"خطة قديمة".. "واشنطن بوست" تكشف تفاصيل عملية "البيجر"

تقارير | 6 10 2024

روزنة

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تفاصيل العملية التي استهدف بها "الموساد" الإسرائيلي آلاف العناصر من "حزب الله" عبر تفجير أجهزة اللاسلكي (البيجر) التي كانوا يحملونها، في عملية استخباراتية، تسببت بإصابة أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل ومدني لبناني.

وكشفت الصحيفة في تحقيق لها، أمس السبت، أن الفكرة بعملية أجهزة اللاسلكي (البيجر) بدأت عام 2022، في حين كانت المرحلة الأولى منها قد بدأت قبل تسع سنوات، في عام 2015.

تبلور الفكرة

وفق التحقيق، نشأت فكرة عملية البيجر في عام 2022، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين ومن الشرق الأوسط وأمريكيين مطلعين على الأحداث. بدأت أجزاء من الخطة تتبلور قبل أكثر من عام من هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الذي وضع المنطقة على طريق الحرب. كان ذلك في فترة هدوء نسبي.

اقرأ أيضاً: جرحى عند نفق المواساة في دمشق.. ما علاقة "حزب الله"؟

وعملت المخابرات الإسرائيلية (الموساد) لسنوات على اختراق المجموعة عبر المراقبة الإلكترونية والعملاء البشريين. بمرور الوقت، تعلم قادة حزب الله القلق بشأن نقاط ضعف المجموعة تجاه المراقبة الإسرائيلية والقرصنة، خوفاً من أن حتى الهواتف المحمولة العادية يمكن أن تتحول إلى أجهزة تجسس إسرائيلية.

"حصان طروادة"

وصفت الصحيفة العملية الاستخباراتية الإسرائيلية بأنها "حصان طراودة" داخل حزب الله، ووفقاً للمسؤولين. كان حزب الله يبحث عن شبكات إلكترونية مقاومة للاختراق لنقل الرسائل، وجاء الموساد بخدعتين ستقودان المجموعة لشراء أجهزة تبدو مثالية لهذه المهمة، وهي معدات صممها الموساد وتم تجميعها في إسرائيل.

الجزء الأول من الخطة، أجهزة اتصال لاسلكي مفخخة، بدأ إدخالها إلى لبنان بواسطة الموساد منذ نحو عقد، في عام 2015. كانت أجهزة الراديو ثنائية الاتجاه تحتوي على بطاريات كبيرة الحجم ومتفجرات مخفية ونظام إرسال يمنح إسرائيل الوصول الكامل إلى اتصالات حزب الله.

على مدى تسع سنوات، اكتفت إسرائيل بالتنصت على حزب الله، بحسب المسؤولين، مع الاحتفاظ بخيار تحويل أجهزة الاتصال اللاسلكي إلى قنابل في أزمة مستقبلية. ولكن جاءت فرصة جديدة عبر أجهزة بيجر صغير مزود بمتفجرات قوية. في مفارقة لن تتضح إلا بعد أشهر، سيقوم حزب الله بدفع المال بشكل غير مباشر للإسرائيليين مقابل القنابل الصغيرة التي ستقتل أو تصيب العديد من عناصره.

قد يهمّك: عددها 5 آلاف.. "رويترز": الأجهزة محشوة بالمتفجرات قبل وصولها لـ"حزب الله"

ونظراً لأن قادة حزب الله كانوا متيقظين تجاه التخريب المحتمل، لم يكن بالإمكان أن تأتي أجهزة البيجر من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي دولة حليفة لإسرائيل. لذا في عام 2023، بدأ الحزب في تلقي عروض لشراء كميات كبيرة من أجهزة بيجر تحمل علامة "أبولو" التجارية، وهي علامة تجارية مشهورة لها توزيع عالمي ولا تربطها أي صلات واضحة بإسرائيل، وقال المسؤولون إن الشركة التايوانية لم تكن على علم بالخطة.

صفقة

قدم العرض مسؤول تسويق موثوق من قبل حزب الله وله صلات بـ "أبولو". كانت المسؤولة عن التسويق، وهي امرأة رفض المسؤولون الكشف عن هويتها أو جنسيتها، ممثلة مبيعات سابقة في الشرق الأوسط للشركة التايوانية وقد أنشأت شركتها الخاصة وحصلت على ترخيص لبيع خط من أجهزة البيجر التي تحمل علامة "أبولو". في وقت ما من عام 2023، عرضت على حزب الله صفقة على أحد المنتجات التي تبيعها شركتها: جهاز AR924 المتين والموثوق.

قال مسؤول إسرائيلي مطلع على تفاصيل العملية: "هي التي كانت على اتصال بحزب الله وشرحت لهم لماذا كان البيجر الأكبر، بحجم بطارية أكبر أفضل من الطراز الأصلي". أحد أهم نقاط البيع حول طراز AR924 كان أنه "يمكن شحنه بواسطة كابل، والبطاريات كانت تدوم لفترة أطول"، وفقاً لما قاله المسؤول.

كما اتضح، تم الاستعانة بمصادر خارجية في عملية إنتاج الأجهزة، ولم تكن المسؤولة عن التسويق على علم بالعملية، وكانت غير مدركة أن الأجهزة تم تجميعها فعلياً في إسرائيل تحت إشراف الموساد، وفقاً للمسؤولين.

أجهزة البيجر التي صنعها الموساد، وكل منها يزن أقل من ثلاث أونصات، تضمنت ميزة فريدة: حزمة بطارية تخفي كمية صغيرة من المتفجرات القوية، وفقاً لمسؤولين مطلعين على الخطة.

وكانت مكونات القنبلة مخفية بشكل جيد بحيث كانت غير قابلة للكشف تقريباً، حتى إذا تم تفكيك الجهاز، حسبما قال المسؤولون. يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن حزب الله قد قام بتفكيك بعض الأجهزة وربما قام حتى بفحصها بالأشعة السينية.

اقرأ المزيد: مصير حسن نصر الله المجهول.. ما الذي تعرفه عن الأمين العام لحزب الله؟

كما كانت غير مرئية قدرة الموساد على الوصول إلى الأجهزة عن بُعد. إذ يمكن لإشارة إلكترونية من جهاز المخابرات تفجير آلاف الأجهزة في وقت واحد. ولكن لضمان أقصى ضرر ممكن، طورت المخابرات نظام تفجير "مرحل"، يتطلب الإمساك بالبيجر بكلتا اليدين عند تشغيله. كان الهدف هو جعل المقاتلين والمساعدين مشغولين تماماً بأيديهم عندما يحدث التفجير، ما يجعل من الصعب أو المستحيل إلقاء الجهاز جانباً قبل أن ينفجر.

وقال أحد المسؤولين "كان عليك الضغط على زرين لقراءة الرسالة". وفي الممارسة العملية، كان هذا يعني استخدام كلتا يديك.

وأضاف المسؤول أنه في الانفجار الذي قد يحدث بعد ذلك، من المؤكد تقريباً أن المستخدمين سوف "يجرحون أيديهم بكلتا يديهم"، وبالتالي "سيكونون غير قادرين على القتال".

رسائل مشفرة

لم يكن معظم كبار المسؤولين المنتخبين في إسرائيل على علم بهذه القدرة حتى الثاني عشر من سبتمبر/أيلول. وقال مسؤولون إسرائيليون إن هذا هو اليوم الذي استدعى فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستشاريه الاستخباراتيين لعقد اجتماع لمناقشة التحرك المحتمل ضد حزب الله.

وبحسب ملخص للاجتماع الذي عقد بعد أسابيع، أعده مسؤولون مطلعون على الحدث، قدم مسؤولو الموساد لمحة أولى عن واحدة من أكثر عمليات الوكالة سرية. وبحلول ذلك الوقت، كان الإسرائيليون قد زرعوا أجهزة اتصال مفخخة في أيدي وجيوب الآلاف من عملاء حزب الله.

وقال مسؤولون إن نقاشاً حاداً اندلع في مختلف أنحاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. فقد أدرك الجميع، بما في ذلك نتنياهو، أن الآلاف من أجهزة النداء المتفجرة قد تلحق أضراراً لا توصف بحزب الله، ولكنها قد تؤدي أيضاً إلى رد فعل عنيف، بما في ذلك شن هجوم صاروخي انتقامي ضخم من جانب زعماء حزب الله الناجين، مع احتمال انضمام إيران إلى المعركة.

وقال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل، لم يتم إبلاغها بأجهزة الاستدعاء المفخخة أو النقاش الداخلي حول ما إذا كان ينبغي تشغيلها.

لقد كان الموساد على علم بمكان تواجد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في لبنان لسنوات وكان يتتبع تحركاته عن كثب، كما قال المسؤولون. ومع ذلك، امتنع الإسرائيليون عن إطلاق النار، على يقين من أن الاغتيال من شأنه أن يؤدي إلى حرب شاملة مع الجماعة المسلحة، وربما مع إيران أيضاً.

وكان الدبلوماسيون الأميركيون يضغطون على نصر الله للموافقة على وقف إطلاق نار منفصل مع إسرائيل، دون أن يكون له أي صلة بالقتال في غزة، على أمل التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى انسحاب مقاتلي حزب الله من القواعد اللبنانية الجنوبية التي تهدد الإسرائيليين في المجتمعات القريبة من الحدود.

في السابع عشر من سبتمبر/أيلول، وبينما كان النقاش محتدماً في أعلى دوائر الأمن القومي في إسرائيل حول ما إذا كان ينبغي ضرب زعيم حزب الله، كانت آلاف أجهزة النداء التي تحمل علامة أبولو تدق أو تهتز في آن واحد، في مختلف أنحاء لبنان وسوريا. وظهرت على الشاشة جملة قصيرة باللغة العربية: "لقد تلقيت رسالة مشفرة".

لقد اتبع عناصر حزب الله التعليمات بدقة للتحقق من الرسائل المشفرة، بالضغط على زرين. وفي المنازل والمحلات التجارية، وفي السيارات وعلى الأرصفة، كانت الانفجارات تمزق الأيدي وتدمر الأصابع. وبعد أقل من دقيقة، انفجرت آلاف أخرى من أجهزة النداء عن بعد، بغض النظر عما إذا كان المستخدم قد لمس جهازه أم لا.

وفي اليوم التالي، أي في 18 سبتمبر/أيلول، انفجرت مئات من أجهزة اللاسلكي بنفس الطريقة، مما أسفر عن مقتل وإصابة المستخدمين والمارة.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض