رمضان سوريين في تركيا بلا مؤونة.. "الغلاء دفعنا للتقشّف"

رمضان سوريين في تركيا بلا مؤونة..

تقارير وتحقيقات | 9 03 2024

إيمان حمراوي

في كل عام ينتظر السوريون شهر رمضان، بسبب عاداته وطقوسه المميزة عن باقي شهور السنة، كالأطعمة والمشروبات الخاصة به والزينة وغير ذلك.

لكن يبدو أن رمضان هذا العام تغيّرت طقوسه بشكل واضح لدى السوريين في تركيا، أبرزها شراء "المؤونة الرمضانية" التي اعتاد الأهالي على تحضيرها قبل أسبوعين أو أكثر من شهر الصيام.

ارتفاع الأسعار في ظل انخفاض قيمة الليرة التركية، دفع الكثير من السوريين لاختصار تلك المؤونة والاكتفاء بشراء الحاجة اليومية من المستلزمات الخاصة بوجبتي الإفطار أو السحور، حيث تضاعفت الأسعار في هذا الوقت مقارنة بشهر رمضان الفائت.

ويبلغ سعر صرف الدولار الأميركي الواحد اليوم، نحو 32 ليرة تركية، فيما كان يبلغ سعر صرف الدولار في آذار العام الفائت 20 ليرة تركية.

ضغوط حياتية متوالية.. لا مؤونة لرمضان

رمضان هذا العام مختلف عمّا سبقه بالنسبة لأمل (37 عاماً)، سيدة سورية مقيمة في ولاية غازي عنتاب، فقد تفتقر مائدتها إلى المعروك والأطعمة المعتادة، بسبب ارتفاع الأسعار، وفق قولها.

تقول أمل لروزنة، وهي المعيلة الوحيدة لطفلتها ووالدها المقعد: "مؤونة رمضان تخلّيت عنها هذا العام، لا قدرة لي على شرائها بينما راتبي لا يتجاوز 7 آلاف ليرة تركية، لا حل لي سوى شراء الحاجات اليومية فقط وفق المتاح".

وتتابع: "اللحوم اختصرتها من قائمة رمضان، ربما تكون الدهنة هي البديل من أجل إضافة بعض النكهة، وحتى الخضروات ارتفع سعرها للضعف مقارنة برمضان الفائت".

وارتفع معدل التضخم في تركيا في شهر شباط الفائت، ليبلغ 67.07 بالمئة على أساس سنوي مقارنة بشباط عام 2023، وعلى أساس شهري ارتفع التضخم في شباط بنسبة 4.53 بالمئة مقارنة بشهر كانون الثاني الفائت، وفق "معهد الإحصاء التركي".

وزير المالية التركي، محمد شيمشك، قال في منشور عبر حسابه على منصة إكس إن "التضخم الشهري كان أعلى من التوقعات في شهر شباط، يتطلب تباطؤ التضخم الوقت والتصميم (…)  سنواصل العمل بصبر وإصرار حتى يتم تحقيق استقرار الأسعار".

وتعمد أمل إلى شراء الخضروات من الأسواق في آخر النهار حيث يكون سعرها أوفر مما لو اشترتها في أول النهار، تقول: "اليوم سعر كيلو البندورة 40 ليرة تركية، أنتظر حتى المساء لشرائها بأسعار أرخص" موضحة أن سعرها العام الفائت كان بنحو 20 ليرة تركية.

صحن السلطة الذي يتزعّم مائدة رمضان، تبلغ تكلفته حالياً أكثر من 80 ليرة تركية، بينما كان رمضان الفائت بنحو 40 ليرة.

تشرح أمل: "أقل طبخة تكلفتها 300 ليرة تركية، بعد أول أسبوع من الشهر لا يبقى معي شيء من الراتب، وأكمل باقي الأيام على الاستدانة من المحلات التجارية التي أعرفها، فكيف لي بشراء مؤونة كاملة؟!".

وكانت تركيا رفعت في كانون الثاني الفائت، الحد الأدنى للأجور بنسبة 49 بالمئة، من 11 ألف و402 ليرة تركية إلى 17 ألف ليرة، فيما أمل يصل كامل راتبها إلى 7 آلاف فقط، خمسة منها يذهب للإيجار والفواتير.

وتضيف أمل: "حتى المنزل تضرر من الزلزال بشكل كبير ولا أستطيع الخروج منه بسبب ضيق الوضع المادي، حياتنا مهددة بالخطر لكن لا خيار أمامنا".

ومطلع عام 2022 كان الحد الأدنى للأجور 4.253 ليرة تركية، ارتفع منتصف العام إلى 5 آلاف و500 ليرة، ومطلع عام 2023 ارتفع إلى 8 آلاف و506، وفي تموز ارتفع إلى 11 ألف و402، ليصل اليوم إلى 17 ألف بسبب التضخم.

تقشّف غير معتاد

"كل رمضان نحرص أنا وزوجي على خلق أجواء كرنفالية، لكن طقسنا السنوي المعتاد هذا العام متقشف"، تقول رؤى سيدة سورية ( 38 ) عاماً مقيمة في مدينة اسطنبول التركية.

وتابعت في حديث مع روزنة: " أنا وزوجي نعمل لكن رواتبنا لا تسد الاحتياجات.. أصحاب الدخل الواحد كيف يستطيعون تدبير أمورهم لا أعلم".

اعتادت رؤى النزول مع زوجها للتسوق قبل رمضان من أجل شراء "الأكلات الرمضانية الطيبة" على حد وصفها، من المتاجر السورية في إسطنبول.

"لابد من الاحتفال برمضان شهر مميز وأعتقد أننا محظوظون بوجودنا في منطقة الفاتح، أجواء سورية بامتياز وخصوصاً في رمضان، لكن الأسعار هذا العام تقف أمامنا بالمرصاد" تقول رؤى.

وتضيف: "ارتفع إيجار منزلي هذا الشهر ثلاثة أضعاف العام الماضي، ترافق هذا الارتفاع مع بداية رمضان كونه موعد تجديد العقد السنوي".

حضّرت رؤى قائمة المشتريات المعتادة لشهر رمضان، وبدأت عملية الاختصار على عكس العام الفائت، مقررة أن تكون وجبة الإفطار يتيمة وحيدة إلى جانب السلطة دون أي زوائد مثل المقبلات والمقالي وغيرها، حتى المشروبات الرمضانية اختصرتها "سنكتفي بالمياه ولبن العيران".

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين تحت الحماية المؤقتة في تركيا حتى مطلع شهر شباط 3 مليون و181 ألف، وفق موقع جمعية "multeciler".

وكانت مفوضية شؤون اللاجئين الأممية، قالت في تقريرها قبل يومين، إن احتياجات اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم تتزايد بينما ينخفض التمويل المخصص لدعمهم في ظل الوضع الذي ينذر بالخطر في المنطقة.

وبينت أنّ "ملايين اللاجئين ومضيفيهم يقعون في براثن الفقر ويتعرضون لمخاطر متعددة تمس حمايتهم، مع انخفاض التمويل".

اقرأ أيضاً: تركيا: مؤونة رمضان بـ7 آلاف.. وسوريون "لا حول لنا ولا قوة"

عادات جديدة

يشاطر تيم (40 عاماً) رؤى في خطتها التقشفية لهذا الرمضان، وهو المقيم في ولاية كيليس، حيث اشترى معظم مؤونة رمضان، مختصراً منها الكثير، ماعدا معاناته في البحث عن أرخص الأسعار، لتصل القائمة التي اشتراها إلى نحو سبعة آلاف ليرة تركية.

يقول تيم لروزنة: "سابقاً كان المهم لدينا أن نشتري المستلزمات من أي مكان، أما اليوم اختلف الأمر، اشتريت القليل من اللحوم التي تجاوز الكيلو منها الـ 400 ليرة تركية، إضافة إلى الدجاج والحبوب والمعلبات، لكن بعدما بحثت عن المحلات الأرخص من أجل الخطة التوفيرية (...) أصبحنا ننتظر العروض أيضاً كنوع من التوفير".

ويشير تيم إلى أنّ قيمة الدخل اليوم لم تعد تكفي لشراء المستلزمات، وهو ما أثر على نوعية المواد التي يشتريها وكميتها: "اشتريت المؤونة رغم أني ضغطت على نفسي من أجل ذلك، خوفاً من ارتفاع الأسعار لاحقاً".

وحول ارتفاع الأسعار يقول عبد الرحمن ( 35 عاماً) مقيم في مدينة غازي عنتاب: "الألف ليرة تركية لم تعد تشتري الكثير. قبل يومين اشتريت لبن وخضار وبعض حواضر الفطور، كلفني ألف ليرة تركية، رمضان الماضي رغم كارثة الزلزال كان (أرحم) بأسعاره".

ويضيف: "اليوم مثلاً كيلو المعروك (البريوش) ببعض المحلات بمئة ليرة ومحلات 130 ليرة، السنة الفائتة كان بـ 50 ليرة".

رئيس اتحاد غرف الزراعة التركية (TZOB)، شمسي بيرقدار، أشار إلى أنه "مع اقتراب شهر رمضان والزيادة الأخيرة في تضخم أسعار المواد الغذائية ، تتجه كل الأنظار نحو أسعار المواد الغذائية" لافتاً إلى أنهم سيواصلون "مراقبة أسعار المنتجين والسوق طوال شهر رمضان"، وفق موقع تلفزيون "ntv" التركي.

ووفق الموقع التركي، ومقارنة برمضان الفائت، ارتفعت أسعار 38 منتجاً في الأسواق، وشوهدت أعلى زيادة في التين المجفف بنسبة 195 بالمئة، وتلاه ارتفاع في سعر زيت الزيتون بنسبة 171,5 بالمئة، ومن ثم المشمس المجفف، والفلفل الأخضر بنسبة 148.2 بالمئة، وكان المنتج الوحيد الذي انخفض سعره في الأسواق هو البصل بنسبة 11.6 بالمئة.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض