تقارير وتحقيقات | 14 08 2024
إيمان حمراوييعيش سوريون في لبنان حالة مستمرة من الخوف على وقع الحرب المنتظرة بعد تهديدات إيران و"حزب الله" بالرد على إسرائيل بعد اغتيالها إسماعيل هنية وفؤاد شكر القيادي في الحزب، هو ما دفع بالكثيرين للعودة إلى سوريا، بعدما شعروا بانعدام "الأمان".
ومنذ اغتيال هنية وشكر أواخر شهر تموز الفائت، وما تلاه من مواقف وتصريحات تعد بالثأر، أصبح الخوف أكبر بين المقيمين في لبنان، بما فيهم السوريون، من اندلاع حرب شاملة قد تبدد مستقبلهم وأحلامهم.
لا أمان
"جئنا إلى هنا بحثاً عن الأمان، لكن الآن اختفى هذا الشعور، في وقت يستمر فيه القصف الإسرائيلي في الجنوب مع تصريحات حزب الله بالرد"، يقول هاني لروزنة، شاب سوري مقيم في مدينة النبطية جنوبي لبنان.
يفكر هاني (35 عاماً) بالعودة إلى مدينة حلب شمالي سوريا، مع زوجته وأطفاله الثلاثة، متوقعاَ أن يكون رد "حزب الله" وإيران قريباً وهو ما يعني حرب أوسع، وفق قوله.
ويضيف: "19 عائلة سورية أعرفها في جنوبي لبنان عادوا حديثاً إلى سوريا خوفاً من الحرب (...) أما أنا فأتحضّر لذلك، لا أريد لأطفالي أن يشهدوا ما شهدناه في سوريا قبل عقد من الزمان، كفانا حروباً".
ومنذ بداية حرب غزة في تشرين الأول عام 2023، إثر هجوم حماس على إسرائيل، يستمر القصف المتبادل ما بين إسرائيل و"حزب الله" على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، مخلفاً دماراً وضحايا بين المدنيين في الجنوب اللبناني في بعض الأحيان.
ووفق تقرير لموقع "ليبانون ديبايت" قبل أيام، "بدأ عدد من اللاجئين السوريين النزوح بالاتجاه المعاكس، مع تصاعد المخاوف من اندلاع حرب شاملة في لبنان". ونقل الموقع عن رئيس بلدية القاع، بشير مطر، أنّ "هناك عدداً من السوريين يغادرون إلى سوريا خوفاً من حصول حرب في لبنان".
اقرأ أيضاً: إسرائيل تتهم "حزب الله" بقصف مجدل شمس والأخير ينفي.. ما آخر التطورات؟
أما محمد (38 عاماً)، مقيم في مدينة صيدا جنوبي لبنان، أيضاً يتخوف من توسع الحرب، في ظل التصريحات السياسية بالرد على إسرائيل.
يقول محمد لروزنة: "حالياً تتحضر زوجتي وأطفالي للعودة إلى سوريا، بينما أنا سأسافر إلى بلد عربي، لكوني مطلوب للاحتياط، لسنا مضطرين للبقاء هنا بينما يتصاعد القصف جنوباً، وينعدم معه الأمان".
وكذلك درّة، سيدة سورية، تقيم في الجنوب اللبناني، تقول لروزنة، إنّ خيار العودة إلى سوريا أصبح لا مفر منه".
لدرة ثلاثة أطفال، أكبرهم بعمر 11 عاماً، توضح لروزنة: "خلال إقامتنا في لبنان لمدة 12 عاماً سعينا في الحصول على الأمان والاستقرار، بعيداً عن الحرب، أما اليوم انعكس الحال، وصلت الحرب إلى لبنان، لا قدرة لدينا على معايشة تلك الأحداث من جديد".
وتضيف: "خلال أيام سيسافر زوجي إلى بلد إفريقي للعمل، أما أنا سأعود مع أطفالنا إلى سوريا، لا خيار أمامنا".
وكان النائب اللبناني، ميشال الضاهر، دعا إلى عودة السوريين إلى بلدهم، في وقت تدعو فيه الدول العربية والغربية رعاياها لمغادرة البلد، قائلاً: "لقد أصبح لبنان غير آمن"، وفق موقع "الكتائب"اللبناني.
الرد على إسرائيل آتٍ
وقال النائب في "حزب الله" علي فياض، أمس الثلاثاء، إنّ "الرد على اغتيال القائد فؤاد شكر والفلسطيني قائد حماس إسماعيل هنية، آتٍ لا محالة، أما التأخر في الرد، فهذا جزء مدروس من أداء المقاومة وإدارتها للمعركة"، وفق صحيفة "الشرق الأوسط".
وفي الـ 31 من تموز اغتالت إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في طهران، وقبل ليلة استهدفت فؤاد شكر القيادي في "حزب الله" في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت.
قد يهمك: مع اغتيال "شكر" وتوسّع الهجمات الإسرائيلية.. ما حال السوريين في لبنان؟
خطة لمواجهة الحرب المحتملة
تعمل حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، على إعداد خطة لمواجهة الحرب المحتملة على لبنان.
في الدرجة الأولى تركز الخطة على تحويل مدارس ومعاهد رسمية إلى مراكز إيواء، وتجهيزها بالمعدات اللازمة لاستقبال النازحين فيها، وفق "الشرق الأوسط".
وعملت وزارة الصحة إلى وضع خطة صحية في المستشفيات والقطاعات الطبية ورفع مستوى الجهوزية في القطاع الصحي، وأعلن وزير الصحة، فراس الأبيض، أنّ "القطاع الصحي حاضر لمواجهة الحرب على مدى 4 شهور".
مطار فارغ
خوفاً من اندلاع الحرب، حذّرت دول كثيرة في مختلف أنحاء العالم رعاياها من السفر إلى لبنان، كذلك طالبتهم بالعودة منها.
قاعات الوصول في مطار رفيق الحريري الدولي، اليوم شبه فارغة، بينما كانت تزدحم بالواصلين وبخاصة من المغتربين في شهر تموز، وفق صحيفة "الشرق الأوسط".
ومنذ قصف مجدل شمس ولاحقاً اغتيال "شكر" و"هنية" يرجح مراقبون أن احتمالية اتساع رقعة الحرب في لبنان واشتدادها أصبح أكبر، مع سعي دبلوماسي دولي لاحتوائها وعدم توسعها.
وفي الأثناء تعمل الحكومة اللبنانية على إفراغ البلدات والمدن اللبنانية من السوريين المخالفين لنظام الإقامة بشكل مستمر، في ظل حملة أمنية مكثّفة لترحيل اللاجئين السوريين.
وأمس الثلاثاء، وجه محافظ لبنان الشمالي، القاضي رمزي نهرا، ثلاثة تعاميم إلى المدير الإقليمي لأمن الدولة في الشمال، لإبلاغ السوريين الذين لا يحوزون على الإقامات الشرعية وجوب الإخلاء خلال مهلة أقصاها 15 يوماً في بلدتي مرياطة القادرية- كفرزينا ومهلة أسبوع في بلدة عرجس في قضاء زغرتا، وفق "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية.
وتقول مفوضية اللاجئين في لبنان، إنه وبحسب التقديرات الحكومية اللبنانية، يعيش في لبنان 1.5 لاجئ سوري، 90 بالمئة منهم في حالة من الفقر المدقع، وتبرز منطقة البقاع على أنها المنطقة الأعلى كثافة باللاجئين في لبنان.