تقارير | 10 06 2024

تستمر حملة المناصرة "أنقذوا الأرواح" على وسائل التواصل الاجتماعي التي أطلقتها "مديرية صحة إدلب"، الأسبوع الماضي، بالتعاون مع ناشطين وصانعي محتوى، لتجنب ما وصفوه "حدوث كارثة إنسانية" نتيجة توقف الدعم عن عدد من المستشفيات في المحافظة.
ووفق بيان صادر عن "المديرية" الأسبوع الماضي، فإن توقف الدعم يشمل مستشفيات خاصة بالنسائية والأطفال، وتوقف برنامج اللقاح، ومراكز غسيل الكلية، وبنوك الدم، ومراكز التلاسيميا، ومحارق النفايات الطبية، ومراكز العلاج الفيزيائي.
وسبق أن قال نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، ديفيد كاردن، بداية الشهر الحالي، إن نقص تمويل خطة الاستجابة الإنسانية "له عواقب حقيقية على حياة الأشخاص الأكثر ضعفا في سوريا، بما في ذلك شمال غرب البلاد".
وأضاف بأنه في حال عدم تلقي الخطة للتمويل فسوف تغلق 160 منشأة صحية بحلول نهاية حزيران/يونيو، حسب تصريحاته لموقع الأمم المتحدة الإلكتروني بالعربية.
آثار صحية رهيبة
اعتبر بيان "صحة إدلب" أن إيقاف الدعم سيسبب "أثاراً صحية رهيبة على الأهالي في المنطقة، من حيث الزيادة غير المسبوقة في معدل انتشار الأوبئة والأمراض، وارتفاع الوفيات خاصة".
ملايين الأشخاص مهددون
المسؤول الإعلامي في مديرية صحة إدلب، كرم الشيخ علي قال لروزنة: إن عدد المنشآت الصحية التي توقف عنها الدعم لغاية شهر حزيران الحالي بلغ 112 منشأة تخدم حوالي 1.5 مليون نسمة.
وأضاف "الشيخ علي" أنه "ومع حلول نهاية العام سوف يرتفع هذا الرقم الى 136 منشأة من بينها 42 مركزاً يقدم خدمات الصحة الإنجابية، تخدم هذه المنشآت 5 مليون شخص يعيشون في المنطقة، منهم 3.5 مليون من النازحين ضمن مخيمات قرب الشريط الحدودي مع تركيا".
وبحسب المسؤول الإعلامي فإن عدد المستشفيات التي سيتوقف عنها الدعم، في إدلب، وتعمل بشكل تطوعي حتى شهر حزيران الجاري 14 مستشفى.
ومن بينها 8 مستشفيات نسائية وأطفال، إضافة لـ 22 مركز رعاية صحية أولية وسيرتفع هذا العدد إلى 95 مركزاً بنهاية العام، و6 مراكز علاج فيزيائي تخدم 1700 مستفيد، و4 مراكز تلاسيميا تخدم 700 مريض.
اقرأ أيضاً: إدلب: متابعة لحالة الطفل عسكر بعد إنقاذه من البئر.. وإشادات بـ"الخوذ البيضاء"
ويضاف إلى ما سبق مركز علاج السل والذي يخدم حوالي 300 مريض، معتبراً أن خروج هذه المنشآت عن الخدمة سيزيد الضغط على المنشآت الأخرى التي ماتزال مدعومة، وفق "الشيخ علي".
وكشف المسؤول الإعلامي لـ"روزنة" أن "التواصل مع الشركاء في منظمة الصحة العالمية والمنظمات المانحة قائم من أجل العمل على تأمين تمويل لهذه المنشآت".
مستشفى الرحمة نموذجاً
تصدّر اسم مستشفى "الرحمة" بدركوش عناوين الأخبار خلال الأيام الماضية، والذي استقبل الأطفال المصابين نتيجة تدهور حافلة كانت تقلهم برحلة مدرسية، يوم الجمعة الماضي، عبر جرف صخري على ضفاف نهر العاصي، ما تسبب بمقتل 7 أشخاص وإصابة 20 آخرين.
ومساء أمس الأول، استقبل المستشفى الطفل عسكر دياب الذي سقط في بئر ارتوازية بعد أن انتشلته فرق الدفاع المدني، لتلقي العلاج، ومازال في المستشفى "في وضع حرج" ضمن قسم العناية المشددة.
وبحسب المسؤول الإعلامي في المستشفى، بهاء السويد، فإن الدعم توقف عن مستشفى "الرحمة" بدركوش من منظمة "سيما" في الأول من أيار الماضي، بعد انتهاء المنحة المقدمة من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وأوضح السويد لروزنة أن المستشفى يخدم كافة الحالات الطبية، حيث تتوفر فيه كافة الاختصاصات، وتشمل الأقسام التي توقف عنها الدعم، قسم العمليات الجراحية، وقسم الإسعاف، والمخبر، والصيدلية، وقسم التصوير الشعاعي (تصوير شعاعي وطبقي محوري).
"نتائج كارثية"
ووفق "السويد" فإن نتائج إيقاف الدعم عن المستشفى ستكون "كارثية"، حيث يشمل قسم العمليات الجراحية، "العمليات العامة، والجراحة البولية، والجراحة العظمية، والجراحة العصبية، والجراحة الأذنية، والجراحة الفكية، إضافة إلى عمليات التنظير البولي والهضمي والصدري".
وأضاف المسؤول الإعلامي: "يستقبل قسم بنك الدم يومياً بين 10 و15 مريضاً بالتلاسيميا، والذين يحصلون على الدم اللازم من بنك الدم في المستشفى".
وتوقف الدعم عن قسم "عناية الأطفال"، والذي يتضمن أجهزة تنفس وحواضن للأطفال، وأجنحة الرجال والنساء والأجنحة الجراحية، وكافة العيادات التخصصية، والتي تستقبل يومياً بين 70 و 80 مريضاً، وفق السويد.
وعن بيانات المستشفى قال: "يستقبل المستشفى بين 30 و35 ألف مريض شهرياً، حيث يقدم الخدمات لمنطقة يعيش فيها ما يقارب مليون نسمة، والذي يعمل فيه قسم الإسعاف على مدار 24 ساعة".
وكشف أن ما يميز المستشفى، هو أنه الوحيد في المنطقة الذي يحتوي على كافة الاختصاصات الطبية، فالمستشفى يوفر خدمة عمليات (PCNL) لحصيات الكليّة، والتي تصل تكلفة العملية منها في المستشفيات الخاصة إلى 800 دولار أمريكي للجلسة الواحدة.
"لا أنسى فضلهم"
خضع عمار من مدينة سلقين (38 عاماً) لعملية استئصال حصيّة في الكلية، العام الماضي، عبر جهاز (PCNL) والتي أجريت له في مستشفى "الرحمة" بدركوش.
قال عمار لـ"روزنة": "راجعت أطباء البولية في كل من سلقين وإدلب والدانا، وبعد إجراء تصوير طبقي محوري تبين وجود حصية في الكلية اليمنى بقطر 14 ملم".
أحد الأطباء طلب منه مبلغ 800 دولار أمريكي لتفتيت الحصية وسحبها من الكلية، عبر جهاز "المنظار المرن"، ما دفعه لإجراء العملية مجاناً عبر جهاز (PCNL) في مستشفى "الرحمة" بدركوش، وفق عمار.
وأضاف الشاب معبراً عن امتنانه لما لقي من رعاية طبية مجانية في المستشفى، قائلاً: "لا أنسى فضلهم، فلولا إجراء العملية مجاناً كنت سأبقى أعاني من آلام الحصية إلى ما شاء الله، لأنني لا أملك قيمة العملية في المستشفيات الخاصة".
مستشفيات ومنشآت أخرى مهددة بالإغلاق
نشرت مديرية صحة إدلب ضمن حملة المناصرة "أنقذوا الأرواح" أسماء عدد من المستشفيات التي توقف عنها الدعم، مظهرة عدد سكان المناطق التي تتلقى خدماتها الطبية من تلك المستشفيات.
مستشفى حارم العام، والذي يعمل في مدينة حارم شمال إدلب، في منطقة سكانية تضم 250 ألف نسمة، يقدم خدمات الجراحة العامة، والجراحة العظمية، والجراحة الوعائية، والإسعاف الجراحي، وخدمات الأشعة والتحاليل المخبرية، وعيادات الداخلية العامة وأمراض القلب وأمراض الأذن والأنف والحنجرة.
مستشفى أريحا للنسائية والأطفال، ويتواجد في منطقة تضم 150 ألف نسمة، مهدد بالإغلاق نتيجة توقف الدعم، ويقدم الخدمات ضمن اختصاصات النسائية والتوليد، وأمراض الأطفال، وإسعاف الأطفال، وإسعاف نسائية وتوليد، وخدمات الأشعة والتحاليل المخبرية.
وحذر ديفد كاردن، قبل أيام وبعد 25 زيارة أجراها لشمالي غربي سوريا منذ توليه منصبه كمنسق أممي للشؤون الإنسانية في سوريا، أن هناك 3.6 مليون شخص في شمال غرب سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، لكن لم تستهدف إلا الفئات التي تعاني أكثر من انعدام الأمن الغذائي، أي نحو600,000 شخص.
وأضاف: "هؤلاء هم الأشخاص الذين سينزلقون إلى المجاعة إذا لم يتم دعمهم".
ومولت خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا، التي تهدف إلى جمع أكثر من 4 مليارات دولار، بأقل من 10 في المائة فقط، في ظل وجود نحو 3.5 مليون نازح في شمالي غربي سوريا، وفق "كاردن".