تقارير وتحقيقات | 11 05 2024

"كوابيس جماعية وبتوجع" سوريون في تركيا تطاردهم أشباح الترحيل خلال النوم واليقظة، ما نتحدث عنه ليس تعبيراً مجازياً، نحن نتحدث عن وقائع وشهادات لكثيرين تطاردهم كوابيس تقض مضاجعهم وتجعل ليلهم قاسٍ كنهارهم.
ضغوط نفسية يعيشها اللاجئون السوريون في تركيا، منذ سنوات، زادت حدتها منذ عام، وبشكل خاص مع مطلع العام الجاري في ظل الإجراءات التي اتخذتها السلطات بحق الأجانب، بينها سيارات ونقاط الهجرة المتنقلة لإيقاف المخالفين، وهو ما شكلّ عليهم عبئاً جديداً، فوجدوا أنفسهم عاجزين عن التصرف، لتصبح كوابيس الترحيل إلى سوريا تلاحق لياليهم بشكل مستمر.
ومنذ مطلع العام الجاري اشتكى كثير من السوريين من توقف قيود بطاقة الحماية المؤقتة "الكمليك" الخاصة بهم، لأسباب مختلفة، وهو ما جعلهم مخالفين لنظام الإقامة في تركيا.
في حلب بين المعارك!
"بين الدبابات والنيران أرى نفسي داخل معركة في مدينة حلب، بعد ترحيلي من تركيا"، يقول زاهر، شاب سوري مقيم في ولاية غازي عنتاب جنوبي تركيا لروزنة، عن كوابيس الترحيل التي تلاحقه بسبب التشديد الحاصل مؤخراً.
يذهب زاهر من البيت إلى العمل بشكل يومي وهو قلق من أن يتعرّض للترحيل، إذ فقد منذ شهور بطاقة "الكمليك" الخاصة به، وإلى الآن لم يستطع استخراج "بدل ضائع".
يصف حالته قائلاً: "أخاف أن يوقفني حاجز ما وبالتالي أتعرّض للترحيل بسبب مخالفتي لنظام الإقامة، إذ أعتبر بلا أوراق حالياً".
ويتابع:"لا يوجد أمان في سوريا، إن كان في مناطق النظام السوري أو مناطق المعارضة شمالي سوريا (...) لا نريد سوى الاستقرار، لكن أكثر ما نخافه الترحيل".
السفر بطريقة غير شرعية
تعارض هدى وزوجها المقيمان في ولاية غازي عنتاب جنوبي تركيا، فكرة السفر بطريقة غير شرعية إلى أوروبا، رغم كل التضييق الحاصل، إلا أن الفكرة أصبحت مستساغة في أحلامها "ربما أفضل من الترحيل" تقول.
وتشرح لروزنة: "آخر مرة رأيت نفسي وعائلتي ونحن نتجهز للسفر عبر البحر، نريد الخلاص من واقعنا بأي طريقة".
بطاقة الكمليك الخاصة بهدى وزوجها من مرعش، بينما يقيمان في غازي عنتاب منذ زلزال شباط العام الفائت، وهو ما يعتبر مخالفاً للقوانين التركية، حيث تطالب السلطات التركية الأشخاص بالإقامة في المدينة التي استصدروا منها الكمليك.
وتضيف: "أشاهد نفسي أيضاً وبشكل متكرّر وقد ترحلت من الحدود، وهناك في الشمال السوري لا مكان لنا ولا معارف ولا أصدقاء (...)، نقف حائرين عاجزين لا نعرف ماذا نفعل؟".
الداخلية التركية: ترحيل 21 ألف مهاجر من إسطنبول خلال شهر
رغم السفر الكوابيس تلاحقنا
تشاهد ميس، سيدة سورية، كوابيس الترحيل بشكل متكرر رغم خروجها من تركيا قبل أكثر من نصف عام.
عانت ميس وزوجها من مخاوف الترحيل بشكل مستمر لشهور طويلة في ظل التضييق والحملات التي أطلقتها السلطات التركية خلال تواجدها في إسطنبول قبل خروجها منها.
تقول لروزنة وهي المقيمة في فرنسا حالياً: "منذ يومين شاهدت نفسي وأنا في سوريا، أستيقظ فزعة خائفة من أن أتعرض للاعتقال أو أي انتهاك".
وفي آب العام الفائت، أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي قايا، أنّ السلطات التركية رحّلت 21 ألف مهاجر غير نظامي من ولاية إسطنبول خلال شهر واحد، بعد نقلهم إلى مراكز الترحيل.
وتنفّذ السلطات التركية في جميع الولايات التركية حملات أمنية تهدف، وفق قولها، إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية، اعتقلت خلالها عشرات السوريين من حاملي بطاقات الحماية المؤقتة "الكمليك" وغير الحاملين لها، والأشخاص المنتهية صلاحيات إقاماتهم، وغير ذلك من الحالات.
قد يهمك: دخلوا من مصر ولبنان.. إيقاف قيود كمليك سوريين في تركيا!
أوراق نظامية ورغم ذلك الكوابيس تلاحقنا
كذلك تشاهد أسماء، كوابيس الترحيل إلى سوريا بشكل شبه أسبوعي، منذ أواخر العام الفائت، وهي المقيمة في ولاية بورصة.
تقول أسماء لروزنة: "أشاهد نفسي وقد أصبحت في الشمال السوري، حيث لا أنتمي، ومنام آخر أكون في منطقة ما وأنا أشاهد اقتتال الفصائل وأخاف من أن تصيبني رصاصة طائشة، وأطفالي يحتمون بي وهم يصرخون ويبكون".
بورصة: ترحيل 23 سورياً في إطار "مكافحة الهجرة غير الشرعية"
ومؤخراً تفاجأ عدد من السوريين المقيمين في ولاية غازي عنتاب جنوبي تركيا، بإيقاف قيود الحماية المؤقتة الخاصة بهم "الكمليك" خلال تحديث البيانات في المراكز المخصصة، منذ مطلع العام الجاري، وذلك لكونهم دخلوا تركيا من غير معابر حدودية سورية، وهو ما يتوافق مع ما ينص عليه قانون الحماية المؤقتة.
عدد من المحامين السوريين، أكدوا لروزنة وصول عشرات الحالات ممن توقفت قيود الكمليك الخاص بهم في جنوبي تركيا، خلال الشهور الأخيرة، لكونهم قدموا من دول مثل مصر ولبنان وغيرها.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين تحت الحماية المؤقتة في تركيا 3 ملايين و151 ألفاً و915 شخصاً، حتى أواخر شخص شباط الفائت، بحسب جمعية "multeciler".