تقارير وتحقيقات | 26 01 2024

بدأت التربية التركية بتكليف معلّمين سوريين بالبحث عن الطلاب المتسرّبين من المدارس بهدف إعادتهم إلى التعليم خلال الأيام الأخيرة، وسط معلومات عن توقف قيود بطاقات الحماية المؤقتة "الكمليك" لبعض العائلات السورية ممّن تسرّب أطفالهم من المدارس.
تفاجأ حسين، سوري مقيم في ولاية إسطنبول، أمس الخميس، بإيقاف قيود بطاقة الحماية المؤقتة "الكمليك" الخاصة به وابنه المتسرّب عن المدرسة قبل شهر فقط لا أكثر.
يقول لروزنة: "ابني عنده مشكلة في النطق بسبب طيف التوحّد، لذلك أبعدته عن المدرسة".
حالياً يعمل حسين على إعادة طفله للمدرسة، ومن ثم الذهاب إلى دائرة الهجرة في منطقة أسنيورت بإسطنبول، من أجل إعطائهم ورقة تسجيل الطفل في المدرسة لإعادة تفعيل قيوده، مشيراً إلى أن قيود زوجته وأطفاله الثلاثة البقية، لا زالت مفعّلة.
الرسالة التي وصلت حسين عند محاولته فتح معلومات وبيانات بطاقة الحماية المؤقتة الخاصة به، كتب فيها: "القيد غير موجود".
الناشط الحقوقي في تركيا، طه الغازي، أكّد لروزنة أن دائرة الهجرة أوقفت قيود بعض العائلات السورية في ولاية إسطنبول، وطلبت منها إحضار وثيقة طالب لكل الأطفال الذين هم بعمر المدرسة من أجل إعادة تفعيل القيود.
إيقاف قيود بطاقات الحماية المؤقتة يعني حرمان الأطفال السوريين من التعليم ومن الطبابة والعلاج في المستشفيات الحكومية وحرمان رب العائلة من مزاولة عمله، والكثير من الخدمات المقدّمة للسوريين عبر الكمليك، وفق "مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تركيا".
ماذا يحدث؟
تواصلت روزنة مع مصدر من دائرة الهجرة في ولاية إسطنبول، والذي أكد أن مسؤولي الهجرة طلبوا من الموظفين قبل أسبوعين "تنبيه السوريين حين مراجعتهم لضرورة تسجيل أطفالهم غير الملتحقين بالمدارس".
تعمل وزارة التربية التركية في كل عام على حملة تهدف إلى إعادة الأطفال المتسرّبين من المدارس، وفق المعلمة السورية، هدى، المقيمة في ولاية غازي عنتاب.
وتوضح هدى لروزنة، أنّ الحملة ليست جديدة، إذ تكلّفت شخصياً من قبل "التربية" بالبحث عن الطلاب المتسربين من المدرسة التي تعمل فيها، من أجل إقناع عائلاتهم لإعادتهم إلى التعليم.
وتشير هدى إلى عدم علمها بأمر تجميد قيود "الكمليك" لمن تسرّب عن المدرسة، موضحة: "المسؤولون اجتمعوا بعدد من المعلمين السوريين في أحد المراكز التربوية بالولاية، وكلّفوا كل معلم بالبحث عن عشرة طلاب متسرّبين، لم يقولوا لنا أي شيء آخر".
وتشرح: "عندما تدخل المعلمة إلى منزل الطالب، عليها الحصول على اسمه الكامل ورقم هويته "الكمليك" والأسباب التي دفعته للانقطاع أو التسرّب عن المدرسة".
وعن أسباب انقطاع الطلاب عن المدرسة، ترى هدى إنها متعددة منها تجنب التعرض لمواقف عنصرية يتعرّض لها بعض الطلاب، فيما تسرّب آخرون لتردي أوضاع أهاليهم المادية، حسب اطلاعها.
وتضيف المعلمة السورية: "إحدى طلابي المتسرّبين من الصف السابع يساعد والده، بسبب معاناته من مرض يمنعه عن العمل، دخلت منزلهم، لا يوجد تدفئة لديهم حتى" تقول بحزن على ما وصلت إليه العائلة.
كذلك تحدثت روزنة إلى معلمين آخرين، أشاروا خلال حديثهم إلى تكليفهم من قبل التربية التركية بالبحث عن الطلاب المتسرّبين بهدف إعادتهم.
كنان جيليك، مسؤول التعليم في إسطنبول، قال إن آلاف الأطفال السوريين الذين لا يستطيعون الوصول إلى التعليم يضطرون إلى العمل في وظائف غير رسمية، معظمهم من أسر فقيرة، وفق تقرير لموقع "9koy" التركي في تشرين الثاني الماضي.
وشدد جيليك أنه يتعين على الدولة أن تتعرف عليهم واحداً تلو الآخر، ولابد أن يكون هؤلاء الأطفال في المكان الذي ينبغي لهم أن يتواجدوا فيه، ليس في الصناعات أو المنسوجات، بل في المكاتب المدرسية "بعد اتخاذ القرارات اللازمة، يجب على الدولة أن تقدم لهؤلاء الأطفال المساعدة اللازمة للتعليم".
عدد الطلاب المتسربين من التعليم
ووفق بيانات رابطة "اللاجئين"، فإن عدد السوريين المسجلين في تركيا تحت وضع الحماية المؤقتة حتى أواخر 2023 بلغ 3 ملايين و214 ألف و780 شخصاً.
وبحسب تقرير صادر عن وزارة التعليم الوطني التركي في تشرين الأول الماضي، فإن نحو 400 ألف طفل سوري في سن التعليم من أصل مليون و125 ألف، خارج العملية التعليمية.
ويشير التقرير إلى أنّ 65 بالمئة من الأطفال السوريين يتلقون التعليم، فيما 35 بالمئة لا يذهبون إلى المدارس، وبيّن أن أسباب التسرب مختلفة، منها اختلاف النظام التعليمي التركي عن السوري، من حيث إلزامية التعليم.
التعليم في تركيا يعتبر إلزامياً حتى المرحلة الثانوية، أما في سوريا التعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الإعدادية، إضافة إلى الأحوال الاقتصادية.
اقرأ أيضاً: النظام التعليمي في تركيا.. أنواعه ومراحله وطرق التسجيل
وبحسب بيانات وزارة التربية الوطنية التركية لعام 2021، فإن عدد الأطفال السوريين الذين يذهبون إلى المدرسة يبلغ 938 ألفاً، أمّا عدد الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة يبلغ 435 ألفاً.
طلاب متسرّبون ولكن!
تواصلت روزنة مع عدد من العائلات في ولاية غازي عنتاب، ممن تسرّب أطفالهم من المدارس، وأكدوا أنّ قيود "الكمليك" لا تزال فعالة، فيما اشتكت العديد من العائلات في ولاية إسطنبول من إيقاف قيودهم.
هناء، سيدة سورية، مقيمة في ولاية غازي عنتاب، لديها 3 أطفال تحت سن الـ 18 خارج المدرسة، ورغم ذلك قيود الكمليك الخاصة بالعائلة لا تزال فعالة.
توضح هناء أن طفليها (10 - 12 عاماً) لم ترسلهما إلى المدرسة بعد زلزال شباط 2023 وذلك بسبب العنصرية التي عانوا منها من قبل الطلاب، أما الأخ الأكبر 14 عاماً لم يدخل المدرسة نهائياً.
"في كل مرة يعودون فيها إلى المنزل يكونون قد تعرضوا للعنف والضرب من قبل الطلاب، خفت عليهم فأبعدتهم عن المدرسة"، تقول هناء لروزنة.
كذلك "أم خالد"، لم ترسل طفلها هذا العام إلى المدرسة بسبب العنصرية التي عانى منها، وفق قولها، وتؤكد أنه لا تغيير على قيود "الكمليك"، حتى لحظة حديثها معنا.
قد يهمك: نصائح وخطوات لتسجيل الأطفال السوريين في المدارس التركية
هل القيود متوقفة؟
ويمكن معرفة تفعيل قيود "الكمليك" أو توقفها، عبر الدخول إلى تطبيق الحكومة الإلكتروني "الإي دولت"، على الرابط هنا، أو عن طريق البحث على الجملة التالية في التطبيق: "goc idaresi gecici koruma kisisel bilgi sorgulama sonuclari".
وفي حال ظهور كامل معلومات بطاقة الحماية المؤقتة "الكمليك" فالقيود مفعلة، أما في حال ظهورها باللون الأحمر، وعدم ظهور معلومات، فالقيود متوقفة.
كذلك، يمكن البحث عن الجملة التالية في محرك غوغل: "Yabancı Kimlik No Sorgulama"، ومن ثم إدخال كافة بيانات "الكمليك" وحينها يتبين فيما إذا كان القيد فعال أم لا.
هل إيقاف القيود يهدّد بالترحيل؟
يتخوّف سوريون ممن توقّفت قيود بطاقات الحماية المؤقتة الخاصة بهم من تعرّضهم للترحيل، في ظل حملات التشديد الأمني على الأجانب في كافة الولايات، ولا سيما التي تحتوي على أكبر عدد من السوريين، مثل ولايات إسطنبول وغازي عنتاب وهاتاي، حيث تنتشر سيارات دائرة الهجرة لمراقبة الأجانب ممكن لا يحملون أوراقاً ثبوتية، بهدف ترحيلهم.
المحامي حسام سرحان، من تجمع المحامين السوريين في تركيا، يقول لروزنة، إن أي خلل في بيانات اللاجئ، يجب أن يعالج وإلا فإنه معرّض للترحيل، ويعتبر مخالفاً للقوانين التركية.
وأكد: "يجب أن تكون البيانات سليمة (...) إيقاف القيد يعني أن الشخص غير موجود لدى الحكومة التركية".
تركيا: إيقاف الكمليك "خطأ مؤقت" وسوريون يتخوفون من القادم
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين تحت الحماية المؤقتة في تركيا 3 ملايين و214 ألف و780 شخصاً، وفق بيانات دائرة الهجرة التركية حتى أواخر العام الفائت.
وانخفض عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى الحكومة التركية بمقدار 321 ألفاً و118 شخصاً، منذ مطلع كانون الثاني 2023 وحتى آخر العام ذاته، لينخفض إلى أدنى مستوى له خلال السنوات السبع الماضية، وفق جمعية "اللاجئين".