شهر على الحرب السودانية وسوريون صامدون: "هنا حياتنا"

آثار القصف في العاصمة السودانية الخرطوم - الأناضول
"عشر سنوات في الخرطوم، هنا أسّست لحياتي العملية والشخصية، هنا تزوجت ورُزقت بطفلتين جميلتين، كيف لي أن أعود إلى نقطة الصفر في سوريا؟" يقول سامر الميداني (38 عاماً) شاب سوري يقيم في الخرطوم منذ 2012.
رغم استمرار الحرب السودانية، بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، والتي بدأت قبل 35 يوماً، قرّر سامر البقاء والصمود وعدم السفر إلى مكان آخر.
حوالي 30 ألف سوري يقيمون في السودان، المئات منهم خرجوا من البلد إلى وجهات مختلفة، مثل السعودية ومصر وإثيوبيا وسوريا أيضاً.
حرب كـ"الحلم".. تسبّبت بهجرة ونزوح
يقطن سامر في منزل قريب من مطار الخرطوم، حيث تدوي أصوات الأسلحة الثقيلة والمدافع المتراشقة والطيران بين الطرفين المتنازعين.
يتحدث سامر عن بداية الحرب التي وصفها بأنها كـ"الحلم"، لم يدرك وعائلته في الأيام الأولى ما يحصل.
"خلال أول أسبوع من الاشتباكات بقينا محاصرين في المنزل بلا مياه وكهرباء، استطعنا بعد ذلك الخروج إلى منطقة أخرى شرقي الخرطوم تدعى شارع الستين، جلسنا في أحد منازل أقاربنا الذين سافروا بسبب الحرب" يقول سامر.
في الأسبوع الثاني من الاشتباكات بدأ أهالي الخرطوم والأجانب بما فيهم السوريون بحزم أشيائهم والسفر إلى بورتسودان حيث يتم الإجلاء.
"قررتُ إرسال عائلتي إلى بورتسودان ومن ثم سوريا جواً ببطاقات طيران مدفوعة الأجر، حفاظاً على حياتهنّ، بينما أنا لم أستطع ترك عملي وحياتي التي أسّستها وكأن شيئاً لم يحصل".
يسعى سامر الذي يعمل ميكانيكي سيارات للحفاظ على مكان رزقه من أجل الاستمرار بعمله بعد انتهاء الحرب "في سوريا خسرنا كل شيء، لن أكرّر التجربة".
متحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قال أمس الجمعة، إن أكثر من مليون شخص نزحوا حتى الآن بسبب القتال الدائر في السودان، بينهم ربع مليون لاجئ.
وأوضح المتحدث، أن الرقم يشمل حوالي 843 ألف نازح في الداخل ونحو 250 ألفا فروا إلى خارج البلاد عبر الحدود، وفق وكالة "رويترز".
اقرأ أيضاً: سوريون لروزنة: إثيوبيا وجهتنا الجديدة هرباً من الحرب السودانية

القصف فوقنا
"القصف فوقنا وأصوات الطيران في الأجواء، ما عدا انتشار المجموعات المسلحة في الشوارع والنهب والسرقات" يصف سامر الوضع الحالي في الخرطوم.
الجيش السوداني، نشر بياناً، أمس الجمعة، ذكر فيه أن الجيش تصدى لقوات الدعم السريع و"حقق خسائر كبيرة للعدو ومئات القتلى والجرحى وتدمير عشرات العربات المسلحة والقضاء على عدد كبير من القناصة".
وتعرّضت الأبنية والمحال التجارية والأملاك الشخصية مثل السيارات إلى الدمار، يوضح سامر.
وذكرت وكالة "رويترز"، أمس الجمعة، أنه تجدد الهجوم الجوي على العاصمة السودانية الخرطوم ومدينة بحري المجاورة، مما يفاقم الأزمة الإنسانية التي يتعرض لها العالقون والنازحون من المدنيين.
وعن كيفية الاستمرار بالحياة يقول سامر: "عادت الكهرباء والمياه، المحال التجارية قسم منها مغلق وقسم يعمل، يوجد سوق للخضروات بعيد عني قليلاً، أشتري منه احتياجاتي، لكن محروقات لا يوجد إلا في السوق السوداء".
ويتابع: "كان ليتر البنزين قبل أكثر من شهر بـ 500 جنيه (0.83 دولار) بينما اليوم وصل سعره إلى 5 آلاف جنيه (8 دولارات)".
سوريون لا حول ولا قوة لهم: لا مال للسفر
الكثير من العائلات السورية لا تستطيع التحرك من الخرطوم العاصمة، التي تتركز فيها الاشتباكات، "ينتظرون انتهاء الحرب" يقول سامر.
ويوضح "لا مال لديهم للسفر أو حجز تذاكر طيران، نسبة لا بأس بها من الشباب السوريين يعملون بأجرة يومية، واليوم توقفت جميع الأعمال، فمن أين لهم السفر؟".
مها، سيدة سورية تقيم في مدينة بحري المجاورة للخرطوم، التي تعرّضت لدمار كبير بسبب الحرب، لا تستطيع الحراك من منزلها أو السفر خوفاً على حياتها وعائلتها المكونة من طفلين وزوجها، إضافة إلى وضعها المادي الصعب.
تقول لروزنة: "إنها ومنذ 12 يوماً لا كهرباء لديها ولا مياه، حتى الطعام أصبح من الصعب الحصول عليه في ظل القصف وتجدد الاشتباكات".
وذكرت تقارير إعلامية أن أحياء شمبات الأراضي وشمبات شمال والحلفايا في مدينة بحري شهدت الأسبوع الفائت اشتباكات عنيفة بين الطرفين المتنازعين، وانفجارات قوية تبعها إطلاق رصاص متواصل، وتحليق للطائرات الحربية.
وتنتشر قوات الدعم السريع في المناطق السكنية في جزء كبير من الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان المجاورتين وهو ما يدفع الجيش إلى شن ضربات جوية على نحو شبه متواصل، وفق وكالة "رويترز".
وقالت الأمم المتحدة، في الـ 17 من الشهر الجاري، إن أكثر من نصف سكان السودان بحاجة الآن للمساعدات والحماية في وقت يبحث فيه المدنيون عن ملجأ لهم من الضربات الجوية والاشتباكات المتفرقة في منطقة الخرطوم.
وفي جنيف، ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن 25 مليون شخص بحاجة للمساعدة، وقبل الصراع، كان الرقم نحو 15 مليوناً، وناشدت المنظمة تقديم مساعدات بقيمة 2.6 مليار دولار.
واندلع القتال في السودان بين الطرفين المتنازعين في 15 نيسان الفائت، بعد خلافات بشأن خطط دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني، وتسلسل القيادة في المستقبل بموجب اتفاق مدعوم دولياً لانتقال السودان نحو الديمقراطية وذلك بعد عقود من الحكم الاستبدادي مليئة بالصراعات.
الكلمات المفتاحية