هيئة تحرير الشام" إلى المدينة قبل ستة أيام، وزادت من عزلة السكان.
زهرة، التي تنتمي عائلتها إلى حي المقامات بحلب، نجحت بصعوبة في تلقي مكالمة واحدة من والدها بعد ثلاثة أيام من بدء أزمة الاتصالات: "اضطر والدي للخروج إلى منطقة تتوفر فيها شبكة الواي فاي ليطمئنني على أحوالهم"، تقول زهرة، ما يعكس حجم الصعوبات التي يواجهها أهالي المدينة للتواصل مع أحبائهم.
وفي خضم أزمة الاتصالات، أعلنت أمس الثلاثاء، شركة اتصالات جديدة تدعى "سيريافون" عاملة ضمن مناطق "حكومة الإنقاذ" في إدلب وريفها، عن بدء العمل في مدينة حلب، إلا أنها حالياً لا تغطي إلا مناطق وأحياء قليلة.
التدهور التدريجي للاتصالات
وبدأت أزمة الاتصالات في حلب مع دخول فصائل "هيئة تحرير الشام" إلى المدينة في 31 تشرين الثاني الماضي وانسحاب قوات النظام السوري.
تدريجياً، انقطعت شبكات الاتصال في عدة أحياء، وصولاً إلى انقطاع شبه كامل مساء الاثنين.
"لا توجد اتصالات لدينا إطلاقاً. توقفت شبكتا MTN وSyriatel، وحتى خدمة الواي فاي انقطعت أيضاً"، بهذه الكلمات تصف فاطمة، المقيمة في حي الصالحين بمدينة حلب، الوضع الصعب الذي تعيشه هي والكثير من سكان المدينة.
فاطمة، التي اعتادت التحدث يومياً مع خطيبها، أصبحت عاجزة عن الاطمئنان عليه أو على أقاربها وأصدقائها. تقول بأسى: "لم أتحدث مع خطيبي منذ يوم الجمعة الماضي. أرسل له رسالة في الصباح ولا تصل إلا في المساء. أما الآن، فقد انقطع الإرسال تماماً، والشبكة الجديدة (سيريافون) تغطي فقط بعض المناطق".
حتى خدمات "الواي فاي" لم تسلم من الانقطاع، كما توضح فاطمة التي اضطرت للذهاب إلى مكان آخر خارج منزلها للتواصل مع أقاربها.
تقول لروزنة: "سمعنا أن مركز هاتف خان الوزير، القريب من القلعة، خرج عن الخدمة".
وكانت "وزارة الاتصالات السورية" قد أعلنت السبت الفائت أن "الاعتداءات الإرهابية" هي السبب في تعطل المركز، وفق ما نقلت إذاعة "المدينة إف إم".
ويعد مركز هاتف خان الوزير الواقع قرب قلعة حلب، مهماً جداً، حيث يغذي مدينة حلب القديمة. قبل خروجه عن الخدمة، كان المركز يستوعب 20 ألف مشترك.
أسباب انقطاع الاتصالات
تواصلت روزنة مع خبير في قطاع الاتصالات والذي أوضح أنّه هناك عدة أسباب لانقطاع الشبكات والاتصالات، أحدها أنه من الممكن أن تكون الفصائل قد سيطرت على مقر شركة الاتصالات وبالتالي فصلت الشبكة بشكل فوري، أو أن تستهدف أبراج الاتصالات بقصف ما، وهو ما لم يحصل.
وأشار الخبير إلى احتمالية أن يكون المقر الرئيسي لشركة الاتصالات قد أوقف الشبكة بسبب عدم قدرته على السيطرة على قاعدة المستخدمين من ناحية الفواتير، أو لحمايتها من أي اختراق ممكن.
وكانت قناة "روسيا اليوم" ذكرت أنّ سبب انقطاع شبكة الاتصال والانترنت في بعض المناطق بمدينة حلب جاء بسبب فصل فصائل المعارضة لأبراج الاتصالات وإخراجها عن الخدمة في عدة مناطق.
التحديات اليومية للأهالي
مع إعلان فصائل المعارضة حظر تجول لمدة 24 ساعة السبت الماضي، بدأت ملامح أزمة الاتصالات تتضح أكثر.
تشرح جودي، المقيمة في حي السبيل لروزنة: "نفد رصيدي خلال يومين، ولم أجد محالاً تجارية قريبة لتعبئة الخط. كنت أعتمد على الواي فاي للتواصل".
حال جودي يعكس معاناة مئات السكان الذين بدؤوا البحث عن أي وسيلة لتعبئة خطوطهم، مما أدى إلى انتشار منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بحلول عاجلة لتجنب انقطاع التواصل مع الأقارب.
اقرأ أيضاً: نساء حلب في معركة غير مرئية.. تحدّيات تأمين أبسط الاحتياجات
توقف الشبكات المحلية وتصاعد التهكم الشعبي
توقفت شبكتا MTN وSyriatel عن العمل تماماً حتى مساء الاثنين، ولم تصدر الشركتان أي بيان يوضح أسباب التوقف. واكتفتا بالإعلان عن تقديم دقائق ورسائل مجانية، مما أثار سخرية واسعة بين السوريين الذين تساءلوا: "ما الفائدة من الدقائق المجانية إذا كانت الشبكة غائبة؟".
وفي ظل انقطاع الشبكات، اقترح بعض الناشطين حلولاً بديلة، مثل تغيير إعدادات الهاتف إلى نظام 2G لاستعادة الاتصال. بينما لجأ آخرون إلى خدمات الإنترنت عبر خطوط الهاتف الثابتة (ADSL) التي توفرها "الشركة السورية للاتصالات".
شبكة محلية بديلة "سيريافون"
في خضم هذا الوضع، برزت شبكة "سيريافون" كبديل مؤقت. تعمل الشبكة بشكل رئيسي في إدلب وريفها، ولديها حالياً ثلاثة أبراج تغطية في حلب، تغطي مناطق حلب الجديدة، الإذاعة، والجميلية. وتسعى الشركة لتوسيع نطاق تغطيتها ليشمل أحياء أخرى في المدينة، وفق ما أعلنت أمس الثلاثاء.
تأسست "سيريافون" عام 2022 وبدأت عملها رسمياً في يوليو 2023، وتعمل بترخيص من حكومة الإنقاذ. لشراء خط منها، يتطلب الأمر إثبات شخصية معترفاً به في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
وبين انقطاع الشبكات الرئيسية وضعف تغطية الشبكات البديلة، يعيش أهالي حلب أزمة غير مسبوقة، ويعانون من إحدى التحديات الكبرى التي تزيد من عزلتهم في ظل ظروف جديدة ومستقبل مجهول.