تسبب إغلاق شركة حوالات مالية (مكتب تشييك) يتعامل بها مهاجرون غير شرعيين بإثارة مخاوف سوريين، الأمر الذي انعكس على بعض المهاجرين الذين باتوا عالقين في طريق الهجرة.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنباء تفيد باختفاء شركة "أهل الشام" للحوالات المالية التي مقرها إسطنبول التركية، في حين نفت الشركة تلك الأنباء مؤكدة عودتها للعمل بعد أيام.
مكاتب التشييك
يعتمد عمل مكاتب التشييك على تقديم ما يعرف باسم خدمة "التأمين" للمهاجرين بطريقة غير شرعية، عبر إيداع أموالهم لدى مكاتب التأمين (كشركة أهل الشام)، لتكون وسيطاً بين المهربين والمهاجرين.
اقرأ أيضاً: حلم الهجرة يسرق حياة ثلاثة سوريين خلال رحلاتهم إلى أوروبا
ولا يمكن اعتبار تلك المكاتب على أنها بنوك أو مكاتب حوالات مالية مرخصة، بسبب عدم قانونية معاملاتها.
اختفاء وإغلاق
أثار الإغلاق المفاجئ لمكتب إسطنبول التابع لشركة أهل الشام مخاوف سوريين كانوا قد سلّموا تأمينات مالية للمكتب، بهدف وصولهم إلى الأراضي الأوروبية.
واتهم عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الشركة بما وصفوه "اختلاس الأموال والهرب"، مناشدين من يملك معلومات عن الشركة تزويدهم بها، من أجل استرداد أموالهم.
في المقابل تداول بعض المتابعين على وسائل التواصل أن الشركة تعرضت للملاحقة من قبل السلطات التركية، بسبب ضلوعها في عمليات الهجرة غير الشرعية، وأنه "لا توجد عملية اختلاس وستعود إلى طبيعتها قريباً".
كيف ردت الشركة؟
أصدرت الشركة بياناً، نشرته في حسابها على منصة "تيك توك"، قالت فيه إنها تتعرض لما وصفته "حملة شرسة" طالت بعض الفروع والكوادر، دون أن تسمي تلك الهجمة وطبيعتها ومن يقف وراءها.
وأشارت إلى أنه في مثل هذه الحالة عند حدوث هجمات مماثلة تضطر الشركة إلى إعادة توزيع المبالغ المالية على فروعها، في حين تتأخر بعض الفرع في تسليم الأموال، مطالبة العملاء بالصبر.
ورفضت الشركة في بيانها الاتهامات الموجهة إليها، زاعمة أنها مازالت تحتفظ بأمانات العملاء "في ظل الضغط الهائل المفروض على حركة الجميع".
وفي محاولة أخرى لتهدئة الأهالي، نشرت الشركة بياناً آخر، وعدت فيه بأنها ستبدأ، اعتباراً من يوم الإثنين، بفرز جميع الحالات الموجودة لتأمين خط سير لكل المسافرين.
وبما يخص الأشخاص الذين يودون سحب المبالغ الخاصة بهم، طلبت الشركة منهم الانتظار لتتم جدولة السحب وتجزئة المبالغ تباعاً، مشيرةً إلى عدم صلتها بالبورصة أو التداولات المالية، وإنما المشكلة "هي أمنية فقط".
"ضياع تعب العمر"
عدد كبير من الذين أودعوا أموالهم لدى الشركة بعد مغادرتهم الأراضي التركية أصبحوا عالقين إما في اليونان أو في الغابات الأوروبية، بسبب عدم إتمام الاتفاق مع المهربين باستلام المبالغ المتفق عليها عن طريق الشركة.
وتقول إنعام (اسم مستعار) لـ"روزنة" بأن عائلة زوجها أودعت لدى الشركة مبلغ 10 آلاف يورو، قبل شهر، وأن والد زوجها وشقيقه عالقان الآن في اليونان، "في حين أغلقت الشركة جميع فروعها في إسطنبول وإزمير وحتى في لبنان".
وتصف السيدة السورية بأن ما تعرض له والد زوجها تسبب بـ"ضياع تعب العمر" بعد أن باع منزله في دمشق بهدف الهجرة إلى أوروبا، وأنه الآن مع شقيق زوجها مجبران على البقاء في اليونان حتى يتسلم المهرب حصته من شركة "أهل الشام"، بسبب عدم توفر مبلغ آخر لدفعه للمهرب.
"مازالوا عالقين"
الشركة التي تعتبر وسيطاً بين المهربين والمهاجرين غير الشرعيين تعمل منذ عدة سنوات، وهو ما أخبرنا به مؤيد (اسم مستعار)، الذي يعيش في دولة أوروبية، وكان قد أودع مبلغاً لدى الشركة أثناء انطلاقه في رحلة اللجوء، قبل سنوات.
أصدقاؤه مازالوا عالقين في "السكن الشبابي" باليونان وقد نفذ مصروفهم بعد إيداع مبالغ متفق عليها مع مهربين في مكتب الشركة في إسنيورت بإسطنبول، وفق قوله.
وأفاد بأن أصدقاءه تلقوا رسالة من الشركة عبر تطبيق واتس أب تعدهم فيها بأن المشكلة ستحل في الأسبوع القادم، دون تقديم ضمانات، في حين يطالبهم مالك السكن الشبابي بأجور الإقامة التي لا يملكون منها شيئاً.
تخوف وقلق الأهالي نابع من وجود حالات احتيال سابقة تعرض لها سوريون من مكاتب "تشييك"، خلال العام 2021، والتي كانت تعمل في تركيا، خلال تلك الفترة، بحسب منشورات وفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي.
مئة ألف مهاجر سوري خلال عام
كشفت وكالة أمن الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس) أن أكثر من 100 ألف سوري عبروا بطريقة غير شرعية إلى الأراضي الأوروبية، العام الماضي 2023.
ونوهت الوكالة في تقريرها الصادر يوم الثلاثاء الماضي، أن ذلك الرقم هو الأعلى بين جميع الجنسيات، يليهم الغينيون والأفغان. وشكلت هذه الجنسيات الثلاث الكبرى أكثر من ثلث جميع الإحصائيات.
وبحسب التقرير، فقد كان وسط البحر المتوسط هو طريق الهجرة الأكثر نشاطاً إلى الاتحاد الأوروبي، خلال العام الماضي، حيث يمثل اثنين من كل خمس حالات عبور غير شرعية بنسبة 41 في المئة، يليه غرب البلقان بنسبة 26 في المئة، وشرق البحر الأبيض المتوسط 16 في المئة.