ترامب والشرق الأوسط: نهاية الحروب "الصغيرة" بأسرع وقت

ترامب والشرق الأوسط: نهاية الحروب

تقارير وتحقيقات | 6 11 2024

جو حمّورة

في خطابه الأول بعد إعلان فوزه غير الرسمي، راح الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، يتكلم عن أمور شتى دون التعريج، ولو بكلمة، على الشرق الأوسط.

تحدث مرشح الحزب الجمهوري عن نفسه بشكل أساسي، كما عن عائلته وفريق عمله وجمهوره "الرائع والتاريخي"، إضافة إلى أولوياته الرئاسية المرتبطة بتحسين الاقتصاد الأميركي وتشديد الأمن عبر الحدود. أما الشرق الأوسط وهمومه، فلم يذكرها الرئيس الأميركي الجديد بكلمة، حتى وإن كانت هناك حروب مستعرة فيه وتهدد السلم والأمن الدوليين.

قد يكون ترامب أقل ميلاً لخوض الحروب واستخدام الجيش الأميركي بالمقارنة مع كافة الرؤساء الذين سبقوه. هذا الميل واضح وجلي في عدم تفضيل الرؤساء الجمهوريين الحروب المباشرة، على عكس الرؤساء الديمقراطيين الذين دخلوا في الماضي بعشرات الحروب في مختلف أقطار العالم. ترامب، بحسب خطاباته وبرنامجه، لا يريد الحرب ولم يمارسها أصلاً عندما كان رئيساً للجمهورية في الماضي، لذا فإن تخيّل جنود "المارينز" يهبطون على سواحل اليمن أو السودان أو لبنان، سيبقى مجرد وهم يطاول بعض الحالمين.

أولوية ترامب في الشرق الأوسط هي أمن إسرائيل. هذا الأمر ثابت في السياسة الخارجية الأميركية منذ عام 1956، وهو مستمر ومستدام طالما تستطيع تل أبيب إقناع الغرب بأن أمنها القومي في خطر. ولكن، لا يهوى ترامب تسليح إسرائيل من جيوب مواطنيه ولا من الخزينة الأميركية على عكس سلفه، بل إن من يريد الحماية والسلاح عليه أن يدفع المقابل. هكذا تعامل ترامب في الماضي مع الدول الخليجية ليحميها من النفوذ والتمدد الإيراني، وهكذا سيفعل الآن مع كل الدول الأخرى.

ترامب رجل أعمال في الأساس، وليس جمعية خيرية. من يدفع يحصل على الرضا الأميركي ودعمه. لا مساعدات "ببلاش"، ولا حماية دون مقابل. إن أرادت أوكرانيا أو السعودية أو إسرائيل تأمين حماية لأمنها القومي، ما عليها سوى خدمة تطلعات ترامب ونفوذ بلاده في الشرق الأوسط وشرق أوروبا، والدخول كشريك اقتصادي يفيد الاقتصاد الأميركي بشكل أساسي.

الهدايا والعطاءات التي غالباً ما كانت ترسلها الإدارات الأميركية المنتمية إلى الحزب الديمقراطي ستكون في خبر كان. مليارات الدولارات التي أرسِلت لمصر والعراق ولبنان وغيرهم ستكون من الماضي، فأولوية ترامب هي الاقتصاد الأميركي.

على المقلب الآخر، لم تأخذ الحرب في سوريا حيزاً مهماً في خطابات ترامب السابقة، ولا تبدو ذات أولوية له ولإدارته القادمة. إخراج الجنود الأميركيين من سوريا والعراق سيكون مبتغى لترامب، لكنه يعرف تماماً أن الوصول إلى هذه النتيجة يفترض أن يمر بتسوية سياسية تؤمن بعض الأمن والاستقرار في هذين البلدين.

إن وصول ترامب قد يكون فرصة لتحريك المياه الراكدة في بعض الصراعات الدموية المستمرة منذ سنوات، وبخاصة في سوريا، حيث يمكن أن يكون الدفع الأميركي، وشكل العلاقات التي ستقوم بين واشنطن وأنقرة، كما بين واشنطن وأكراد سوريا، حافزاً لمحاولة التوصل إلى تسوية ما في سوريا.

أما بالنسبة لإيران، فلترامب رؤية خاصة حولها، ويختلف فيها عن الإدارات الأميركية الأخرى. هو يخيّر إيران بين بقاء نظامها السياسي وبين تراجع نفوذها في الشرق الأوسط، بينما كانت الإدارات الأخرى تخيّر طهران بين العقوبات عليها وبين نفوذها في الشرق الأوسط. الفرق أن ترامب لا يكترث إن بقي النظام الإيراني قائماً أو حتى بالبديل عنه، بل يُبدي استعداده للتضحية به إن لم تهذب طهران تصرفاتها وسياستها وتقلص نفوذها في الإقليم العربي المجاور.

إن استمر الرئيس الأميركي طوال ولايته بهذه السياسة، فسنرى طهران تفضل، حكماً، بقاء نظامها، وبالتالي اضطرارها لإعادة التموضع في الشرق الأوسط، ما يعني فك ارتباطها مع "حزب الله" اللبناني، وخروج حرسها الثوري من سوريا وتضاؤل نفوذها في العراق، وهو الأمر الذي سيعني إعطاء فرصة لهذه الدول الثلاث لتتنفس الصعداء.

اقرأ أيضاً: بين هاريس وترامب: السياسات الجديدة للرئيس الأمريكي وتأثيرها على الشرق الأوسط

أما بالنسبة للحرب بين إسرائيل وكل من "حركة حماس" و "حزب الله"، فلا يكترث ترامب لسيرها، إنما لنتيجتها. هو يريد، كما ذكر أكثر من مرة، انتهاء هذه الحروب بسرعة متوجهاً إلى إسرائيل بالشروع في فعل ما تريده. لا اكتراث جدي لدى ترامب حول عدد الضحايا ولا حول حال البنية التحتية في قطاع غزة أو لبنان، بل إن جل ما يريده هو الانتهاء من هذه الحروب "الصغيرة" غير المجدية وتحقيق إسرائيل ما تبتغيه بسرعة. إن ترامب يقف مع تحقيق السلام في هذه الحروب المتنقلة، ولكن بما يخدم إسرائيل وأمنها القومي.

ما ينتظر الشرق الأوسط مع ترامب هو استمرار الحروب القائمة وحتى استعارها، ولكن نهايتها بسرعة وتسويات تنهي سفك الدماء وتضع التنمية الاقتصادية أولوية مكانها. أربع سنوات ستكون عجافاً على الشرق الأوسط، ولكن نهايتها ستكون أكثر إشراقاً من الحال اليوم. 

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض