في اليوم العالمي لحرية الصحافة… صحفيون سوريون: لا أمان والجميع يضيق علينا

في اليوم العالمي لحرية الصحافة… صحفيون سوريون: لا أمان والجميع يضيق علينا

تقارير وتحقيقات | 3 05 2024

إيمان حمراوي

في سوريا على اختلاف مناطقها واختلاف القوى المسيطرة، تشهد الحريات الصحفية تقييداً واسعاً منذ سنوات، ويعاني الصحفيون تحديات كبيرة في سبيل كشف الحقيقة.

قابلت روزنة العديد من الصحفيين في مختلف المناطق السورية، تحدثت معهم عن معاناتهم والتحديات التي يواجهونها، فكانت من أبرز التحديات، صعوبة "الحصول على المعلومات"، ما عدا التضييق الذي يواجهه الصحفيون من قبل السلطات، مقابل الحفاظ على الأمان الشخصي.

في السطور التالية، يكشف الصحفيون بحسب المناطق التي يقيمون فيها عن مطالبهم أيضاً، إضافة إلى كيفية ممارسة العمل الصحفي والصعوبات.

في دمشق لا حماية ولا أمان للصحفيين

في مناطق سيطرة النظام السوري يواجه الصحفيون تضييقات وانتهاكات عديدة، وبشكل خاص من الأجهزة الأمنية.

الصحفي تامر محمود يعمل في مهنة الصحافة بدمشق، منذ عام 2012 ، وخلال تلك السنوات تعرّض للكثير من الانتهاكات.

يقول لروزنة ، إنه واجه انتهاكاً للخصوصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عندما كان في مراجعة أمنية في إحدى المرات، وجرى مصادرة هاتفه والدخول إلى جميع مواقع التواصل الاجتماعي والإيميلات الخاصة به والأرقام دون استئذان، فيما تمت مصادرة كاميرا تعود له بقيمة ألفي دولار أميركي، في إحدى المرات، ولم يتمكن من استعادتها.

اقرأ أيضاً: "لا أجرؤ على التصريح بمهنتي": معاناة الصحفيين المستقلين في سوريا

أيضاً يضطر الكثير من الصحفيين في مناطق سيطرة النظام للعمل بأسماء وهمية خوفاً من الاعتقال، كما حدث مع الكثيرين، وفق تقارير إعلامية.

وحول الأمر يتحدث محمود: "الحصول على المعلومة، من أكبر التحديات، كصحفيين نعمل بأسماء وهمية لضمان سلامتنا الشخصية، وهنا أيضا نقع في مشكلة الحصول على الموافقة المستنيرة من الأشخاص، وعادة ما تلغى تقارير لعدم قدرتنا على البوح باسم الجهة التي نكتب لها".

ويؤكد محمود عدم وجود أي حماية للصحفي داخل سوريا، باستثناء الإجراءات التي يتخذها الصحفي لحماية نفسه.

ويطالب محمود بالحصول على هامش للتعبير بكل حرية، وتأمين حقه في الحصول على المعلومات والحماية والحصانة التي يتمتع بها الصحفي في كل العالم، وفق قوله، وألا يتم دعوته للأفرع الأمنية على كل مادة يكتب اسمه فيها، "وتتحفظ عليها الجهات المختصة، ولو كان منشوراً على فيسبوك".

كذلك، يطالب بأجور جيدة تستحق العناء الصحفي، إذ يعامل الصحفي السوري عادة على أنه موظف دولة، وحتى الصحفي الذي يتعامل مع جهات خارجية يعامل معاملة أنه يعيش داخل سوريا من حيث الأجور، وفق قوله.

ويلفت محمود إلى أنّ وجود قانون يؤطر عمل الإعلاميين هو شيء مساعد وبخاصة أمام القضاء، لكن تكمن المشكلة وفق قوله بـ"طريقة تنفيذ القانون وليس القانون ذاته (...) القانون السوري على الورق قانون ينص على حماية الصحفيين وعدم استدعاء أي صحفي إلى فرع أمن بسبب مادة صحفية كتبها ولكن هل ينفذ هذا الأمر؟"، يتساءل.

اقرأ أيضاً: "انتقده على فيسبوك".. درعا: وفاة ناشط إعلامي في سجون النظام

قيود مجتمعية وأمنية

تتشابه تحديات ومعاناة الصحفيين والصحفيات في شمال شرقي سوريا، أبرزها حق الحصول على المعلومة، وتصريح من قبل "الإدارة الذاتية" والتي في معظم الأحيان تأتي بالرفض.

الصحفية نور الأحمد، تقول لروزنة، إن "الإدارة الذاتية التي تدعي الديمقراطية وحرية الصحافة، تقوم بالتضييق على عمل الصحفيين، وأهم التضييقات، عدم منحهم التصريحات اللازمة لعملهم".

وتضيف: "غالباً ما كتبت تقاريراً إعلامية باسم مستعار أو باسم المؤسسة التي كتبت لها، خوفاً من السلطات (...) أبداً لا يوجد لدينا حريات إعلامية".

وتشير نور إلى أن التضييق التي يواجهه الصحفي في مناطق شمال شرقي سوريا، يدفعه ربما للتخلي عن تلك المهنة، وهو ما دفعها للهجرة مؤخراً خارج سوريا: "دائماً ما كانت السلطات توقفني في الشارع وتسألني عن مهمتي، ومن ثم مراقبتي، لم أحرّض يوماً على الكراهية، أو حتى كتبت ادّعاء باطلاً".

وما عدا تضييق السلطات على الصحفيين، هناك التضييق المجتمعي، أوضحت نور: "مجتمعنا معظمه من العشائر التي لديها عادات معينة، لا تتقبل عمل الشابة في الإعلام (...) الكثير من الصحفيات يعملن بأسماء مستعارة تفادياً لاضطهاد المجتمع".

اقرأ أيضاً: صحفي في القامشلي منعته "الإدارة الذاتية" من العمل: اتّهامات باطلة

مطالبات بدعم الصحفيات بشكل خاص!

وتطالب نور بعدم التضييق على الصحفيين في جميع المناطق السورية، ودعم الصحفيات، وبشكل خاص اللواتي ينحدرن من عشائر عربية، وتطالب السلطات في شمال شرقي سوريا للصحفيين مهاماً صحفية، وليس فقط للمقربين منها أو العاملين ضمن مؤسساتها.

كذلك، دعت لإصدار قانون يضبط الانتهاكات الحاصلة بحق الصحفيين، يؤمن على حياتهم ويساعدهم في الكشف عن الحقائق دون الخوف من أي جهة.

وتحدثت نور حول ضرورة الإفراج عن الصحفيين المعتقلين في مناطق شمال شرقي سوريا وباقي المناطق السورية، الذين اعتقلوا تعسفياً، ولم يعرف عنهم شيئاً.

ويؤيد فرات (اسم مستعار) صحفي مقيم في شمال شرقي سوريا ما جاءت به نور، يقول لروزنة: "إن الإدارة الذاتية تدعي أن لها تجربة ديمقراطية استثنائية في سوريا، وأن حرية التعبير مصانة وتمتلك الصحافة سقفاً عالياً من حرية النشر والتعبير، ولكن على أرض الواقع كل هذا مجرد حبر على ورق".

ويشير فرات، "اسمي المستعار أكبر دليل على عدم وجود حريات صحفية".

ويتابع: "هناك تضييق على الصحفيين المستقلين، اعتقالات تعسفية وتوقيف عن العمل، ومنع من مزاولة المهنة، أنا شخصياً استدعوني أكثر من مرة ووجهوا لي إنذارات بسبب تقارير نشرتها، لم يتم اعتقالي، ولكن اعتقلوا الكثير من زملائي".

لا مواد نقدية لهذه الأسباب

يتوقف فرات عن كتابة أو نشر المواد النقدية التي تطال السلطات عندما يشاهد الاعتقالات التي تطال الصحفيين: "عندما أسمع منهم عن بشاعة السجون والتعذيب أراجع حساباتي وأتوقف عن نشر أي مادة قد تزعجهم، حتى ولو كانت مهمة بالنسبة لي وللناس، حرية الصحافة في مناطق الإدارة غير موجودة، ومن يقول غير ذلك كاذب!".

وعن التحديات التي تواجهه في مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" يتحدث فرات: " التحديات كثيرة أبرزها خوف الصحفي من الاعتقالات التعسفية، إذ يعتقل الصحفي لأشهر دون وجود أي إطار قانوني، ولا أحد يعرف عنه شيئاً".

أكبر تحدٍ بالنسبة الصحفي هو التغلب على الخوف، إذ يتجنب الخوض في مواضيع مهمة بسبب الخوف، وهو حق طبيعي، بحسب فرات، فالسلامة الشخصية أهم من أي معلومة سوف تنشر لاحقاً، وفق قوله.

ويشير فرات إلى المعاناة مع عناصر الأمن "أسايش": "عندما يشاهدني الأمن يأتي ليحقق معي، ويسألني أين مهمتك وموافقتك".

ويتابع: "أيضاً هناك المعاناة مع المجتمع الذي يقف ضد الصحفي عندما يتحدث عن مواضيع مغايرة للعادات ومعتقداتهم، مثل حقوق النساء والحريات الدينية وغيرها (...) المعاناة مع المجتمع أحياناً تكون أكبر من المعاناة مع السلطات".

ويطالب فرات أيضاً بإيجاد قوانين تتماشى مع القوانين الدولية الخاصة بالصحافة، وأن تكون قوانين حقيقية يتم تطبيقها، وطالب بمنع الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، مهما كانت التهمة، إلا في إطار قانوني عبر المحكمة.

في شمال غربي سوريا

تضاف إلى قائمة التحديات التي تواجه الصحفيين في شمال غربي سوريا الواقعة تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام"، الأمور المتعلقة بالسلامة، في ظل القصف المفاجئ الذي لا زال مستمراً منذ سنوات.

يتحدث الصحفي محمود أبو راس لروزنة، عن تحديات أمنية وخوف من العمليات العسكرية أو القصف، وعدم وجود تحييد حقيقي للصحفيين عن الصراع، وحتى لوكانوا في منازلهم ربما يباغتهم قصف ما.

كذلك هناك التحديات الأمنية والخوف من السلطات الموجودة أثناء تأدية المهام الصحفية، يقول "أبو راس":"نحن في بلد فيه أربع سلطات، يزعجها الإعلام الحر، ما ينعكس على أمان الصحفي وحريته".

ومن ضمن أهم التحديات أيضاً صعوبة الحصول على المعلومات، ولا سيما تلك المرتبطة بالسلطات، إضافة إلى عدم وجود ضوابط واضحة للعمل الصحفي في المنطقة من قبل النقابات الإعلامية أو السلطة الموجودة.

ويطالب الصحفي السوري بإتاحة الفرصة للوصول إلى المعلومات ونقد أي شخصية كانت بعيداً عن أي اعتبارات، من أجل صحافة حرة تعزز من حرية الرأي.

اقرأ أيضاً: صحفيات في الشمال السوري: تحدّيات وحريات صحفية مسلوبة

سوريا تتذيل قائمة الحريات الصحفية

وفي سوريا يُمنع الصحفيون من دخول بعض المناطق جملة وتفصيلاً، ويظل باب التعددية مغلقاً تماماً أمام وسائل الإعلام السورية، التي تُعتبر أدوات لنشر الأيديولوجية البعثية، مما يدفع العديد من الصحفيين إلى المنفى، وفق "مراسلون بلا حدود" التي جاءت سوريا بحسب مؤشر حرية الصحافة لعام 2024 لديها في المراتب الأخيرة، إذ احتلت المرتبة الـ 179 من أصل 180، في الحريات الصحفية.

وتشكّل الصحافة الحرة والمستقلة وغير الخاضعة للرقابة حجر الزاوية في المجتمعات الديمقراطية، ويمكن أن توفر معلومات منقذة للحياة في أوقات الأزمات وأساساً للمشاركة العامة، وأن تساهم في ضمان المساءلة واحترام حقوق الإنسان، وفق "الأمم المتحدة".

وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي لحرية الصحافة، عام 1993، ومنذ ذلك الحين يحتفل في الثالث من أيار بالذكرى السنوية في جميع أنحاء العالم، كمناسبة لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض