"هددني العميد! وصدمت بالشام".. عن رحلة هروب من السودان ثم سوريا!

صورة لسيدة سورية / صورة تعبيرية - syriastories
خلال شهرين ونصف تغيّرت حياة الشابة السورية راما (27 عاماً) بشكل جذري، اضطرت لمغادرة السودان قبل شهر بسبب الحرب المندلعة فيها منذ منتصف نيسان، إلى العاصمة دمشق، لتصطدم بواقع وصفته بـ"المأساوي" لم تستطع التأقلم معه.
اضطرت مجدداً لمغادرة سوريا والسفر إلى لبنان قبل أيام قليلة، تقول راما لروزنة: "أنا اليوم ضائعة لا أعرف ماذا أفعل".
لدى راما ثلاثة أطفال، أقامت في العاصمة الخرطوم لمدة سبع سنوات.
قبل شهرين ونصف اندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ودفعت بأكثر من مليون شخص للهروب خارج السودان، وفق الأمم المتحدة.
ماذا حدث في العاصمة؟
"شو جابك لهون، أجيتي على جهنم"، أكثر جملة سمعتها راما منذ وصولها إلى دمشق جواً منتصف شهر حزيران، عبر شركة "أجنحة الشام" قادمة من مدينة بورتسودان الساحلية في السودان، بعد هروبها من العاصمة الخرطوم.
راما من بين السوريين الذين عادوا إلى دمشق بفعل الحرب السودانية، بعد غياب 7 سنوات.
تخبرنا عن انطباعها الأولي: "تفاجأتُ بالواقع، غرفة واحدة بمنطقة الفحامة في مركز العاصمة، إيجارها مئة دولار، ما يعادل مليون ليرة سورية، أما في الريف لا مياه ولا كهرباء".
وعاد 6 آلاف شخص من السودان إلى سوريا خلال شهر ونصف، وما بين ألفين وثلاثة آلاف سوري ينتظرون في مدينة بورتسودان، بحسب ما ذكر مصدر دبلوماسي لصحيفة "الوطن" المحلية، مطلع حزيران الفائت.
"الوضع بالشام تعيس جداً، بتركضي بتركضي بتحسي حالك بدوامة، عم أصرف 200 دولار وماعم يكفوا"، تضيف راما وهي متفاجئة من كل ما يحيط بها.
الشام غير التي عرفتها!
كذلك، عبرت عن ما وصفته بالـ"صدمة"، جراء ارتفاع نسب عمل الإناث مقارنة بالذكور، إضافة لعملهن في مهن بيع الخضروات والمعامل وغيرها، وهو ما لم تعهده قبل مغادرتها البلاد، على حد تعبيرها.
وتعبر أيضاً عن مشاهداتها الشخصية: "حتى التكسي أصبح بـ 25 ألف ليرة، أما السرافيس لا مكان فارغ، الكل يركض لحجز كرسي إن استطاع".
"واقع اجتماعي مترد، وفقر مدقع، ملاحقة أمنية منذ دخولها الحدود"، أسباب دفعتها للسفر إلى لبنان بطريقة غير شرعية، وبشكل سريع، حتى قبل أن تسكن الغرفة التي استأجرتها، لعدم امتلاكها جواز سفرها هي وأولادها.
أما زوجها، يقيم في أوروبا ويرسل لهم شهرياً مبلغاً محدداً ليستطيعوا تدبير أمورهم المعيشية.
اقرأ أيضاً: بعد شهرين ونصف على الحرب.. رحلات إجلاء من السودان لدمشق

ملاحقة أمنية
قبل أكثر من شهر عندما كانت راما في السودان، تنتظر مع مئات السوريين في ساحل مدينة بورتسودان رحلات الإجلاء "المزعومة"، جاء مندوب لسفارة النظام السوري وجمع جوازات السفر من الراغبين بالإجلاء، حسب الشابة.
بعد أيام من جمعه لجوازات السفر، وفي ظل سوء معاملته للسوريين، حدثت مشكلة، فرّ على إثرها واختفى مع مئات الأوراق الثبوتية، بينهم جواز سفر راما وأطفالها، وهي رواية تتقاطع مع شهادات سوريين سابقة لروزنة.
استطاعت راما حجز مقعد في شركة "أجنحة الشام" بمبلغ 500 دولار أميركي للشخص الواحد، أي 2000 دولار لها ولأطفالها، وبدون جواز سفر، في استثناء إداري حصلت عليه، بسبب الحرب السودانية.
وبعد وصولها دمشق، حاولت استخراج جوازات سفر جديدة من مركز الهجرة والجوازات، لكنها تفاجأت أنهم طلبوا منها مئة دولار كغرامة بسبب عدم امتلاكها جواز السفر أي 400 دولار عنها وعن أطفالها.
تشرح: "قلت لهم أن السفارة في السودان من أخذوا أوراقنا، لا دخل لنا بذلك"، ليطلبوا منها أيضاً تقديم إثبات بأن جوازها مع سفارة النظام، لكنها لا تملك دليل.
قد يهمك: مكذّبين الرواية الرسمية.. سوريون في السودان لروزنة: "لسنا بخير"
فرع الأمن السياسي "فيلم رعب"
"في السودان ضغط حياة أما هون أفلام رعب" تشرح راما لروزنة ما حدث معها.
طلب منها فرع الهجرة، مراجعة فرع الأمن السياسي بدمشق من أجل الموافقة للحصول على جوازات سفر جديدة، تستذكر بخوف: "قلبي توقّف عند سماعي لذلك".
ذهبت راما إلى فرع الأمن السياسي، وأجروا معها تحقيقاً لمدة تجاوزت الست ساعات.
"كنت بقصة الجوازات صرت بقصة تانية"، تقول راما.
منذ دخولها إلى الفرع السياسي، سألوها عن زوجها الذي في أوروبا، وأقاربها "أسئلة غريبة لا تخطر على بال أحد مثل ماذا كنت أعمل في السودان، في أي مكان كنت أقيم وأدرس، سألوني عن أولاد خالتي، أسماءهم أعمالهم" وفق قولها.
تتابع الحديث: "لم يصدقوني حول سفر زوجي (...) هددني العميد في الأمن السياسي حول ماقدمت من معلومات، قال بالحرف: يا ويلك إذا بتكوني عم تكذبي".
"عندما انتهى التحقيق وعدت إلى منزل أهلي، حزمت أشيائي مع الأطفال وخرجت إلى لبنان بطريقة غير شرعية من ثاني يوم صباحاً"، تقول راما.
وتقيم راما الآن عند أحد معارفها "ضائعة غير مستقرة" تنتظر إيجاد منزل بعدما عصفت بها الظروف خلال شهرين ونصف بين السودان وسوريا ولبنان.
تختم حديثها مع روزنة": "ما لحقت شوف أهلي. لم ارتاح بعد من حرب السودان، كل هذا في 75 يوم تقريباً!".
ويستمر الصراع في السودان بعد العديد من الهدن المخترقة من طرفي النزاع، مع تحذيرات أمريكية باتخاذ إجراءات بحق قائدَي الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد، وسط ظروف صعبة وخيارات محدودة لآلاف السوريين العالقين هناك.
الكلمات المفتاحية