حياة | 26 03 2024
إيمان حمراوي
تجاوز الموسم الدرامي السوري يومه الخامس عشر، منطلقاً بأكثر من 15 عملاً تنوّعت بين دراما، البيئة الشامية، والكوميديا، والأعمال الاجتماعية.
وعلى كثرتها، يبدو أن أكثر المتابعين والنقّاد تحدثوا عن العنف في مسلسل "أولاد بديعة" وهو الذي يجمع في طيّاته رائحة الصراع على عرش سوق الدباغة في دمشق عبر زمنين مختلفين، إضافة لمشاهد في مسلسل "كسر عضم" الذي يركّز على انتهاكات النظام السوري، وسط حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لإيقاف عرضه على قناة "تلفزيون سوريا".
كسر عضم 2 (السراديب)
يركّز هذا الجزء من كسر عضم، على انتهاكات النظام السوري في المعتقلات وإحدى أبرز المشاهد العنيفة والقاسية هو لحظة إعدام ضابط مخابرات لابن عبد المنعم عمايري "مصطفى" وعمره خمس سنوات أمام والده داخل الزنزانة وبالرصاص الحي.
يحتضن عمايري ابنه، وفي هذه اللحظة يطلق الضابط الرصاص على الطفل من الخلف، ثم ينتهي المشهد بمقتل الأب أيضاً.
المشهد أثار جدلاَ واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما بين أوساط الموالين للنظام، معتبرين أنّ المشهد مبالغ به، فيما اعتبر معارضون أن المشهد ما هو إلا جزء يسير من واقع المعتقلات.
وبالعودة إلى الوراء في الحلقة الثانية، يظهر أحد المشاهد آثار انفجار سيارة ما، وكأنها تتبع للحكومة، وفق سياق الحديث، والجثث المتناثرة الغارقة بالدماء، في مشهد قاسٍ لم يعتد عليه جمهور المسلسلات السورية، بينما سيارات الإسعاف والشرطة حول المكان.
ويضم العمل نخبة من النجوم وهو من إخراج، كنان إسكندراني، وبطولة، رشيد عساف وفايز قزق وأحمد الأحمد، وغيرهم.
جرعة قاسية زائدة في "ولاد بديعة"
تبدأ الحبكة الدرامية في "ولاد بديعة" بالاتجاه صوب العنف، منذ الحلقة الأولى من خلال مشهد ختان طفل رضيع وهو عارٍ، إذ يظهر المقص وعليه قطعة لحم مبتورة، ومشهد ذبح الخروف احتفالاً بالمولود الجديد ابن "عارف الدباغ"، الذي يعمل على تلطيخ يد المولود بالدماء ووضعها على الحائط.
تزداد وتيرة العنف في الحلقة الثانية عندما تتعرّض إمارات رزق "بديعة" للاعتداء الجنسي من قبل فادي صبيح "عارف الدبّاغ"، حيث يوقظها ليلاً بينما تكون نائمة في الخلاء مع ابنتها سكر، ويأخذها إلى مكان عمله "المدبغة"، فتظهر لقطة ملامسته يديها وهما ترتجفان.
المشهد التالي هو لحظة ولادة بديعة عندما تولّدها القابلة في غرفة، بينما عارف الدباغ ينتظر في الخارج مولوده، دون أن يفصح لأحد أنه من ارتكب هذا الجرم، حيث تخرج القابلة بعد عملية الولادة وتدعو على من ارتكب هذه الجريمة بحق بديعة.
تضع بديعة مولودين في مشهد قاسٍ، عندما تولّدها القابلة في غرفة مهجورة وأمام مرأى طفلتها سكّر.
المشهد يشرح بالتفصيل كيفية ولادة "بديعة" وآلام المخاض الذي عاشته، وهو ما يجعل المشاهدين يتساءلون عن مدى قدرة الطفل على تحمّل هذه العملية حتى لو كانت تمثيلاً.
وفي مشهد آخر عنيف وقاسٍ لبديعة، تظهر في منام سكر "سلافة معمار" وهي ترتدي صوف خروف، تتحدث مع ابنتها وتلقي باللوم عليها وعلى أخويها ياسين وشاهين في التسبب بوفاتها، ومن ثم تظهر لقطة لشخص ما وهو ينحرها بالسكين وتسيل الدماء منها.
وتابع المسلسل في مشاهد العنف في الحلقة التاسعة، عندما أقدم ياسين وشاهين على ضرب مختار في غرفة مقفلة داخل "المدبغة" بشكل عنيف، على كل أنحاء جسده، حتى تورم وغرق وجهه بالدماء.
وفي نهاية المشهد يقرّر شاهين حرمان مختار من الإنجاب عندما بدأ بركله على أعضائه التناسلية.
مازال مشهد القطط مثار جدل
فيما أضاف المسلسل مشهداً آخراً أكثر قساوة، عندما يقتل محمود نصر "مختار الدباغ" في الحلقة الرابعة، ثلاث قطط "شنقاً" كرد فعل انتقامي من أشقائه، بعد ضربهم له وإهانته بعبارة "ابن الماما" وكل ذلك عندما كانوا أطفالاً صغاراً.
وهو المشهد الذي أثار جدلاً واسعاً لأيام على السوشيال ميديا وبين النقّاد، عندما اعتبروه أقسى من أن يُعرض للمشاهد وتحديداً في شهر رمضان، رغم أنّ صنّاع العمل أكدوا قبل بدء عرض الحلقة على أنّ "كل مشاهد الحيوانات كانت بحضور أطباء ومختصين، ولم يتعرّض أي حيوان للأذى".
رشا شربتجي وهي مخرجة العمل تعلّق على حادثة القطط بالقول عبر انستغرام بأن: "تحضيرات وتدابير مشهد إعدام القطط تم التحضير من قبل طبيب ومختصين"، وهو ما أكد عليه فادي صبيح وهو الذي يؤدي شخصية "عارف الدبّاغ" في تصريح لصحيفة الرأي الكويتية.
لاحقاً وجد الأخوة أنفسهم أمام أب ملّاك في سوق الدبّاغات، واتجهت الحبكة إلى جرعة أقوى من العنف، عندما قتل "مختار" وهو ابن عارف الدبّاغ، أم أشقائه "بديعة" عبر تفجير اسطوانة غاز في منزلها.
العمل من بطولة سامر إسماعيل وسلافة معمار ومحمود نصر ويامن الحجلي، وعبد الهادي الصباغ ورنا شميس، وتولين البكري، وإخراج رشا شربتجي.
يامن الحجلي، مؤلف وبطل في مسلسل "ولاد بديعة" تحدث في مقابلة على قناة "العربية" أمس، حول العنف الذي انتقده المشاهدون في المسلسل، بقوله إن صناع العمل لديهم وجهة نظر أنه "في مرحلة معينة عندما يصبح القدر قاسٍ ويضيع الحق ويطغى الباطل يجب أن تقدّم الدراما بمنطق صادم ليشاهد المتابع ما يدور حوله، وربما ينبهه ذلك الفن لتصحيح المسار".
وأشار الحجلي إلى أن منطقتنا مرت بأهوال وظروف صعبة، والتعبير عنها لن يكون "سلسلاً وبترميزات ناعمة"، مضيفاً: "نحن مؤمنون بمنطق الصدم".
ولفت أنه "في الفن توجد قاعدة تقول إن أي فعل مهما بلغت قسوته، فإذا كان مبرراً بسياق درامي وحكاية مقنعة، سيكون أثره على المشاهد إيجابي". وشدد: "لم يكن هناك استعراض للقسوة بقدر ما كانت الحكاية قاسية".
العربجي أيضاً
يبدأ الجزء الثاني من العربجي، بشعار ممزوج بالـ"دم" عندما يعلّق باسم ياخور على برومو ترويج هذا الجزء بالقول "صار وقت الحساب، الانتقام أجا لحرق الجميع".
إذ يصبح في هذا الجزء، الصراع بين باسم ياخور "عبدو العربجي" والدولة أشد، وخاصة بعد مقتل رئيس الكركون أبو صبحي وميلاد يوسف "حمزة".
يعلق الفنان السوري باسم ياخورعلى مشاهد العنف في المسلسل قائلاً "العنف موجود بكل أنواع الدراما وهو أمر طبيعي".
ويضيف في حديث لموقع فوشيا "الكثيرون يتابعون الأعمال الأجنبية ويقبلون بالشر الموجود فيها"، متابعاً: "هذا الشر مرتبط بالقصة التي يتناولها العمل".
ثم يتساءل ياخور: "إذا أردنا أن نقدم دراما معقمة فهذا يعني أن عدم الاقتراب من الإيحاءات الجنسية السياسية حتى العنف والدم فماذا نقدم؟ هل نقدم دراما تربوية؟".
وفي إحدى مشاهد الحرب ما بين رجال عبدو العربجي وعساكر الدولة، يظهر أحد الأشخاص وهو ينحر آخراً بالسكين، ما عدا مشاهد القتل والدماء.
العمل الفني من إخراج سيف سبيعي، وتأليف مؤيد النابلسي وعثمان جحا، وإنتاج شركة "غولدن لاين".
عنف على وجه "عدوية"
يبدو أن مسلسل "مال القبّان" يتجه نحو الحياة الاجتماعية، وحياة السوق بصراعاتها وتصفية حساباتها، لكن يبدأ بمشهد "عدوية" وهي السيدة التي تتعرّض للتعنيف من زوجها، وتضطر للهرب لتجد نفسها في سوق للخضروات هو سوق الجبر، برفقة جنينها "نعمان الزير"، منهكة ومتورّمة من الضرب.
لكن ورغم آلامها تضطر للعمل ونقل صناديق الخضار إلى لحظة الولادة، وحينها يصبح "نعمان" كما يقول "ابن السوق".
العمل من إخراج سيف الدين سبيعي، للكاتبين علي وجيه ويامن الحجلي، اللذان استوحيا فكرة العمل من سوق الهال، لعكس طبيعة حياة العاملين فيه، وصولاً للمحيط الاجتماعي الخاص بهم.
من أبطال العمل، بسام كوسا، نجاح سفكوني، صفاء رقماني، خالد القيش، سلاف فواخرجي، حلا رجب، روبين عيسى، ماجد عيسى وغيرهم.
