حياة | 8 02 2024

هل سمعت من قبل بوجود مادة الزرنيخ السامة في الأرز الذي تستهلكه؟
نعم، كشفت دراسات عن مستويات عالية من الزرنيخ في الأرز مقارنة بالحبوب الأخرى، وربما يشكل هذا الأمر مصدر قلق لديك، كون الأرز أحد المواد الغذائية الأساسية المستهلكة في مطبخك.
إذا كنت تستهلك الأرز يومياً، حان الوقت لإضافة مجموعة متنوعة إلى وجباتك، وخاصة إذا كانت تقدمها للأطفال، لكون الأرز يحتوي على الزرنيخ غير العضوي، ويحتمل أن يكون ساماً عند التعرض له بشكل مزمن.
ما هو الزرنيخ ؟
الزرنيخ هو عنصر سام، يُشار إليه بالرمز As، وله نوعان: الزرنيخ العضوي الموجود بشكل رئيسي في الأنسجة النباتية والحيوانية، والزرنيخ غير العضوي الموجود في الصخور والتربة أوالذي يذوب في المياه، وهو الشكل الأكثر سمية.
كلا الشكلين موجودان بشكل طبيعي في البيئة، لكن مستوياتهما تتزايد بسبب التلوث، ولعدد من الأسباب، قد يتراكم في الأرز كمية كبيرة من الزرنيخ غير العضوي (الشكل الأكثر سمية) من البيئة.
ويوجد الزرنيخ في جميع الأطعمة والمشروبات تقريباً ولكن بكميات صغيرة فقط، في المقابل توجد مستويات عالية منه نسبياً في: مياه الشرب الملوثة، والمأكولات البحرية مثل الأسماك والروبيان والمحار، والأرز الذي يتراكم فيه كمية من الزرنيخ غير العضوي أكثر من المحاصيل الغذائية الأخرى.
ما الأضرار؟
مدير مكتب التحليلات والتوعية في مركز سلامة الأغذية والتغذية التطبيقية التابع لـ"إدارة الغذاء والدواء" الأميركية، كونراد شوينيير، يقول، وفق صحيفة "واشنطن بوست": "تعتمد الآثار الصحية الضارة الناجمة عن التعرض للزرنيخ على مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك نوع الزرنيخ عضوي أو غير عضوي، إضافة إلى مستوى التعرض وعمر الشخص المتعرض للزرنيخ".
وأكبر المخاطر الصحية تأتي من التعرض المزمن للزرنيخ غير العضوي، ومن المرجح أن يأتي ذلك من المياه الملوثة وليس الأرز، يقول شوينيير إن "الآثار الصحية قصيرة المدى التي يمكن أن تحدث نتيجة لمستويات عالية من الزرنيخ تكون عند التعرض لها أعلى بكثير مما يوجد عادة في الأطعمة".
وتحث "إدارة الغذاء والدواء" الأمريكية على فرض قيود على المعادن الثقيلة في أغذية الأطفال، بدءاً من الزرنيخ والرصاص.
وبطبيعة الحال، فإن تناول منتجات الأرز شديدة التلوث عدة مرات في اليوم، أسبوعاً بعد أسبوع، ليس فكرة جيدة، خاصة إذا كنت تطبخ في ماء يحتوي أيضاً على الزرنيخ.
يقول شوينيير، إن الزرنيخ هو أيضاً مادة مسرطنة معروفة لسرطان الرئة والمثانة، وإن التعرض مدى الحياة لجميع منتجات الأرز يحمل خطر الإصابة بسرطان الرئة أو المثانة لدى 39 من أصل مليون أمريكي.
لكن الأمر مختلف قليلاً بالنسبة للرضع والأطفال، يقول شوينيير، إن التعرض لمستوى منخفض من الزرنيخ يرتبط بمشاكل النمو العصبي، وتم ربط الزرنيخ الموجود في النظام الغذائي للأطفال بقضايا تتعلق بالنمو المعرفي والذكاء والذاكرة.
وقد يضر الزرنيخ أيضاً بالحمل ويزيد من معدلات وفيات الرضع، عندما يتعرض الطفل للزرنيخ غير العضوي في الرحم، هناك خطر متزايد للإصابة بالسرطان وأمراض الرئة والنوبات القلبية والفشل الكلوي.
اقرأ أيضاً: حساسية الطعام خطر يهدد الحياة.. نصائح للوقاية والعلاج
ما كمية الأرز التي يمكن تناولها؟
"إدارة الغذاء والدواء" الأميركية لم تجد أي أساس علمي للتوصية بأن يغير المستهلكون البالغون استهلاكهم للأرز بناءً على وجود الزرنيخ.
ويقول تشوينيير : "يمكن للمستهلكين تناول الأرز كجزء من نظام غذائي متوازن.. توصي إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الآباء ومقدمي الرعاية بإطعام أطفالهم مجموعة متنوعة من حبوب الأطفال المعتمدة على الحبوب، بدلاً من الاعتماد فقط على حبوب الأرز المخصصة للأطفال".
تعد حبوب الأرز المدعمة بالحديد مصدراً جيداً للعناصر الغذائية للرضع، ولكن لا ينبغي أن تكون المصدر الوحيد ولا يلزم أن تكون الأولى.
كايسي بارنز، وهي اختصاصية تغذية مسجّلة، ومقرها في ولاية دالاس الأميركية، متخصصة في طب الأطفال، تقول: "باعتباري اختصاصية تغذية، لا أوصي بحبوب الأرز للأطفال الرضع (…) يمكن للأطفال البدء بتناول الأطعمة التي تحتوي على مكون واحد مثل الأفوكادو والموز والبازلاء أو الفاصوليا المهروسة ودقيق الشوفان للأطفال وحتى اللحوم المهروسة".
في عام 2020، وضعت "إدارة الغذاء والدواء" اللمسات الأخيرة على إرشادات لصناعة الأغذية، بعدم تجاوز نسبة معينة من مستويات الزرنيخ غير العضوي في حبوب الأرز للأطفال، وقد بدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها، فقد انخفض بالفعل نسبة الزرنيخ الموجودة في حبوب الأرز للأطفال بنسبة 29 بالمئة بين عامي 2012 و2018 ولا تزال المبادرة مستمرة.
قد يهمك: السكريات والكربوهيدرات يمدان الجسم بالطاقة.. تعرّف إلى الفرق بينهما
نصائح لطهي الأرز
مديرة "مركز أبحاث الصحة البيئية للأطفال والوقاية من الأمراض" في الولايات المتحدة، مارغريت ريتا كاراجاس، شاركت نصائح لمساعدة العائلات على اتخاذ قرارات بشأن اختيار الأرز الذي يحتوي على كمية أقل من الزرنيخ:
-اختار الأرز الأبيض أكثر من الأرز البني.
-اختر أنواع الأرز التي تحتوي على نسبة أقل من الزرنيخ، بما في ذلك الأرز البسمتي الأبيض من كاليفورنيا أو الهند أو باكستان، أو أرز السوشي المزروع في الولايات المتحدة.
-عدم طهي الأرز في مياه الآبار الملوثة بالزرنيخ.
-اختار التنوع من خلال تناوب الأرز مع الحبوب التي تحتوي على نسبة منخفضة من الزرنيخ مثل الشوفان والشعير والكينوا والقمح.
-من الجيد طهي الأرز مثل المعكرونة، مع الكثير من الماء الإضافي، ثم تصفيته من الماء عندما ينضج للتخلص من بعض الزرنيخ، وتقول "إدارة الغذاء والدواء" الأمريكية إن هذه الطريقة يمكن أن تقلل مستويات الزرنيخ بنسبة تصل إلى 60 بالمئة.
ووفق دراسة نشرتها "جامعة شيفيلد" البريطانية، المصنّفة ضمن أفضل مئة جامعة في العالم، ذكرت طريقة يمكن من خلالها طهي الأرز والاحتفاظ بالعناصر الغذائية المعدنية، والتخلص من الزرنيخ الموجود في الأرز البني بنسبة 50 بالمئة، والأرز الأبيض بنسبة 74 بالمئة.
تتضمن الطريقة غلي الأرز جزئياً في ماء مغلي مسبقاً لمدة خمس دقائق قبل تصفية الماء وتجديده، ثم طبخه على نار خفيفة لامتصاص كل المياه، ويوصى بتنفيذها خلال تحضير طعام الأطفال من الأرز.
لماذا يوجد الزرنيخ في الأرز؟
يتواجد الزرنيخ بشكل طبيعي في المياه والتربة والصخور، ولكن مستوياته قد تكون أعلى في بعض المناطق عن غيرها، ويدخل بسهولة إلى السلسلة الغذائية وقد يتراكم بكميات كبيرة في كل من الحيوانات والنباتات التي يأكل الإنسان بعضها.
غالباً ما يتم تصريف الزرنيخ إلى المياه الجوفية، ومنها يجد الزرنيخ طريقه إلى الآبار وإمدادات المياه الأخرى التي يمكن استخدامها لري المحاصيل والطهي.
الأرز غير المقشور معرض بشكل خاص للتلوث بالزرنيخ، وذلك لكونه يزرع في الحقول المغمورة بالمياه (حقول الأرز) التي تتطلب كميات كبيرة من مياه الري، وقد يتراكم الزرنيخ في تربة حقول الأرز، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة، وهنا يمتص الأرز كمية أكبر من الزرنيخ من المياه والتربة مقارنة بالمحاصيل الغذائية الشائعة الأخرى.